ساسة العراق يتجاهلون 9 أبريل بعدما أعلنوه قبل 10 سنوات «عيدا للتحرير»

المالكي ألغى العطلة الرسمية.. وكردستان تثبتها

TT

في مايو (أيار) من عام 2003، وبعد أقل من شهر على غزو العراق من قبل القوات الأميركية، ذهب الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن إلى الأمم المتحدة طالبا بـ«عظمة لسانه» اعتبار ما حصل للعراق مما أطلق عليه في الأوساط العراقية آنذاك «تحرير العراق» على أنه «احتلال». وبالفعل أصدر مجلس الأمن الدولي قراره 1483 الذي اعتبر فيه ما قامت به الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا العظمى احتلالا بموجب القانون الدولي. وكان لبوش وبلير مبرراتهما القانونية والإجرائية لا سيما على صعيد مسؤوليتهما عن العراق بوصفها دولة تحت الاحتلال.

الطبقة السياسية العراقية كان لها موقف آخر مما حصل يتلخص بحكاية سقوط نظام صدام حسين بعد 35 عاما من الحكم وأنها ترى أن عملية السقوط المدوي هذه ما كان يمكن لها أن تحصل لولا «الدور القوي» للمعارضة في عملية السقوط وبالتالي فإنها أرادت الاحتفال بهذا اليوم بوصفه أحد الأيام الخالدة في تاريخ العراق، وأن هناك من بين أعضاء مجلس الحكم الانتقالي من طالب باعتباره عيدا وطنيا للعراق.

لكن في يوليو (تموز) 2003 وبعد تشكيل مجلس الحكم كان من بين ما تصوره إنجازا له أن جعل يوم التاسع من أبريل (نيسان) عطلة رسمية. وبعد ثمانية أعوام من اعتباره عطلة رسمية قررت حكومة نوري المالكي إلغاء تلك العطلة واعتبار هذا اليوم يوما عاديا للدوام الرسمي. لكن كردستان قررت الاحتفال بهذا اليوم وأعلنته عطلة رسمية.

مسؤول في مكتب رئيس الوزراء العراقي أبلغ «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه إلى أن «هناك فرقا بين سقوط نظام فرح الجميع لسقوطه بالتأكيد وبين قيام دولة باحتلال دولة أخرى تحت أي ذريعة من الذرائع». وأضاف «ليس كل قوى المعارضة كانت مع الخيار العسكري لإسقاط نظام صدام حسين القمعي الدموي، حيث كانت تبحث عن وسائل أخرى لإزاحته حتى لو طال بعض الوقت بدلا مما حصل من احتلال وتدمير لكل شيء»، مشيرا إلى «أننا ناضلنا من أجل انسحاب القوات الأميركية وهو ما حصل طبقا للاتفاقية التي تم التوقيع عليها عام 2008 وتم تنفيذ الانسحاب عام 2012».

وأوضح المصدر أن «كثيرين ممن كانوا قد طبلوا وزمروا ضد الأميركيين أول الأمر كانوا قد رفضوا الانسحاب وأعلنوا بوسائل شتى تشبثهم بالأميركيين طالبين بقاءهم لذلك فإن الانسحاب الأميركي من العراق هو ما يجب أن نحتفل به وليس يوم الاحتلال بصرف النظر عن النتيجة التي آل إليها وهي إسقاط النظام السابق وهي نتيجة كبيرة بلا شك ولكن كان ثمنها باهظا جدا».

بدوره، يقول الناطق باسم كتلة «متحدون» ظافر العاني لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا اليوم بالنسبة لي هو يوم احتلال سبقه عدوان سافر لم يحظ بأي شرعية دولية». وأضاف العاني إن «بوش نفسه قبل أي طرف آخر قال إن هذا اليوم هو احتلال واستحصل على قرار من الأمم المتحدة بهذا الصدد، غير أن مما يحز في النفس أنه في الوقت الذي تطلق عليه الولايات المتحدة احتلالا فإن بعض السياسيين يسميه تحريرا وهذا يعني بكل صراحة أن المحتل كان أشرف من بعض السياسيين العراقيين».

ويرى العاني أن «المفارقة اللافتة للنظر أن المحتل قد رحل ولكن الاحتلال باق إذ إن فلسفة الاحتلال ما زالت باقية، حيث إن بعض السياسيين ممن يقولون إن أميركا عدوة لهم، متمسكين بما قرره بريمر وخطته يداه» معتبرا أن «المحتل كان يريد تقسيم العراق وإضعاف دوره القومي حفاظا على إسرائيل وتمزيق العراق ونهب ثرواته وكلها تحققت بسبب ما عمله السياسيون، حيث إن بعض هؤلاء السياسيين هم أكثر بشاعة من الاحتلال، مؤكدا أن «العراق اليوم غير قادر على الدفاع عنه نفسه بسبب ما حصل خلال سنوات الاحتلال والتي نجني ثمارها فسادا وتخريبا وسوء خدمات وانهيارا في البنى التحتية».