قمة في مارسيليا اليوم لإحياء «الاتحاد من أجل المتوسط»

رؤساء برلمانات 43 بلدا يعقدون اجتماعهم الأول على خلفية «الربيع العربي» والأزمة المالية

TT

تستضيف مدينة مارسيليا الفرنسية المتوسطية، اليوم، أول قمة لرؤساء البرلمانات الأوروبية - المتوسطية، وهو أول حدث من نوعه ومن هذا المستوى منذ قمة إطلاق «الاتحاد من أجل المتوسط» في صيف عام 2008.

وتأتي قمة مارسيليا المتوسطية، التي تضم 43 بلدا، بناء على دعوة مارتن شولتز، رئيس البرلمان الأوروبي ورئيس الجمعية البرلمانية لـ«الاتحاد من أجل المتوسط». والأهم من ذلك، أنها أول حدث أوروبي - متوسطي منذ انطلاق «الربيع العربي» الذي أفضى إلى تحولات جذرية طالت أربع دول عربية. وأطاح الربيع العربي اثنين من أعمدة الاتحاد، هما: الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وجمد خصوصا نشاطات الاتحاد بعد أن كان النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي قد عرقل الخطط والمشاريع التي واكبت انطلاقته.

واستبق شولتز الحدث بإعلانه أن القمة «فرصة لإظهار أن البرلمانيين جاهزون لملء فراغ الريادة السياسية» التي عاناها «الاتحاد من أجل المتوسط» في السنوات الأخيرة ومشددا على الرغبة في «تسريع العمل بالمشاريع التي حضر لها الاتحاد على وقع التحولات الجذرية الاقتصادية والسياسية في المنطقة». وبرأيه، فإنه من الضروري إعادة وصل الصلة بين مواطني المتوسط من جهة وتوافر أداء برلماني أوروبي - متوسطي قوي من جهة أخرى لإنجاح «التحولات الديمقراطية» الجارية في البلدان المتوسطية.

غير أن هذه النظرة المتفائلة لا تلاقي حماسا زائدا من المعنيين بالأمر من أوروبيين وغير أوروبيين. فقد قال أمس مصدر فرنسي معني مباشرة بالبناء الأوروبي - المتوسطي لـ«الشرق الأوسط» إن التحولات الديمقراطية في العالم العربي «جاءت في زمن أزمات أوروبا المالية والاقتصادية، بحيث إن الاتحاد الأوروبي لم يكن قادرا على الدفع إلى الأمام بعكس ما كانت عليه الحال عند سقوط حائط برلين». وتضيف هذه المصادر: «المواطنون الأوروبيون منطوون على مشاكلهم الداخلية من قبرص إلى اليونان وإيطاليا وإسبانيا، ولذا فإن الغرض من مارسيليا هو محاولة إيقاظ الاتحاد المتوسطي وتعبئة القوى الراغبة في العمل على استعادة هذا المشروع الطموح، ولكن مع تغيير الطرق والوسائل». وبالمقابل، قالت مصادر عربية متوسطية لـ«الشرق الأوسط» إن الاتحاد «مشروع جميل، ولكننا ما زلنا ننتظر منه أشياء محسوسة لم نرها حتى الآن».

وينتظر أن يصدر عن القمة «إعلان مارسيليا» المفترض به أن يتبنى بعض الخلاصات التي توصل إليها «منتدى أنا ليند» الساعي لإقامة حوار بين مكونات المجتمع المدني على ضفاف المتوسط وتعبئة المنظمات الفاعلة على هذا الصعيد. وقد ضمت أعمال المنتدى نحو 1300 مندوب عن جمعيات أهلية غير حكومية، بما فيها من سوريا التي لا تمثل اليوم في قمة رؤساء البرلمانات ،باعتبار أنها جمدت عضويتها في الاتحاد في عام 2011.

وبالإضافة إلى الدينامية التي يسعى إليها الاتحاد من خلال تعبئة المجتمع المدني، برز توجه جديد يقوم على التعاون بين «المناطق» مباشرة وعدم اقتصاره على الدول والمركز، بينما تبقى الغاية الأولى إعادة الروح إلى الاتحاد من أجل المتوسط. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، لم تنطفئ شعلة الاتحاد بفضل جهود سكرتاريته الموجودة في مدينة برشلونة. ويشغل منصب الأمين العام للاتحاد حاليا السفير فتح الله سجلماسي، مغربي الجنسية، الذي يحاول جاهدا تركيز الاهتمام على المشاريع المحسوسة والمشتركة التي تتخطى النزاعات السياسية وترتبط بالمصالح والهموم الجماعية، مثل توفير المياه العذبة ومعالجة المياه المبتذلة والطاقة الشمسية والطرق البحرية والتلوث البيئوي والتبادل الطلابي.

وكانت الجمعية البرلمانية لـ«الاتحاد من أجل المتوسط» قد أطلقت نهاية عام 2003 في مدينة نابولي وحددت لها ثلاث وظائف رئيسة هي: دفع الشراكة الأوروبية - المتوسطية، ممارسة الرقابة على الأعمال والمشاريع المشتركة، وأخيرا بلورة وتبني توصيات توضع في عهدة الاجتماعات الوزارية للاتحاد. وتضم الجمعية ممثلي البرلمانات الوطنية الأوروبية والمتوسطية، فضلا عن ممثلين عن البرلمان الأوروبي. وسيعقد الاجتماع القادم للجمعية في بروكسل يومي 11 و12 أبريل (نيسان) الحالي.