«الحر» يخسر مواقع استراتيجية في ريف حلب ويستهدف رتل دبابات في دمشق

خبير عسكري: درعا ستكون قاعدة المعارضة لتنظيم الهجوم على العاصمة

مقاتل من «الجيش الحر» يراقب مواقع الجيش بمنطقة درعا جنوب غزة قبل أيام (أ.ب)
TT

خسرت المعارضة السورية أمس، مواقع استراتيجية في ريف حلب بعد تمكن القوات النظامية من السيطرة على قرية عزيزة وجسر عسان بعد اشتباكات عنيفة استمرت طوال الأسبوع الماضي. ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له عن ناشطين في حلب قولهم إن «الكتائب المقاتلة انسحبت من القرية بسبب نقص الذخيرة واشتداد الاشتباكات».

وتقع القرية على الطريق المؤدي إلى مطار النيرب العسكري شرق مدينة حلب، وتحتل موقعا استراتيجيا مهما بسبب وقوعها على هضبة مرتفعة بحيث يمكن للقوى العسكرية المتمركزة فيها الإشراف على أحياء في جنوب المدينة. وتبعد قرية عزيزة نحو أربعة كيلومترات عن حيي المرجة والشيخ سعيد اللذين يسيطر عليهما مقاتلو المعارضة. وتسعى «كتائب الجيش الحر» إلى السيطرة على مطار النيرب العسكري الذي يعتبر من أهم مواقع النظام في حلب، إضافة إلى معامل الدفاع وأكاديمية الأسد.

وفي دمشق، استمرت المواجهات بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية، حيث قال اتحاد تنسيقيات الثورة إن «قوات الجيش الحر استهدفت رتل دبابات أثناء مروره في حي العباسيين بدمشق، مما أدى إلى تدمير دبابة وإعطاب اثنتين في محاولة من الجيش الحر لإبعاد قوات وآليات النظام خارج أسوار المدينة». وأشار مجلس قيادة الثورة في العاصمة دمشق إلى أن «القوات النظامية» قصفت منطقة جوبر بـ«مواد سامة» وبث ناشطون صورا على مواقع الإنترنت تظهر أشخاصا بدت عليهم أعراض الاختناق والصداع وضيق شديد في حدقة العين.

وفي درعا التي تكتسب موقعا معقدا بسبب امتلاكها حدودا مع الأردن تبلغ 370 كيلومترا، إضافة إلى قربها من الجولان المحتل، أفادت «شبكة شام» المعارضة أن قوات «الجيش الحر» استهدفت بالمدفعية الثقيلة مبنى للمجموعات الشعبية التابعة للنظام على طريق السد بدرعا، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى وتدمير جزء كبير من المبنى، وقال ناشطون: «المبنى كان أحد معاقل القناصة التابعين للنظام».

كما أفاد المرصد السوري عن سيطرة كتائب «الحر» على حاجز الرباعي العسكري بعد اشتباكات وحصار استمر أياما. وأشار المرصد إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف الطرفين وإلى تمكن المعارضة من «اغتنام أسلحة وذخائر» من الحاجز.

ويخوض مقاتلو «الجيش السوري الحر» معارك عنيفة في محافظة درعا جنوب سوريا، بهدف السيطرة بشكل كامل على المدينة التي تبعد عن العاصمة أقل من 60 كيلومترا. لكن المدينة ما زال النظام السوري يملك فيها مواقع عسكرية مهمة أبرزها مقر الفرقة الخامسة واللواء 61 والفرقة التاسعة.

وبحسب قيادي في «الجيش الحر»، فإن الهدف من القتال في المدينة هو تحريرها تمهيدا للانتقال إلى دمشق وليس جعلها «منطقة عازلة» كما يشاع في وسائل الإعلام. ويقول العقيد المنشق، عارف الحمود لـ«الشرق الأوسط» إن كتائب المعارضة أحرزت خلال شهر مارس (آذار) الماضي تقدما نوعيا في معارك درعا، مشيرا إلى «سيطرة المقاتلين على نحو 25 كيلومترا من الحدود مع الأردن وتحرير بعض المعابر الفرعية، إضافة إلى السيطرة على اللواء 38 والكتيبة 49 التابعين لسلاح الجو النظامي، وتحرير جميع الحواجز حول مدينة داعل التي تمت السيطرة عليها بالكامل، إضافة إلى قطع الطريق القديم الذي يربط درعا بدمشق وإحكام السيطرة عليه».

