الرئيس الفرنسي يريد قانونا سريعا يفرض الشفافية في السياسة

وزير الخارجية ينفي نفيا «قاطعا» امتلاكه أي حساب سري في الخارج

TT

استبق وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في وقت متأخر من ليل الأحد - الاثنين الخبر الذي نشرته أمس صحيفة «ليبراسيون» اليسارية وقوامه أن موقع «ميديا بارت» الإخباري الذي كشف فضيحة الحساب السري في جنيف ثم في سنغافورة لوزير الخزانة المستقيل جيروم كاهوزاك يمتلك معلومات «قد» تفيد أنه لفابيوس «حساب سري أو أكثر» في سويسرا. الوزير الفرنسي أصدر بيانا نقل إلى وكالة الصحافة الفرنسية ينفي فيه «نفيا قاطعا الإشاعة» التي روجت لها الصحيفة الفرنسية لأنها «لا تستند إلى أي عنصر مادي ولا تقوم على أي أساس أبدا». ويشير فابيوس في البيان المذكور إلى أنه كلف محاميه متابعة الموضوع «قضائيا» لإثبات كذب الإشاعة و«وقف تداول أخبار كاذبة ومغرضة».

وحتى بعد ظهر أمس، لم يصدر شيء جديد عن «ليبراسيون» ولا عن موقع «ميديا بارت» إن نفيا أو تأكيدا لـ«إشاعة» حسابات فابيوس الذي هو وزير ورئيس حكومة سابق والرجل الثاني في الحكومة الحالية وأحد «فيلة» الحزب الاشتراكي الفرنسي. والمثير في الأمر أن «ميديا بارت» نفسها أكدت أنها «لا تمتلك سوى المعلومات المنشورة على موقعها» الأمر الذي يطرح أكثر من سؤال بصدد ما تشيعه اليومية الفرنسية التي لم تطلع على أي وثيقة تؤكد زعمها. وذهب مدير تحرير الموقع الإخباري إلى اتهام «ليبراسيون» بأنها «فقدت بصيرتها لأنها حولت إشاعة إلى خبر».

وإن صحت إشاعة فابيوس أو لم تصح، فإن الجو العام الحكومي سوداوي للغاية. فوزير المالية السابق جيروم كاهوزاك الذي اعترف بامتلاكه حسابا مصرفيا سويسريا للتهرب من الضرائب بعد نفي «قاطع» لم يقر سوى بنصف الحقيقة إذ أن معلومات نقلها التلفزيون السويسري تفيد أنه ليس فقط كان يملك حسابا سريا برصيد 600 ألف يورو بل إنه حاول أن يفتح حسابا آخر بمبلغ 15 مليون يورو. وهنا دارت التساؤلات: من أين جاءته هذه الأموال؟ وأين رست إذا كان مصرف «يو بي إس» في جنيف رفض استقبالها؟ وهل لديه حسابات سرية أخرى في الفراديس الضرائبية عبر العالم؟

واضح أن الأمور تتفاعل وإذا صحت شائعة فابيوس فستكون بمثابة ضربة قاصمة للحكومة وللرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند شخصيا ولن تعود كافية التدابير التشريعية التي ينصب الإليزيه والحكومة على درسها تمهيدا لصياغتها في مشروع قانون يقر في مجلس الوزراء ويعرض على البرلمان. والهدف من كل ذلك توفير الشفافية ومحاربة الفساد وإلزام أفراد الحكومة والنواب الإعلان عن ثرواتهم الشخصية ومنع النواب من ممارسة مهنة المحاماة ووضع حد لتعدد الوظائف الانتخابية ومحاربة الغش والتهرب الضريبي وتشديد العقوبات على المخالفين وتحصين استقلالية القضاء ومنع أي محكوم عليه في جنح مالية من أن ينتخب لمنصب عام.

ويسعى هولاند ورئيس الحكومة جان مارك أيرولت إلى استعادة «المبادرة السياسية» وهدفهما التوصل إلى إقرار القانون الجديد قبل حلول الذكرى الأولى لانتخاب الأول رئيسا للجمهورية في السادس من مايو (أيار). وبعد أن استبعد هولاند الخضوع لمطالب جاءته من اليمين ومن اليسار المتشدد من خلال إحداث تغيير حكومي، فإنه أيضا يستبعد طرح الإصلاحات التي يقترحها في استفتاء عام بسبب مزاج الرأي العام. والمؤكد أن استفتاء من هذا النوع سيتحول سريعا إلى استفتاء على هولاند نفسه.

وعلى أي حال يريد هولاند الخروج سريعا من هذه «الورطة» لأنها تمثل النقيض لكل ما وعد به خلال حملته الانتخابية وخصوصا إقامة «الجمهورية النموذجية» ومصالحة المواطن مع السياسة وإعادة الأخلاق والوطنية إلى العمل العام. والحال، أن فضيحة كاهوزاك تهدم كل ما يسعى هولاند إلى بنائه بينما هو بحاجة ماسة إلى الدعم والتفهم في الوقت الذي تستفحل فيه الأزمات الاجتماعية والاقتصادية وتتهاوى شعبيته إلى الحضيض وذلك قبل أن يمر عام واحد على وصوله إلى قصر الإليزيه.