شركاء للمالكي في التحالف الشيعي يتعهدون بإفشال تعديلات «اجتثاث البعث»

التيار الصدري وحزب الفضيلة يستنكران منح امتيازات للبعثيين و«فدائيي صدام»

إلغاء قانون المساءلة والعدالة أحد المطالب الرئيسة للمتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية (أ.ف.ب)
TT

كانت مصادفة غير سارة بالنسبة لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن يقر مجلس الوزراء في جلسة استثنائية أول من أمس، ذكرى تأسيس حزب البعث الذي حكم العراق لخمسة وثلاثين عاما، تعديلات جوهرية على قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقا).

وعلى الرغم من أن حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تأسس في 7 أبريل (نيسان) 1947 كان قد حل بقرار من الحاكم المدني الأميركي بول بريمر في التاسع من أبريل عام 2003، وأصدر قانون أطلق عليه قانون «اجتثاث البعث» الذي تم تحويله عام 2008 إلى قانون المساءلة والعدالة، فإن إجراء تغييرات أو تعديلات على هذا القانون كان واحدا من الخلافات الرئيسة داخل الكتل السياسية وبالذات بين القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي وأطراف من التحالف الوطني الشيعي.

وكان نائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك أعلن أول من أمس أنه بات بإمكان أعضاء قيادات الفرق في حزب البعث تسلم مسؤوليات قيادية بعد الآن، وهو ما يعني عمليا السماح لعشرات آلاف البعثيين بالعودة إلى مواقع هامة في الدولة.

الكتل التي أبدت اعتراضا قويا ومبكرا هي كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر (40 مقعدا في البرلمان)، وكتلة الفضيلة الإسلامية (7 مقاعد في البرلمان)، بينما اعتبرت كتلة دولة القانون أن هذه الاعتراضات أنما هي جزء من الدعاية الانتخابية. وأكدت كتلة الأحرار أن وزراءها لم يصوتوا على تعديل القانون خلال جلسة مجلس الوزراء الاستثنائية. وقال رئيس الكتلة بهاء الأعرجي خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان مع عدد من نواب الكتلة إن «كتلة الأحرار تستنكر قرار مجلس الوزراء القاضي بتعديل قانون المساءلة والعدالة الخاص بإعادة البعثيين وفدائيي صدام إلى عملهم أو إحالتهم إلى التقاعد». وأبدى الأعرجي استغرابه من أن «يعقد مجلس الوزراء جلسة طارئة يوم السابع من أبريل، الذي يعد ذكرى تأسيس حزب البعث المقبور»، مؤكدا أن كتلته «ستقف ضد إقرار هذا القانون في مجلس النواب».

وفي السياق نفسه عد النائب عن كتلة الفضيلة في مجلس النواب حسين المرعبي القرار «استفزازا شديدا لذوي الضحايا الذين عانوا من ظلم وقمع واضطهاد البعثيين». وقال المرعبي في مؤتمر صحافي إن «القرار مثل خطوة غير عادلة تجاه شرائح المجتمع العراقي التي طالها ظلم البعثيين مثل ضحايا الانتفاضة الشعبانية ومحتجزي رفحاء وذوي المقابر الجماعية»، مشددا على أن «القرار يؤكد عدم الاستجابة لدعوات هذه الشرائح المظلومة في تلبية حقوقها». وتابع المرعبي أن «منح الامتيازات من قبل الحكومة للجلادين قد يقوض الإسناد الشعبي للنظام السياسي ويجعله بمستوى من الضعف قد يعرضه للسقوط عند أي تهديد أو تحدٍّ ميداني».

لكن المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم أعلن تأييده لأي إجراء من شأنه تخفيف حدة الاحتقان. وقال الناطق الرسمي باسم المجلس الأعلى الإسلامي حميد معلة الساعدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المجلس يرى أن التعديلات التي تم إجراؤها على قانون المساءلة والعدالة كانت قد حظيت بمناقشات معمقة داخل اللجنة الخماسية» المختصة ببحث مطالب المتظاهرين في المحافظات الغربية والشمالية، معتبرا أن «التعديلات التي تم إجراؤها على أصل القانون ليست جوهرية أو يمكن أن تحدث تغييرا سلبيا». وأشار: «إننا نرى أن أي خطوة من شأنها تخفيف الاحتقان في البلاد أمر ضروري ولا ضير منه، ويمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية ويصب في مصلحة الجميع».

وفي السياق نفسه اعتبرت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي أن العبرة لا تكمن في إقرار تعديلات القانون وإنما كيفية تمريره. وقال عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني حسن جهاد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «تعديل قانون المساءلة والعدالة أو أي قانون من قوانين فترة العدالة الانتقالية أمر مهم لأنه بعد مرور عشر سنوات لا بد أن تتغير أمور كثيرة وتهدأ النفوس، وبالتالي فإن هناك الكثير من الإجراءات لا بد من مراجعتها». وأضاف جهاد «لكن المشكلة في العراق تختلف حيث إن العبرة هنا ليست في أن تحصل تعديلات على القانون في مجلس الوزراء وإنما في كيفية تمريره داخل البرلمان»، معتبرا أن «الخلافات والتناقضات الكبيرة داخل المشهد السياسي العراقي حتى داخل الكتلة أو الائتلاف الواحد من شأنها أن لا تجعل القوانين تمر بسهولة، وهو أمر يمكن أن تكون له انعكاسات سلبية فيما لو لم يتم التصويت على القانون داخل البرلمان».

من جهته، وصف ائتلاف دولة القانون اعتراضات بعض الجهات السياسية على قرار مجلس الوزراء الخاص بتعديل قانون المساءلة والعدالة بـ«الدعاية الانتخابية»، وأكد أن الحديث عن عودة البعثيين وفدائيي صدام إلى دوائر الدولة «غير صحيح»، بينما أشار إلى أن القرار أعطى حقوقا تقاعدية فقط لـ«عوائل البعثيين وفدائيي صدام».