وزير الخارجية القطري: جاء زمن السلام إلى دارفور سلام تحرسه التنمية قبل أن تحرسه القوة

المانحون يجتمعون في الدوحة لتأكيد دعمهم.. وجمع 7.2 مليار دولار من أجل وضع أسس تنمية طويلة المدى

وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني لدى افتتاحه أعمال المؤتمر الدولي للمانحين في دارفور بالدوحة
TT

بدأ ممثلو الدول المانحة وهيئات الإغاثة الدولية في الدوحة، أمس، مؤتمرا يستمر يومين ويهدف إلى دعم استراتيجية إعادة بناء إقليم دارفور بعد عقد من النزاع الذي شهد ارتكاب فظاعات بحق المدنيين.

وفي افتتاح المؤتمر، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني الذي رعت بلاده محادثات السلام في دارفور خلال السنوات الماضية: «جاء زمن السلام إلى دارفور، سلام تحرسه التنمية قبل أن تحرسه القوة».

وإذ شدد على أن السلام في دارفور بات «واقعا» بعد عشر سنوات من انطلاق النزاع، طمأن الشيخ حمد المانحين بقوله، إن «ما تقدمونه من دعم مالي لدارفور لن يذهب هباء ولن يتبدد في أجواء المعارك والحروب».

ويحضر المؤتمر الذي يستمر يومين بالخصوص النائب الأول للرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ورئيس السلطة الإقليمية لدارفور التيجاني سيسي والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة ونحو 400 مندوب عن حكومات ومنظمات أهلية.

وينعقد المؤتمر في إطار تنفيذ اتفاق السلام الذي وقعت عليه الخرطوم مع تحالف من المجموعات المتمردة في الدوحة في يوليو (تموز) 2011.

وخلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر قال رئيس السلطة الإقليمية لدارفور التيجاني سيسي، إن «أهل دارفور ينتظرون الكثير من هذا المؤتمر.. لذلك فإننا نتوقع من مؤتمركم هذا دعما سياسيا لهذه الاستراتيجية مصحوبا بالدعم المادي والفني والعيني لإنفاذ برنامج إعادة الإعمار».

وأعلن سيسي في كلمته «عن قيام مؤتمر للاستثمار في دارفور نهاية هذا العام (..) استجابة للرغبة القوية التي أبداها رأس المال الأجنبي»، بحسب تعبيره.

من ناحيته، دعا ممثل أمين عام الأمم المتحدة علي الزعتري إلى «العون الإنساني والتنموي في دارفور».

وعلى صعيد آخر، جدد علي عثمان محمد طه «الدعوة لجميع حاملي السلاح لاتخاذ القرار التاريخي بالانحياز لإرادة أهل دارفور»، بحسب تعبيره في الكلمة التي ألقاها في افتتاح المؤتمر، إلا أن المسؤول السوداني حذر أيضا المجموعات التي لم تنضم بعد لاتفاق السلام «بأن الوقت قد قارب على الانتهاء وأن أهل دارفور وأهل السودان وحكومة السودان، بل والمجتمع الدولي بأسره لن يقبل بأن تقف هذه المجموعات المسلحة عائقا دون السلام والتنمية».

وفي هذا الإطار أيضا، عبر التيجاني سيسي عن «أمل كبير بأن ينضم إلى السلام رتل من الإخوة بعد أن يحسموا أمرهم وهم يرون قافلة السلام تمضي وتتمدد».

وناشد الدكتور نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كل المشاركين في المؤتمر، المساهمة المادية بشكل فاعل لجمهورية السودان لتعزيز فرص الاستقرار والسلام بشكل كامل في ولايات دارفور الخمس.

وقال الدكتور العربي في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، إن «نشر السلام واستعادة الاستقرار يقوم على اتفاقات السلام من جانب، وكذلك على دعم البينة التحتية والاقتصادية والتنموية من جانب آخر»، مضيفا: «ليس من الصواب رهن معاجلة الأوضاع الإنسانية والتنموية بالانتهاء من التسويات السياسية».

