نيودلهي تتوقع زيادة التجارة مع إيران إلى 25 مليار دولار خلال 4 سنوات

الخارجية الأميركية: نأمل من الهند زيادة الالتزام بالعقوبات

TT

رغم الضغوط التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران، فإن الهند تواصل تعزيز روابطها الاقتصادية مع الجمهورية الإسلامية.

ويقول أرفيند ميهتا، رئيس لجنة التجارة والصناعة الهندية، إن قيمة التبادل التجاري بين البلدين تبلغ في الوقت الحاضر 15 مليار دولار، وسوف تزيد إلى 25 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة.

ويشهد الاقتصاد الهندي الآخذ في النمو بسرعة زيادة كبيرة في الطلب على الطاقة التجارية، بما في ذلك النفط والغاز. وتعمل الحكومة الهندية على وضع خطة لتأمين واردات النفط من إيران للحفاظ على إمداد سلس لإمدادات الطاقة، وكذلك توسيع التجارة في السلع الأخرى ويقول إس دي راوات، وزير التجارة الهندية، إن «إيران حليف وثيق وشريك اقتصادي مهم للهند»، مشيرا إلى أن الهند ستواصل الالتزام بنهجها المتوازن في علاقاتها مع إيران التي تتلاعب بالضغوط الأميركية من ناحية، والمصالح الاستراتيجية والتجارية لنيودلهي في طهران من جهة أخرى. وأضاف راوات أنه رغم العقوبات الأوروبية والأميركية على إيران، فإنه لا تزال التجارة والاستثمار قابلتين للزيادة.

وكانت الهند قد أعلنت التزامها بالعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال خفض مشترياتها من النفط الإيراني التي حصلت على إعفاء من العقوبات الأميركية.

على الجانب الآخر، اختتم وفد التجارة الإيراني إلى الهند مؤخرا صفقات لشراء شحنات من السكر والأرز وفول الصويا، في إطار خطة لطهران لاستخدام مثل هذه الاتفاقيات للالتفاف على العقوبات المالية الأميركية على الشحنات النفطية. وتساعد إيرادات صادرات النفط الإيرانية البلدان المصدرة للأرز الهندي في استعادة جزء من التجارة المربحة التي خسرتها لصالح سائقي الشاحنات عبر الحدود في باكستان نتيجة العقوبات الغربية.

وعادت صادرات الأرز الهندي إلى إيران إلى سابق عهدها مرة أخرى، بفضل شركات الشحن التي تحصل على أموالها مقدما بالروبية من مقدار ضخم من أموال النفط المستحق لإيران لدى شركات التكرير الهندية.

وقال سوريش مانتشاندا، مدير التسويق لشركة مقرها دلهي تصدر الأرز والقمح والسكر إلى إيران: «الآن يجري العمل بشكل مباشر؛ لأنه يتم السماح لإيران بفتح خطابات اعتماد بالروبية الهندية؛ لأن الحكومة تضطر لدفع المال إلى إيران مقابل النفط».

تعمل الحكومة الإيرانية على توفير الروبية الهندية بسهولة أمام المستوردين حتى يتمكنوا من القيام بأعمال تجارية بصورة أسهل بكثير من التعامل بأي عملة أخرى. وكانت الهند أكبر مصدر للأرز لطهران، لكن شحنات الأرز المتوجهة إلى إيران توقفت في أوائل عام 2012 بعد تعثر المشترين الإيرانيين عن السداد، حيث توقف الكثير من الموردين الهنود حينئذ لرفضهم البيع الائتماني.

وفي الوقت ذاته، أوضح وزير البترول والغاز الطبيعي الهندي فيرابا مويلي في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن الهند ليس لديها نيات لوقف الواردات من إيران. وقال مسؤولون في وزارة البترول والغاز الطبيعي إنه «رغم انخفاض الواردات من إيران مقارنة بالعام الماضي، فإنه لا توجد نيات لوقف ورادات النفط الخام بشكل كلي».

وتعتبر الهند ثاني أكبر مشتر للنفط الإيراني بعد الصين؛ حيث تشتري ربع صادراتها النفطية من طهران بنحو مليار دولار شهريا. وفي الوقت الذي لا يمكن للهند أن تودع فيه أي عملة بالدولار أو باليورو في أي بنك أجنبي بغرض استيراد النفط الخام من إيران بسبب العقوبات، تم حصر الدفع على العملة الهندية (الروبية) التي يمكن لإيران أن تستخدمها لشراء السلع من الهند. وتعد قيمة الواردات الإيرانية من الهند أقل بكثير من صادرات النفط الخام الإيرانية إلى البلد الجنوب الآسيوي.

