سيارة مفخخة تهز دمشق وتوقع عشرات القتلى والجرحى

مركز حقوقي: عدد قتلى الجيش النظامي تجاوز 8000 خلال سنتين

سيارات معطوبة ودخان متصاعد في مكان تفجير السيارة المفخخة وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

انفجرت سيارة مفخخة أمس، وسط العاصمة السورية دمشق في منطقة السبع بحرات طلعة الشاهبندر، قرب البنك المركزي ووزارة المالية، المكتظة عادة بالناس، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 20 شخصا وإصابة 80 جريحا، بحسب التلفزيون الرسمي الذي اتهم «انتحاريا بشن هجوم بسيارة مفخخة في وسط حي الأعمال الرئيس بدمشق»، بينما رد ناشطون معارضون بـ«وضع الانفجار في سياق سلسلة الانفجارات التي يدبرها النظام السوري في مناطق أمنية يسيطر عليها لاتهام المعارضة بها». وقال ناشطون إن «عددا من الأطفال في مدرسة ابتدائية بالقرب من مكان الانفجار قتلوا، بينما تسبب الانفجار في حريق بهيئة الأوراق المالية وأضرار مادية بالغة»، وألحق أضرارا بالغة في مكتب وكالة الصحافة الفرنسية القريب. وعرض التلفزيون الرسمي لقطات لعدد من الجثث في الشارع، بينها جثتان متفحمتان وسط حطام حافلة مقلوبة. بينما تخمد عربات الإطفاء النيران المندلعة من سيارات دمرها الانفجار.

وقالت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «التفجير الإرهابي ألحق أضرارا كبيرة بمدرسة سليم بخاري وجامع بعيرا ومنازل المواطنين وعشرات السيارات المارة والمتوقفة في المنطقة، إضافة إلى اندلاع حريق في موقع التفجير». ونفت «سانا» حدوث أي اشتباكات كما أوردت بعض القنوات الإعلامية، موضحة أن «بعض عناصر الأجهزة المختصة أطلقت بعض الأعيرة النارية لإبعاد المواطنين عن المكان وإفساح المجال أمام سيارات الإطفاء للقيام بعملها».

في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء السوري، وائل الحلقي، تصميم بلاده على «سحق الإرهابيين»، معتبرا أن الانفجار جاء ردا على «إنجازات» الجيش السوري. وقال: «نحن نقول لكل من يقف وراء تلك التفجيرات، إن الشعب السوري متماسك، والحكومة السورية تؤدي واجباتها تجاه أبناء شعبها، والشعب السوري حزم أمره لأنه سيمضي إلى الأمام ليسحق كل تلك المجموعات الإرهابية المسلحة».

وأضاف الحلقي الذي زار مكان الانفجار: «إرهابكم لن يفيد، وكلنا كسوريين متمسكون بأننا سنقف وسنتكافل وسنناضل مع قواتنا المسلحة من أجل سحق تلك المجموعات الإرهابية وبناء سوريا المنشودة، سوريا الديمقراطية التعددية». ورأى أن الانفجار جاء «بالتوقيت بالزمان والمكان» ردا على «ما حققته القوات المسلحة من إنجازات في الأيام الثلاثة الأخيرة، فكان لا بد لتلك المجموعات ومن يقف خلفها، من الدول المتآمرة على سوريا وعلى الشعب السوري، أن تقوم بهكذا عمل إرهابي». واعتبر الحلقي الحادث «عمل الجبناء والضعفاء».

أما المعارضة، فقالت على لسان علاء الباشا، الناطق باسم «لواء سيف الشام»، لـ«الشرق الأوسط»: «إن النظام في دمشق بدأ يعتمد على سياسة تفجير السيارات المفخخة، والسبب أنه يريد حشد أكبر عدد ممكن من الناس ليقفوا ضد المعارضة»، وأشار الباشا إلى «وجود أكثر من أربعة حواجز أمنية تحيط بمكان التفجير»، متسائلا: «كيف استطاعت السيارة المفخخة أن تعبر إلى هناك». وأوضح أن «(الجيش الحر) لو أراد استهداف المنطقة لوضع سيارة مفخخة عند وزارة الداخلية التي تبعد عن مكان التفجير نحو 22 مترا وليس قرب مدرسة».

