كيري يطلب من الأتراك دعم مساعي السلام.. والإسرائيليون يرفضون وساطتهم

عشية وصوله إلى تل أبيب ورام الله في جولة مكوكية لمحاولة استئناف المفاوضات

كيري يصافح داود أوغلو بعد المؤتمر الصحافي في إسطنبول أمس (أ.ب)
TT

عشية وصول وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة في جولة ستتبعها جولات مكوكية، ولقائه بالمسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين اليوم، بغية استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتوصل إلى حل، كشف النقاب عن رفض إسرائيل تسليم تصورها لخريطة الدولة الفلسطينية التي توافق على إقامتها، وكذلك رفض مسؤولين إسرائيليين عرض الإدارة الأميركية إدخال تركيا وسيطا في جهود تسوية الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بدعوى أنها متحيزة للفلسطينيين، بينما كشف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات أن الإدارة الأميركية حاولت إدخال تعديلات على مبادرة السلام العربية، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) والدول العربية.

ودلل عريقات على توجهات الإدارة الأميركية، مشيرا إلى أن الرئيس باراك أوباما تعمد عدم ذكر حدود 1967، عندما تحدث عن حل الدولتين في كل الخطابات التي ألقاها لدى زيارته الأخيرة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن.

وقال كبير مستشاري الرئيس التركي، إرشاد هورموزلو، لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو اتصل مسبقا برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل واستشارهما مفصلا بطرح موضوع الدولتين خلال اللقاء مع كيري، مشيرا إلى أن الجانب التركي كان واضحا لجهة التأكيد على أنه لا حل إلا حل الدولتين وفقا لحدود عام 1967. وكشف هورموزلو أن الجانب الأميركي طلب مساهمة تركيا في هذا الملف بعد أن كانت رفعت يدها بسبب الأزمة التي عصفت بالعلاقات مع إسرائيل جراء الهجوم على السفينة «مرمرة». ونفى المسؤول التركي ممارسة بلاده أي ضغوط على الجانب الفلسطيني لتسويق الموضوع، مؤكدا على ثبات الموقف التركي الذي يرتكز على أن «ما يرضي الفلسطينيين يرضينا، فمطالب الفلسطينيين تهمنا جدا». وأضاف: «قلنا بوضوح للأميركيين إن أي حل لا يشمل قيام دولة فلسطينية مستقلة تنعم بالهدوء والاستقرار لا يمكن أن يكون قابلا للحياة».

ورد المصدر السياسي الإسرائيلي على قول كيري إنه سيطلب من القيادة التركية المشاركة في جهود الوساطة لاستئناف عملية السلام واستغلال علاقتها مع حماس للضغط من أجل إنجاح هذه المحادثات، بالقول: «إسرائيل سعيدة بالعلاقات الحارة التي عادت مجددا مع تركيا، ولكننا لم نسمع عن أي مبادرة تركية، ولست متأكدا من تلك الأنباء، وعلى الرغم من التطور الإيجابي في العلاقة مع أنقرة، أشك في إمكانية أنه يمكنها لعب دور الوسيط لموقفها الواضح دون لبس إلى جانب الفلسطينيين».

وقال وزير شؤون الطاقة والمياه سيلفان شالوم، إن «هناك ما يكفي من وسطاء في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، ولا حاجة لوسيط جديد». وأضاف في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية، أمس، أن الولايات المتحدة تبذل جهودا كبيرة لاستئناف المفاوضات، وتستأنس بالدور المصري لهذا الغرض، وهذا يكفي. وكان كيري قد وصل إلى إسطنبول؛ محطته الأولى، في جولة تشمل إسرائيل والأراضي الفلسطينية، ثم لندن وشمال شرقي آسيا، للبحث في الأزمات الدولية الأكثر سخونة من سوريا إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وكوريا الشمالية.. وشدد كيري، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو، على أهمية التقارب بين تركيا وإسرائيل بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط، معتبرا أن بإمكان تركيا أن تلعب دورا «رئيسا» فيها. وقال: «إن تركيا تستطيع بطرق كثيرة أن تلعب دورا رئيسا، وتقدم مساهمة كبيرة في عملية السلام»، مضيفا أن «بلدا بهذه الدينامية والطاقة، مثل تركيا، يمكن أن يكون له تأثير عميق على عملية السلام».