ويتفق الخبير العسكري اللبناني العميد المتقاعد نزار عبد القادر مع الحمود في ما يخص تحويل درعا إلى منطقة عازلة، مشيرا لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «المنطقة العازلة تعني إبعاد الخطر عن جهة ما والقتال في منطقة محايدة، وهذا لا ينطبق على الوضع في المدينة»، ويقول: «يمكن لدرعا أن تتحول في حال تحريرها مع الريف إلى قاعدة استراتيجية لحشد القوى اللازمة من المعارضة لتنظيم الهجوم على دمشق» ويضيف: «الهجوم على العاصمة حيث معقل النظام لا يمكن أن يتم من الشمال بسبب البعد الجغرافي.. درعا قريبة جدا من العاصمة، مما سيجعل لها دورا كبيرا في عملية الحسم في العاصمة».

ويستند عبد القادر، بتحليلاته على تقارير إعلامية تؤكد قيام وكالة الاستخبارات الأميركية بإقامة معسكرات تدريب لمقاتلي المعارضة داخل الأراضي الأردنية، مشيرا إلى أن «هؤلاء المقاتلين يتم إعدادهم ليكونوا قوة ضاربة في الحشد العسكري الذي سيتم إعداده بدرعا كقاعدة لتوجه إلى دمشق».

وكانت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية قد أشارت إلى قيام الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بالإشراف على عمليات تدريب لعناصر المعارضة السورية في الأردن. وقالت الصحيفة: «خطة التدريب تهدف إلى تقوية العناصر المعتدلة في صفوف المعارضة بحيث تشكل ثقلا مضادا للجماعات المتطرفة من جهة، وبناء قوى أمنية لحفظ النظام في حالة سقوط نظام بشار الأسد من الجهة الأخرى». وأوضح عبد القادر أن «الموقف الرسمي الأردني لم يقم بأي عمل عدائي ضد النظام في دمشق»، مشيرا إلى أن «المعلومات التي تفيد بتدريب عناصر للمعارضة على أراضيه تأتي ضمن اتفاقيات سرية تم عقدها سابقا مع الولايات المتحدة الأميركية».

لكن الحمود، ينفي هذه المعلومات، مؤكدا أن «الاستخبارات الأميركية لو أرادت أن تدعم الثورة في سوريا لكانت قدمت المساعدات إلى (الجيش الحر) في منطقة الشمال حيث توجد الكتائب الرئيسة». وعن تدفق الأسلحة من الأردن إلى درعا يقول: «الأردن بلد ضعيف ومن دون إرادة، مما يجعله يعمل وفق الأجندة الغربية التي لا تريد حاليا تسليح المعارضة، الأمر الذي يجعل الحديث عن تدفق الأسلحة من الأردن مبالغا فيه وعاريا عن الصحة».

وبخصوص الموقف الإسرائيلي الذي تحدث عن إقامة منطقة عازلة على الحدود الجنوبية القريبة من مدينة درعا، خوفا من الجماعات الإسلامية المتشددة، قال الحمود: «إسرائيل لا تريد زوال النظام السوري لأنه يضمن حدودها آمنة منذ وقت طويل كما أنها تضغط على الولايات المتحدة الأميركية كي لا تدعم المعارضة السورية».

بدوره، يرى عبد القادر في الموقف الإسرائيلي «ترجمة لثلاثة هواجس تتمثل في خوف إسرائيل من إمكانية حصول حزب الله اللبناني أو المجموعات الأصولية على الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام، الأمر الذي يهدد إسرائيل، إضافة إلى الخشية من (جبهة النصرة) وما يماثلها من كتائب متشددة التي قد تسعى في مرحلة لاحقة إلى تنفيذ عمليات إرهابية على الحدود مع الجولان، فيما الهاجس الثالث ينحصر في محاولة النظام تصدير أزمته إلى إسرائيل عبر افتعال عمليات على الحدود». ويلفت عبد القادر، إلى أن «سعي (الجيش الحر) لتحرير درعا يأتي في سياق تحقيق أهدافه بالسيطرة على جميع المعابر الحدودية في البلاد لزيادة عزلة النظام وقطع صلته بالعالم الخارجي».

ويوجد معبران حدوديان بين الأردن وسوريا هما «جابر» من الجانب الأردني و«نصيب» من الجانب السوري، و«الرمثا» من الجانب الأردني، و«درعا» من الجانب السوري. وتمتد الأراضي التي تفصل سوريا عن الأردن على نحو 370 كيلومترا.

يذكر أن القوات النظامية لا تزال تمتلك العديد من المواقع العسكرية في درعا، حيث توجد الفرقة الخامسة في منطقة إزرع، والفرقة التاسعة في بلدة جاسم، إضافة إلى اللواء 61 في منطقة طفس، بينما تقاتل المعارضة في درعا بعدة كتائب تتبع جميعها «الجيش الحر»؛ أبرزها: «لواء التوحيد الدرعاوي» و«كتيبة فجر الإسلام»، بالإضافة إلى عناصر قليلة من «جبهة النصرة» الإسلامية.