دمشق ترفض مهمة محققي الأمم المتحدة كما حددها بان كي مون

المعارضة تطالب بتفتيش إلزامي

TT

رفضت دمشق مساء أمس مهمة التحقيق التي قررتها الأمم المتحدة حول استخدام أسلحة كيميائية في سوريا كما حددها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لجهة انتشار المحققين على كل الأراضي السورية، بحسب ما أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية.

وقال المصدر في تصريح أوردته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن «الأمين العام (...) طلب مهاما إضافية بما يسمح للبعثة بالانتشار على كامل أراضي الجمهورية العربية السورية، وهو ما يخالف الطلب السوري من الأمم المتحدة»، معتبرا ذلك «انتهاكا للسيادة السورية». وأكد أن سوريا «لا يمكن أن تقبل مثل هذه المناورات من الأمانة العامة للأمم المتحدة آخذة في الاعتبار حقيقة الدور السلبي الذي لعبته في العراق والذي مهد زورا للغزو الأميركي»، في إشارة إلى الحملة الأميركية على العراق خلال حكم الرئيس العراقي صدام حسين بحجة امتلاك بغداد لأسلحة بيولوجية.

ورغم مطالبة النظام السوري في وقت سابق الأمم المتحدة بالتحقق من استخدام المعارضة للأسلحة الكيماوية، وذلك في ظل تأكيدات المعارضة على لجوء النظام إلى هذا النوع من الأسلحة بتقديمها أدلة تثبت هذا الأمر، لا تزال السلطات السورية تقف عائقا أمام البدء بهذه المهمة التي أبدى الأمين العام لأمم المتحدة بان كي مون، استعداده للبدء بالتنفيذ خلال 24 ساعة.

وعبرت الخارجية السورية عن «الأسف» لأن بان كي مون «رضخ للضغوط التي مارستها دول معروفة بدعمها لسفك الدم السوري»، من دون أن يحدد هذه الدول. وأوضحت أن الطلب السوري إلى الأمين العام للأمم المتحدة تضمن «إرسال بعثة فنية محايدة ونزيهة إلى قرية خان العسل في محافظة حلب للتحقق مما جرى بعد تعرض القرية لهجوم بصاروخ يحتوي على مواد كيميائية سامة أطلقته المجموعات الإرهابية». وأشارت إلى أن المشاورات «والرسائل المتبادلة» بين الطرفين السوري والدولي أشارت لغاية الثالث من شهر أبريل (نيسان) إلى تحقيق تقدم إيجابي، قبل أن يصل بان إلى لاهاي ويطلب «مهاما إضافية». وكان بان قد طالب في مؤتمر صحافي صباح أمس من لاهاي من الدول الثماني أن يلتحقوا بالدول المشاركة في الحظر على هذه الأسلحة. وفي ما يتعلق بسوريا، أكد بان كي: «أننا ملتزمون بدء التحقيقات لحظر استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا وننتظر الآن موافقة الحكومة السورية لإرسال فريق التفتيش»، مشيرا إلى أن «فريقا مستعد للانتشار خلال 24 ساعة وهو موجود في قبرص»، لافتا إلى «وجود مشكلات قانونية وإجرائية سورية تمنع توجه فرق التفتيش الدولية إلى سوريا». يذكر أن بشار الجعفري، ممثل سوريا في الأمم المتحدة، اشترط بنهاية الأسبوع الماضي، أن يقتصر التفتيش على حلب إضافة إلى إدخال تعديلات على المعايير القانونية والخاصة بالإمداد والتموين، في رسالة قدمها إلى رئيسة مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع الأسلحة أنجيلا كين. كما أكد دبلوماسيون في الأمم المتحدة أنه لم يتم بعد اتفاق بشأن دخول مفتشي الأسلحة الكيماوية الدوليين إلى سوريا، وسط معارضة من النظام السوري الذي تحفظ على المدى الذي سيباشر فيه فريق التحقيق مهامه. وفي حين اعتبر العقيد في الجيش الحر، عبد الجبار العكيدي، أنه من الطبيعي أن لا يسهل النظام مهمة الأمم المتحدة، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، «التحقيق في هذا الأمر سيكشف حقيقة الجرائم التي يقوم بها وأنواع الأسلحة ولا سيما الكيماوية منها، التي يستخدمها، الأمر الذي سيؤدي إلى إدانة دولية له»، رأى أحمد رمضان، عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، تصرف النظام حيال طلب الأمم المتحدة للتحقق باستخدام الأسلحة، بأنه دليل واضح على المراوغة التي اعتاد النظام أن يلجأ إليها، وذلك بعدما كان هو قد طالب بالتحقق من استخدام المعارضة للأسلحة الكيماوية، وها هو اليوم بدأ يضع العراقيل أمامها بعدما قررت القيام بهذه المهمة. وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط»: «لدى المعارضة أدلة موثقة تؤكد استخدام النظام للغازات السامة والأسلحة الكيماوية الموضوعة في قنابل صغيرة وتم استخدامها في حمص وريف دمشق وريف حلب وإدلب، وبالتالي فإن أي تحقيق بهذا الأمر سيشكل إدانة صريحة للنظام». وفي حين كانت فرنسا وبريطانيا قد طالبتا الأمم المتحدة في الشهر الماضي بالتحقيق في هجمات شنتها قوات النظام قرب دمشق وفي حلب وحمص في أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، اتهمت فيها المعارضة النظام باستخدام الأسلحة الكيماوية، أعلنت الأمم المتحدة الشهر الماضي أنها ستحقق في اتهامات النظام السوري بأن مقاتلي المعارضة استخدموا أسلحة كيماوية في هجوم على مدينة حلب بشمال البلاد. غير أن دبلوماسيا بالمنظمة الدولية قال لوكالة «رويترز»، إنه «لم يحرز اتفاقا حتى الآن بشأن دخول المفتشين بسبب معارضة النظام السوري للمدى الذي سيباشر فيه فريق التفتيش مهامه».