البابا تواضروس: مشاعر المسؤولين الطيبة لا تكفي لوقف الطائفية

3 من مستشاري الرئيس المصري يلتقون قيادات مسيحية

البابا تواضروس الثاني
TT

بينما طالب البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، السلطات المصرية، باتخاذ إجراءات حاسمة لوقف الأحداث الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، معتبرا أن «المشاعر الطيبة من قبل المسؤولين لن تكفي»، دعا النائب صفوت عبد الغني رئيس الهيئة البرلمانية لحزب البناء والتنمية، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، الكنيسة المصرية، للتصدي لما سماه «التشدد والتعصب لدى الشباب القبطي».

وزار، أمس، وفد ضم 3 من مستشاري الرئيس المصري محمد مرسي مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، والتقوا عددا من القيادات الكنسية، لبحث تداعيات الأحداث الطائفية الأخيرة.

وقال البابا تواضروس الثاني، في تصريح تلفزيوني له، أمس، إن الرئيس محمد مرسي تحدث معه عبر الهاتف، وقدم العزاء في ضحايا الخصوص والكاتدرائية، مشيرا إلى أن مرسي وعده بتقديم جميع الإجراءات اللازمة لحماية وتأمين الكاتدرائية، ولكنه قال: «على أرض الواقع لا نجد شيئا».

وأضاف البابا: «إن المشاعر الطيبة من قبل المسؤولين لن تكفي، ولا بد من اتخاذ قرارات حاسمة، لأن أحداث الخصوص، ويليها الكاتدرائية، وصلت إلى حالة من الاعتداء الصريح على الأقباط»، وتابع قائلا: «إن صورة مصر أمام الرأي العام العالمي أصبحت في التراب، وهذا يعد شيئا مؤسفا للغاية، ولا يوجد تحرك من الدولة».

واعتبر البابا تواضروس الثاني أن حقوق ضحايا الخصوص في رقبة المجتمع والدولة، لأن الأمور فاقت جميع الخطوط الحمراء، وقال: «إن التقصير والإهمال في التعامل مع الأزمة واضح، وهذا ما يسبب للأقباط ألما شديدا».

وأوضح البابا أنه في انتظار خطوات من الدولة، لأن الكنيسة القبطية جزء من المجتمع المصري، والدولة هي المسؤولة عن حماية الكنيسة أولا وأخيرا، مضيفا: «نحن في انتظار أن تكون قرارات الدولة حازمة ومرضية للأقباط».

وأكد تواضروس أن الضمانة الوحيدة هي أن تكون الأغلبية العظمى من الشعب المصري، مسلمين ومسيحيين، متماسكون، وقال: «لكن توجد قلة تعكر صفو هذا المجتمع، وعلينا أن نقف وقفة حازمة، وأن يكون القانون مستيقظا حتى لا ينهار المجتمع أكثر من ذلك».

وأشار تواضروس إلى أن الكنيسة القبطية تعبر عن نفسها، وهي أقدم مؤسسة قبطية في مصر، وعمرها 2000 عام على أرض مصر، ولها مواقف وطنية على مدى التاريخ، مضيفا أن «تعبيرات الأشخاص لا تمثل الكنيسة، والأقباط الموجودين في الخارج يتحدثون بصراحة شديدة، لأنهم يمتلكون مناخ الحرية الكاملة».

وقال البابا تواضروس: «إن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر هو أول مسؤول في الدولة اطمأن علينا أثناء الأحداث المؤسفة، وأعلم أن مشاعر (الطيب) خرجت من قلبه، وليس من لسانه».وقرر البابا تواضروس الثاني إلغاء عظته الأسبوعية التي يلقيها اليوم (الأربعاء)، كما قرر تأجيل العزاء الذي أعلنت أسقفية الشباب بالكاتدرائية أنه سيقام غدا الخميس. وزار، أمس، وفد من الرئاسة يضم الدكتور عماد عبد الغفور مساعد رئيس الجمهورية لشؤون التواصل المجتمعي، والدكتورة باكينام الشرقاوي مساعدة رئيس الجمهورية للشؤون السياسية، والدكتور أيمن علي مستشار رئيس الجمهورية لشؤون المصريين بالخارج، مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، حيث التقوا بالأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس، والأنبا موسى أسقف الشباب، والقمص أنجيلوس إسحق سكرتير البابا تواضروس الثاني، لبحث تداعيات الأحداث الطائفية التي وقعت خلال الأيام الماضية في منطقة الخصوص بالقليوبية ومقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية.

وعلى صعيد التحقيقات، واصلت نيابة الخصوص، بإشراف المستشار حاتم الزيات المحامي العام لنيابات شمال القليوبية، تحقيقاتها الموسعة في أحداث العنف والاشتباكات التي شهدتها مدينة الخصوص بين المسلمين والأقباط، وراح ضحيتها 6 قتلى وأصيب 22 شخصا. وأمر رئيس النيابة أحمد عيسى بإجراء معاينة للمرة الثانية لموقع الأحداث التي تجددت مؤخرا، والتحفظ على فوارغ الطلقات والأسلحة المضبوطة، وإرسالها إلى المعمل الجنائي لفحصها.

كما أمرت النيابة بالتصريح بدفن جثة المدعو داود مكرم كامل، آخر ضحايا الأحداث، وطلبت تحريات المباحث حول واقعة العثور على جثته ملقاة بمحيط كنيسة مار جرجس وبها عدة طعنات، كما أمرت النيابة باستدعاء بعض قيادات الشرطة بالبحث الجنائي بالخصوص لسماع أقوالهم ومناقشتهم بما جاء في التحريات حول أحداث العنف بالمنطقة.

من جانبه، نفى اللواء محمود يسري مدير أمن القليوبية، ما تردد من شائعات حول انسحاب أجهزة الأمن من محيط كنيسة مار جرجس بالخصوص، وأكد على وجود الأمن بكل قوته، قائلا: «تشهد المنطقة حالة من الهدوء. إننا نقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، ونحذر من أي تجاوز»، مشيرا إلى أنه سيتم التعامل بحزم مع مروجي الشائعات ومثيري الفتن داخل القرى.

وعلى صعيد متصل، استجوبت النيابة 15 متهما في الأحداث، واستمعت إلى أقوالهم ومدى علاقتهم بها، كما أمرت النيابة باستدعاء عدد آخر من المتهمين الذين وردت أسماؤهم في المحاضر، والتحريات المقدمة من رجال وضباط الشرطة، بعد أن تقرر حبس 15 متهما من المسلمين والأقباط 4 أيام على ذمة التحقيقات، وتوجيه تهم حمل وإحراز الأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف، وإحداث شغب وإثارة الذعر وأعمال البلطجة.

وشهد مجلس الشورى، الذي يتولى سلطة التشريع في البلاد لحين انتخاب مجلس النواب، أمس، مشادات حادة بين أعضائه لليوم الثاني على التوالي، بسبب أحداث الخصوص والكاتدرائية المرقسية، حيث احتدم النقاش بين عدد من النواب الأقباط وصفوت عبد الغني رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، بسبب مطالبة الأخيرة الكنيسة المصرية بأن تتصدى لما سماه «التشدد والتعصب لدى الشباب القبطي».

وبرأ عبد الغني، في كلمته بجلسة أمس، القوى الإسلامية وأحزابها من أحداث العنف التي حدثت أمام الكاتدرائية، قائلا: «فالإرهاب الفكري غير مقبول، فكل القوى الإسلامية وأحزابها بعيدة كل البعد عن الفتنة الطائفية»، وأرجع عبد الغني تلك الأحداث إلى الثقافة المجتمعية.