وقال ياش سينها، السكرتير بوزارة الشؤون الخارجية، إن «كلا من وزارة البترول والشحن ووزارة المالية يجري مشاورات حول إنشاء صندوق لضمان تأمين واردات النفط من إيران بمبلغ 200 مليار روبية، وتعتمد شركات التأمين الهندية على نظيراتها الأوروبية الكبيرة لإعادة التأمين ضد المخاطر؛ لأنها قد تقع في ورطة مالية عميقة حال قامت بدفع تعويضات ضخمة».

وفي ظل عدم رغبة شركات التأمين الأجنبية لتغطية أي عمل لإيران مرتبط بعقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ستقع المصافي الهندية تحت وطأة التهديد.

وقالت مصادر إن وزارة المالية قد اقترحت أن تنشئ صندوقا في غضون شهر بمبلغ مائة مليار روبية من شركات التأمين الهندية من أقساط إعادة التأمين التي تدفع لهم بواسطة المصافي، بالإضافة إلى دفع مائة مليار أخرى من قبل مجلس تنمية صناعة النفط الذي يقوم بتحصيل الضرائب على النفط الخام.

ويقضي الاقتراح بأن تستمر هذه المساهمات على مدى السنوات الثلاث المقبلة لإنشاء صندوق بقيمة 600 مليار روبية في نهاية المطاف.

وقال مسؤول كبير في وزارة التجارة: «من غير المحتمل أن يتم إيقاف شحنات النفط من إيران في هذه المرحلة. وبصرف النظر عن النفط، فالعلاقات التجارية بين إيران والهند آخذة في الازدياد، من جانبهم أبدى الإيرانيون اهتماما تجاه استيراد السلع التجارية المختلفة، بما في ذلك المنتجات الزراعية، ومن ثم فإن أي قرار سلبي بشأن النفط الخام سوف يعرض هذه الفرصة العظيمة للخطر».

وقد قام عدد من الوفود التجارية ورجال الأعمال، بما في ذلك اتحاد المصدرين الهنود (FIEO) برحلات عمل إلى إيران وعادوا مرة أخرى محملين بالكثير من الوعود التي تبشر بالنجاح. وستنظم وزارة التجارة أيضا معرضا هنديا في إيران خلال عام 2013 إذا سارت الأمور على نحو جيد.

وتعليقا على العلاقات الاقتصادية المتنامية بين إيران والهند، قال مصدر في الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة ليست في نزاع مع الهند، لكنها تتوقع مزيدا من التزام الهند بمقاطعة نفط إيران. وأضاف أن المشكلة لا تهدد العلاقات بين البلدين، وأن بلاده تدرك اعتماد الهند على النفط الإيراني، وأنها كانت نصحت الهند بالبحث عن بدائل، منذ السنة الماضية، عندما بدأ تنفيذ القانون الأميركي بمقاطعة النفط الإيراني.

وقال المصدر إن وفدا هنديا كان زار واشنطن في فبراير (شباط) الماضي، وبحث موضوع واردات الهند من نفط إيران، وإن الجانب الأميركي كرر أهمية التزام الهند بالعقوبات.

وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، هيلاري كلينتون، حتى قبيل نهاية فترة عملها في يناير (كانون الثاني) الماضي، كررت أهمية التزام الهند بالقانون الأميركي. وقالت خلال زيارة إلى الهند في نهاية العام الماضي: «تعمل الهند بالتأكيد على خفض مشترياتها من البترول الإيراني. ونحن نشيد بالخطوات التي اتخذتها حتى الآن». لكنها أضافت: «نأمل أن يتخذوا المزيد من الخطوات».

وقالت مصادر أميركية إن الهند كانت، منذ البداية، من الدول التي عارضت توسيع العقوبات الغربية على إيران، وخاصة في مجال البترول، وذلك لأن الهند تستورد جزءا من حاجياتها النفطية من الشرق الأوسط، وتخشى، ليس فقط قطع النفط الإيراني، ولكن، أيضا، توتر الوضع العسكري والسياسي مع إيران، مما قد يتسبب في حرب في المنطقة تعرقل كل إمدادات نفط الشرق الأوسط.

وقالت المصادر الأميركية إنه قبل القانون الأميركي كانت إيران تشكل نسبة 20 في المائة من واردات الهند النفطية. ثم انخفضت النسبة إلى 10 في المائة بعد أن زادت الهند وارداتها النفطية من السعودية والعراق والإمارات.