اشتباكات طائفية في مصر تخلف قتلى وجرحى والأزهر يوفد ممثليه لاحتواء الوضع

نشطاء مسيحيون طالبوا الجيش بالتدخل لفرض الأمن وحماية الأقباط

مصري يمر أمام سيارة ومنزل أحرقا أثناء المواجهات بين مسلمين وأقباط في منطقة الخصوص بمحافظة القليوبية أمس (رويترز)
TT

خلفت اشتباكات طائفية بين مسلمين ومسيحيين في مصر، أمس، قتلى وجرحى. وسط إدانات واسعة للأحداث. وأوفد الأزهر ممثلين عنه لاحتواء الوضع، فيما طالب نشطاء مسيحيون الجيش بالتدخل لفرض الأمن وحماية الأقباط.

وأطلت الفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين بقوة من جديد على المشهد السياسي بمصر، حيث شهدت مدينة الخصوص التابعة لمحافظة القليوبية (شمال القاهرة) اشتباكات طائفية أسفرت عن مقتل خمسة أشخاص (بينهم أربعة مسيحيين)، وإصابة أربعة آخرين، بحسب إحصائيات وزارة الصحة المصرية، فيما قال القمص سوريال يونان كاهن كنيسة ماري جرجس بالخصوص إن ثمانية أشخاص (بينهم سبعة مسيحيين) لقوا مصرعهم وأصيب 14 آخرون في الاشتباكات التي بدأت الليلة قبل الماضية واستمرت حتى صباح أمس.

وقال الأنبا بطرس أسقف شبين القناطر، التي تتبعها مدينة الخصوص، لـ«الشرق الأوسط»: «هناك روايتان لبدء الأحداث؛ الأولى أن شابا قبطيا رسم غرافيتي على جدران أحد المعاهد الأزهرية، مما تسبب في مشاجرة بين عائلتين إحداهما مسلمة والأخرى مسيحية، والرواية الأخرى أن مجموعة من السلفيين اعتدوا على فتيات قبطيات لأنهن غير محجبات»، مشيرا إلى أنه لم يستوثق من صدق أي من الروايتين.

وأضاف أن الاشتباكات بدأت في الساعة السابعة مساء الجمعة واستمرت حتى صباح السبت، مشيرا إلى أن قوات الأمن عجزت عن فض الاشتباكات، مشيرا إلى أن عددا من الأسر المسيحية بالمنطقة اضطرت إلى مغادرة منازلها جراء الاشتباكات.

وتابع: «استخدم بعض السلفيين مكبرات الصوت في المساجد لاستدعاء حشود قامت بالاعتداء على منازل ومحلات وممتلكات المسيحيين بالمنطقة، حيث تم حرق 3 منازل وبضع سيارات مملوكة لمسيحيين كما تم اقتحام منزل نائب سابق بالبرلمان يدعى إسكندر سمير إسكندر وحرقه».

وأضاف أن بعض السلفيين حاولوا اقتحام الكنيسة الموجودة بالمنطقة إلا أن قوات الأمن استخدمت قنابل الغاز المسيل للدموع للحيلولة دون ذلك، مشيرا إلى أن قيادات الكنيسة طالبت الشرطة العسكرية بالتدخل لوقف الاشتباكات التي حولت المنطقة إلى حرب شوارع.

وأوضح أن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية يتابع تطورات الأوضاع بنفسه، كما أوفد عددا من كبار الأساقفة للصلاة على جثامين القتلى في كنيسة ماري جرجس الرشاح عقب انتهاء الإجراءات القانونية في النيابة.

وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن «الهدوء عاد إلى منطقة الخصوص بعد ليلة من الاشتباكات بين المسلمين والمسيحيين»، مشيرة إلى أنه تم الدفع بتعزيزات أمنية لحماية كنيسة ماري جرجس ومنع اقتحامها.

وأضافت المصادر أن الأجهزة الأمنية بمحافظة القليوبية ألقت القبض على 20 من المتسببين في اشتعال الأحداث من الطرفين، وأنهم حاليا قيد التحقيق، مشيرة إلى استمرار وجود التعزيزات الأمنية في الخصوص لمنع تجدد الاشتباكات.

وقالت مصادر قضائية إن نيابة شمال القليوبية بدأت تحقيقات موسعة، بإشراف المستشار حاتم الزيات المحامي العام الأول، في أحداث الفتنة الطائفية بالخصوص، مشيرة إلى أن فريقا من النيابة العامة انتقل فور علمه بالأحداث إلى مكان الواقعة، وقام بإجراء معاينة تصويرية لموقع الأحداث والتحفظ على الأسلحة المضبوطة وفوارغ الطلقات وإرسالها إلى المعمل الجنائي لفحصها.

وأمرت النيابة الطبيب الشرعي بتشريح جثث المجني عليهم لتحديد أسباب الوفاة، كما طلبت تحريات المباحث حول الواقعة والاستماع إلى شهود الحادث والاستعلام عن حالة المصابين وسماع أقوالهم.

من جانبه، ندد اتحاد شباب ماسبيرو بما سماه «الاضطهاد الممنهج ضد الأقباط واستهدافهم في وجود قوات الأمن». وقال أندراوس عويضة المنسق العام للاتحاد في بيان له أمس: «هل الشرطة لا تعرف شيئا سوى حماية مقر جماعة الإخوان المسلمين بالمقطم وتطلق النيران على المتظاهرين ولكن لا تحمي أرواح الأقباط».

واتهم عويضة الشرطة بالتقاعس عن حماية ممتلكات المسيحيين، مشيرا إلى تزامن هذه الأحداث مع التظاهرات التي شهدتها مدن مصرية أمس في ذكرى تأسيس حركة 6 أبريل.

من جهته، ناشد المحامي نجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان الفريق أول عبد الفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي بإرسال قوات الشرطة العسكرية نظرا لعدم قدرة الشرطة التابعة لوزارة الداخلية على تأمين المسيحيين.

وقال جبرائيل لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلسل الاعتداء على المسيحيين في تزايد والدولة لا تحرك ساكنا والشرطة لا تستطيع حماية الممتلكات والأرواح، لذلك الحل هو تولي الشرطة العسكرية التأمين».

واستنكر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الأحداث التي وصفها بـ«المؤسفة» والتي أودت بحياة بعض الأبرياء من أبناء الوطن. وقال بيان صدر عن الطيب أمس إنه أوفد ممثلين عن بيت العائلة المصرية (الذي أسسه والبابا شنودة الثالث الراحل) للذهاب فورا إلى مكان الحادث لفهم حقيقة ما جرى، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تفاقم الوضع، حفاظا على قدسية النسيج الوطنيّ، الذي يتميز به الشعب المصري مسلموه ومسيحيوه عبر العصور والأزمان.

من جانبه، قال الدكتور سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي لها الرئيس محمد مرسي، إن ما يحدث من فتنة طائفية في الخصوص غير مقبول وخطير، هناك من يريد إشعال مصر وافتعال أزمات».

وأضاف الكتاتني في تدوينة على صفحته بموقع «فيس بوك» للتواصل الاجتماعي: «على عقلاء المنطقة احتواء الأزمة وعلى الجهات الأمنية اتخاذ كافة التدابير لوقفها وضمان أمن المواطنين وعلى الرموز الدينية التدخل لإنهاء الاحتقان».