ودعا الدكتور العربي كل الأطراف السودانية إلى نبذ العنف وعدم الاحتكام للسلاح والأخذ بلغة الحوار كمنهج وحيد واللحاق بركب السلام والتنمية في دارفور.

وأكد أن مؤتمر المانحين الذي بدأ بالدوحة يدعم الجهود السياسية والدبلوماسية التي بذلت على مدى سنوات طويلة مع الفعاليات السودانية المختلفة من حكومة ومعارضة والشركاء الدوليين والتي أثمرت عن اتفاق يرسخ السلام في دارفور. وقال: «إن هذا الاتفاق الذي وقعت عليه الأطراف في يوليو 2011 أصبح منذ ذلك التاريخ عنوانا للسلام المنشود»، داعيا كل «الفصائل الدارفورية للانضمام لهذا الاتفاق في أقرب وقت». ولفت إلى أن الفقر والآثار السلبية للجفاف والتصحر هي من مسببات أزمة دارفور «التي تتطلب تضافرا في الجهود الدولية والإقليمية لمساعدة السودان بإنشاء بنية تحتية اقتصادية واجتماعية صلبة في الإقليم تكافح الفقر وترد الحقوق وترفع المظالم».

وأشار الدكتور العربي إلى أن المشاركة الفاعلة في هذا المؤتمر المهم أمر توجبه الاعتبارات الإنسانية والضرورات الاقتصادية والاجتماعية ويتسق مع الاهتمام الدولي الكبير نحو إنهاء الأزمة في دارفور. وتطرق إلى جهود جامعة الدول العربية على الصعيد السياسي والتنموي في دارفور، مبينا أن مسألة إعادة الإعمار والتنمية في دارفور ظلت من أولويات العمل العربي المشترك في السودان.

وقال إن الجهد العربي أسهم في إعادة تأهيل 100 قرية و250 مركزا خدميا و80 مركزا صحيا و75 محطة مياه بالإضافة إلى توفير الخدمات الاجتماعية المناسبة.

ونوه في ختام كلمته بدعوة الرئيس السوداني جميع الأطراف لحوار جامع وجاد، كما ثمن خطوة الإفراج عن المعتقلين السياسيين واعتبرها مؤشرا إيجابيا على السلام وحث المجتمع الدولي على بذل المزيد من الجهود لترسيخه.

من جهته، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي، أن انعقاد المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور يشكل بداية فصل جديد في مسيرة دارفور ويعطي أملا جديدا لسكان الإقليم الذين عانوا سنوات جوع وخوف.

وقال أوغلي في كلمته التي ألقاها في بداية المؤتمر، إن انعقاد هذا الحدث يفرض تحديا كبيرا على المجتمع الدولي وإن خطوات السلام التي تتسارع في دارفور تحتاج إلى دعم دولي حاسم من أجل تعزيز التنمية وإعادة البناء بما يجعل من السلام خيارا وحيدا لمواطني دارفور ويمنع الانزلاق مرة أخرى للحروب والدمار.

ودعا الحركات المسلحة التي لم توقع على اتفاق سلام دارفور في الدوحة إلى الاستماع لصوت الحكمة والعقل بالانضمام إلى اتفاقية سلام الدوحة بما يحقق خير أهل دارفور، مؤكدا أن هذه الاتفاقية ما زالت تشكل الإطار الأنسب لكل من يرغب في تحقيق السلام بالإقليم، حيث نجحت الاتفاقية في دفع مسيرة التنمية والبناء والاستقرار.

وأشاد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بالجهود التي بذلتها دولة قطر لتحقيق اتفاقية السلام، معربا عن أمله بأن يؤدي اتفاق سلام الدوحة إلى تحقيق سلام عز مطلبه وطال انتظاره.

ويتضمن برنامج المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة الإعمار والتنمية في دارفور جلستين «لإعلان الدعم السياسي والتعهدات المالية» في برنامج اليوم (الاثنين).

ويسعى المؤتمر للحصول على دعم لاستراتيجية تنص على جمع 7.2 مليار دولار من أجل وضع أسس تنمية طويلة المدى عبر تحسين مشاريع المياه والطرقات والبنى التحتية بشكل عام.