واتهم العقيد عبد الحميد زكريا، الناطق الرسمي باسم هيئة أركان القيادة العسكرية الثورية، النظام السوري بالتفجير، واصفا إياها بالعملية «الإجرامية».

وقال زكريا في اتصال عبر الـ«سكايب» مع «الشرق الأوسط»، إن «العملية من صنع النظام السوري، ويريد بها توجيه رسالة إلى سكان العاصمة دمشق بعدم احتضان الثوار». ونفى العقيد زكريا قدرة الجيش السوري الحر وعناصره على الوصول إلى هذه المنطقة، التي وصفها بـ«المحاطة بالمقار الأمنية»، والتي لا تستطيع كل الأجهزة الأمنية العادية وحتى التابعة للنظام السوري الدخول إلى هذه المنطقة، باستثناء قوى أمنية رفيعة المستوى تابعة مباشرة للرئيس الأسد.

وأكد زكريا أن معركة دمشق الحقيقية لم تبدأ بعد، وهيئة الأركان العامة لـ«الجيش الحر» لا تنوي خوض معركة في دمشق حاليا، حتى تضمن وصول الإمدادات الكافية، ولكي تكون معركة قصيرة تجنب أهالي العاصمة العنف والدمار، إذا طال أمدها، مشددا على أن «الجيش الحر» بأركانه «لن يكرر أخطاءه بإطالة أمد المعارك في المناطق السورية وعلى وجه التحديد دمشق، كما حدث في حلب (شمال) سوريا وحمص (وسط البلاد)».

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن صوت الانفجار سمع بقوة على بعد 3 كيلومترات تقريبا، كما شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من موقع التفجير، الذي تبعه إطلاق نار كثيف من الحواجز الموجودة في محيط الانفجار. وأغلقت قوات الأمن كافة الطرق وسط العاصمة، كما لوحظ انتشار كثيف لقوات الجيش في محيط المقرات الأمنية والحكومية القريبة.

وتعتبر المنطقة التي وقع فيها الانفجار محصنة أمنيا، حيث تخضع لمراقبة مشددة من قبل الأجهزة الأمنية السورية، بسبب وجود الكثير من المرافق الحكومية فيها، أبرزها وزارتا المالية والداخلية، لكنها رغم ذلك شهدت في فبراير (شباط) الماضي تفجيرا في جامع الإيمان، أدى إلى مقتل 50 شخصا، بينهم العلامة الشيخ سعيد رمضان البوطي، حيث تبودلت الاتهامات حول المسؤولية عن هذه الحوادث بين السلطات والمعارضة.

في موازاة ذلك، قالت لجان التنسيق المحلية إن «الجيش الحر» سيطر على حقل الرماية التابع للفرقة السابعة بعد اشتباكات عنيفة مع القوات النظامية في بلدة شقحب بريف دمشق، في حين قصفت القوات النظامية أحياء حمص القديمة المحاصرة بصواريخ أرض/ أرض فجر أمس.

وفي مدينة الرقة التي تسيطر المعارضة على أجزاء واسعة منها، قال ناشطون إن اشتباكات عنيفة اندلعت في محيط مطار الطبقة العسكري بريف الرقة. وكان «الجيش الحر» قد قصف المطار بصواريخ محلية الصنع في وقت سابق ردا على الغارات الجوية التي تشنها طائرات النظام على مدينة الرقة وريفها.

وفي سياق متصل، رصد مركز توثيق الانتهاكات في سوريا أعداد القتلى والجرحى والمفقودين منذ بداية الانتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد. وقال أمس، إن 8785 جنديا نظاميا سوريا قتلوا في الصراع الدائر منذ أكثر من عامين. واستند المركز في تقريره إلى مصادر في الحكومة والمعارضة. وكانت السلطات السورية في بداية الانتفاضة تنشر أسماء جنودها القتلى يوميا، إضافة إلى قيام التلفزيون الرسمي ببث مقاطع جنازاتهم، ومع ارتفاع وتيرة العنف، توقف إعلام النظام عن الإعلان عن أرقام قتلى القوات النظامية وأسمائهم.