الجزائر: بوتفليقة يكلف 5 خبراء في القانون لتعديل الدستور

النص الجديد يحافظ على التوازنات بين الرئيس وقادة الجيش

TT

أعلن رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال عن وضع «وثيقة أولية» بخصوص تعديل الدستور بين يدي «لجنة من الخبراء» تتولى صياغة نص دستور جديد. وكان الرئيس عبد العزيز أبدى رغبة في إعداد دستور بديل لدستور الرئيس السابق الجنرال اليمين زروال، وذلك قبل سبع سنوات، ولكنه لم ينجز هذه الخطوة لأسباب غير معروفة.

وأعطى سلال بالعاصمة أمس إشارة انطلاق عمل «لجنة الخبراء»، المكونة من خمسة أشخاص يرأسهم أستاذ في الجامعة مختص في القانون الدولي يسمى عزوز كردون، ومعه وزير العدل الأسبق غوثي مكامشة والبرلمانية فوزية بن باديس، والبرلماني السابق بوزيد لزهاري، وأستاذ كلية الحقوق عبد الرزاق زوينة.

وقال سلال في كلمة مكتوبة وزعت على الصحافيين إن المطلوب من الخبراء الخمسة «دراسة الاقتراحات المتضمنة في الوثيقة الأولية وإبداء وجهة نظرها في محتواها ونسقها العام»، في إشارة إلى مقترحات تتعلق بتعديل الدستور، أعدتها «مجموعة أنشئت لهذا الغرض»، بحسب تعبير سلال، اعتمدت على توجيهات الرئيس بوتفليقة بشأن ما يريد إدخاله من تعديلات على الدستور. وأوضح سلال بهذا الخصوص: «ستقومون بطبيعة الحال بدراسة هذه الوثيقة الأولية التي تشكل القاعدة الأساسية، التي تنطلق منها أعمالكم».

ودعا سلال أفراد «لجنة الخبراء» إلى «تقديم كل اقتراح ترونه وجيها بغرض إثراء الوثيقة»، وإلى «إعداد مشروع تمهيدي للقانون المتضمن التعديل الدستوري». وقال إن نتائج عمل «اللجنة» ستعرض على الرئيس «وبعد تأكده من مراعاة اقتراحات الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، وعدم تعرض المشروع التمهيدي مع القيم الأساسية لمجتمعنا، فإنه سيقرر الصيغة النهائية لمشروع التعديل الدستوري، الذي سيخضع لإجراء التعديل المناسب المقرر في الدستور، وذلك بحسب أهمية وطبيعة التعديلات المعتمدة».

واللافت في الحدث المتعلق بتنصيب «لجنة الخبراء» أن سلال لم يكشف عن مضمون تعديل الدستور ولم يذكر إن كان سيعرض على الاستفتاء أم سيكتفي الرئيس بعرضه على البرلمان للمصادقة عليه. والملاحظ أيضا أن الصحافيين منعوا من التحدث لأعضاء «لجنة الخبراء».

وعلى خلاف عام 2008 عندما تم تعديل الدستور، صرح بوتفليقة بأنه قرر أن يزيل منه ما يمنع الترشح لأكثر من ولايتين، فمنح لنفسه بذلك ولاية ثالثة. وحول نفس الموضوع، قال سلال: «لم يتم وضع أي حد مسبق لمشروع التعديل الدستوري، باستثناء الحدود المتعلقة بالثوابت الوطنية والقيم والمبادئ المؤسسة للمجتمع الجزائري التي تجسد تاريخه المرير وحضارته العريقة».

ويعني هذا الكلام أن مجموعة من مواد الدستور لن يطالها التغيير، وأهمها دين الدولة واللغة العربية كلغة رسمية. ويعني ذلك أيضا احتمال العودة إلى تحديد الولايات الرئاسية وتغيير طبيعة النظام من رئاسي بصلاحيات مطلقة، كما هو عليه الحال، إلى برلماني يعطي لغرفتي البرلمان صلاحيات أكبر في مراقبة عمل الحكومة، ويمنح للحزب صاحب الأغلبية حق تشكيل الحكومة.

يشار إلى أن الرئيس كلف في مايو (أيار) 2011 هيئة تتكون من عبد القادر بن صالح رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية)، ومستشاري الرئيس محمد تواتي وعلي بوغازي، بغرض جمع مقترحات الأحزاب وتنظيمات المجتمع المدني والشخصيات السياسية، بخصوص تعديل الدستور. ورفعت الهيئة حصيلة عملها للرئيس، ولا يعرف رسميا لماذا تأخر تعديل الدستور طيلة عامين تقريبا. وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن التأخر يعود إلى عدم توافق الفاعلين في النظام (الرئيس وجهاز المخابرات)، على صيغة تحافظ على التوازن بين أكبر هيئتين في الدولة هما الرئاسة والجيش. وبالإعلان عن «لجنة الخبراء» يكون الطرفان قد توصلا إلى توافق يبقي على تعايش بينهما يدوم منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم عام 1999.