وقبل ذلك، دعا كيري تركيا وإسرائيل إلى تطبيع علاقاتهما الدبلوماسية التي اعتبرها «مهمة من أجل الاستقرار في الشرق الأوسط»، وذلك بعد اعتذارات إسرائيل لأنقرة عن مقتل 9 أتراك في 2010، أثناء الهجوم على سفينة متوجهة إلى غزة. وتابع القول: «نريد أن تعود هذه العلاقة المهمة من أجل الاستقرار في الشرق الأوسط، والأساسية حتى بالنسبة لعملية السلام نفسها، إلى طبيعتها». وأضاف كيري أنه «من المهم أن تتقدم مسألة التعويضات، وأن يعود سفيرا» الدولتين إلى مركزيهما، معبرا عن «ثقته بأن يتحلى الجانبان بالإرادة الطيبة».

يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضغط من الرئيس الأميركي باراك أوباما، اتصل قبل نحو الأسبوعي بنظيره التركي وقدم اعتذارا رسميا عن مقتل 9 أتراك على يد الجيش الإسرائيلي أثناء العدوان في مايو (أيار) 2010، على سفينة محملة بالمساعدات الإنسانية كانت موجهة إلى غزة، وغايتها كسر الحصار المفروض على القطاع. وأبدى نتنياهو استعداد إسرائيل لدفع تعويضات لأسر الضحايا. ويفترض أن يصل في 11 أبريل (نيسان) إلى أنقرة وفد من إسرائيل لمتابعة بحث موضوع التعويضات التي فشلت الجولة الأولى في التوصل إلى اتفاق بشأنها، بسب الهوة الواسعة التي يطالب بها الأتراك (مليون دولار لكل ضحية) وما تعرضه إسرائيل (100 ألف دولار).

وفي الموضوع الإيراني، حذر كيري طهران من أن الوقت ينفد بالنسبة للمفاوضات الجارية بينها وبين القوى العظمى وطهران حول برنامجها النووي المثير للجدل. وقال كيري في المؤتمر الصحافي مع أوغلو: «إنها ليست عملية من دون نهاية.. لا يمكن أن نتحاور فقط من أجل الحوار». من جانبه، أعلن داود أوغلو أنه اتفق مع كيري على ضرورة عقد اجتماع مصغر لمجموعة أصدقاء سوريا بأسرع وقت ممكن، وأنهم سيبدأون الاستعدادات من أجل ذلك، مشيرا إلى أن مارس (آذار) الماضي، الذي شهد مقتل نحو 7 آلاف سوري، كان أكثر الأشهر دموية في سوريا، خلال العامين الأخيرين.

وفي تصريحات صحافية، أوضح عريقات أن الأميركيين حاولوا إدخال تعديلين أساسيين على المبادرة العربية يوافق الفلسطينيون بموجبه على «تعديلات حدودية» عند تحديد حدود الدولة الفلسطينية، في حين يتطرق التعديل الثاني إلى موافقة الدول العربية على تعاون إقليمي مع إسرائيل.

من ناحية ثانية، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن نتنياهو يرفض بشدة أن يسلم كيري خريطة تحدد حدود الدولة الفلسطينية. وكشفت الصحيفة في عددها الصادر، أمس، أن نتنياهو يرفض الشرط الذي طرحه عباس حول موافقة إسرائيل على الدولة الفلسطينية، مما يعني أن فرص تحقيق انفراجة على جهود التسوية تؤول إلى الصفر.