رئيس الاتحاد البرلماني الدولي: ثورات الربيع العربي لم تحقق طموحات شعوبها

مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي يشيد بقرار الملك عبد الله تعيين 30 امرأة بمجلس الشورى السعودي

TT

افتتح أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، أمس، أعمال المؤتمر التاسع عشر للاتحاد البرلماني العربي المنعقد في العاصمة الكويت.

وكان لافتا خلال جلسة الافتتاح إجماع المتحدثين على أربع قضايا؛ هي: الإشادة بقرار الملك عبد الله بن عبد العزيز تعيين 30 امرأة بمجلس الشورى السعودي، وضرورة إيقاف حمام الدم السوري، والعمل على ضبط حدة التصريحات الإيرانية تجاه دول المنطقة، وانتقاد ثورات الربيع العربي التي لم تحقق طموحات شعوبها، وفقا لما قاله رئيس الاتحاد البرلماني الدولي عبد الهادي الراضي.

ومن جانبه، رحب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد برؤساء الوفود المشاركة خلال استقباله لهم أمس بقصر السيف وحملهم تحياته الخالصة لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة الدول العربية الشقيقة.

وبدوره، شكر رئيس مجلس الأمة الكويتي علي الراشد، الشيخ صباح الأحمد، خلال اللقاء، معتبرا أن رعايته وحضوره للمؤتمر أبرز نجاح للمؤتمر، وقال الراشد: «هذا ليس مستغربا على سموك، فوجودك دائما، سواء في الكويت أو في الوطن العربي، داعم للحرية والديمقراطية، ونحن لا ننسى موقفك الداعم للمرأة عندما أعطيت حقها، واليوم فرحنا بوجود 30 امرأة من المملكة العربية السعودية، وإن شاء الله نحن سائرون في هذا التطور الديمقراطي تحت رعايتكم ورعاية رؤساء الدول العربية».

وخلال لقاء الشيخ صباح الأحمد رؤساء الوفود البرلمانية المشاركة، تحدث رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبد الله آل شيخ قائلا: «نحن سعداء برعايتكم للمؤتمر، وحضوركم وحضور ولي العهد شرف للمؤتمر».

ومن ناحيته، كشف عضو الشعبة البرلمانية الكويتية النائب صالح عاشور عن وجود شبه إجماع على تعديلات تقدم بها المجلس الاتحادي في دولة الإمارات تتعلق بموازنة الاتحاد البرلماني العربي، تصب في صالح عمل الأمانة العامة للاتحاد.

وخلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، أكد رئيس الاتحاد البرلماني العربي رئيس مجلس الأمة الكويتي، علي الراشد، خلال كلمته، أن التحديات التي تواجه دول العالم العربي حاليا كثيرة ومتعددة بسبب الفساد والظلم وغياب العدالة الاجتماعية وعدم توافر فرص العمل خاصة للشباب، معتبرا «ذلك ما مهد الأرضية لقيام ثورات الربيع العربي، التي لا تزال تداعياتها تعصف بالدول العربية وسط موجة من التوتر المتصاعد والمؤثر على دول الإقليم كافة، وأنها لن تأتي بخير على شعوب دول الربيع العربي وجيرانها ما لم تحقق تغييرا إيجابيا يساهم في توطيد الديمقراطية ورفع المستوى المعيشي والاقتصادي للشعوب مقابل الحفاظ على حقوق الإنسان ورفض التمييز بين المواطنين».

وأكد الراشد أن «الشعوب التي أهلكت طغاة وقوى فاسدة لن ترضى بطغاة جدد، ولن ترضى إلا بالتحول إلى عهد جديد تسوده العدالة والتغيير إلى الأفضل»، متمنيا من الأنظمة الحاكمة أن تسعى إلى رسم خارطة طريق تليق بتاريخ شعوبها ومكانتها بين الدول.

وحول الوضع في سوريا، أعرب الراشد عن قلقه إزاء الكارثة الإنسانية التي تشهد تصاعدا داميا ومتواصلا هناك، لافتا إلى أن «أعداد القتلى تتضاعف كل يوم، والدمار أصبح عنوانا لكل الأحياء في سوريا دون تمييز، وأن التقارير المفزعة والحقائق الموثقة التي تنقلها الوكالات الدولية المتخصصة لا تبعث على الخوف على مستقبل وأمن سوريا ووحدة ترابها وشعبها فحسب، بل على أمن واستقرار المنطقة بكاملها»، داعيا للانتقال إلى مرحلة أكثر فاعلية من آليات التحرك للضغط على المجتمع الدولي من أجل وضع حد لهذه المأساة الدامية دون إبطاء أو تخاذل.

وتطرق الراشد في كلمته إلى النزوح المتزايد لأبناء الشعب السوري إلى ملاجئ الدول المجاورة، داعيا إلى مضاعفة الجهد لتقديم المزيد من المساعدات الإنسانية التي من شأنها التخفيف من حدة آلام ومعاناة هؤلاء النازحين، لافتا إلى «أهمية مؤتمر المانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا الذي استضافته دولة الكويت يناير (كانون الأول) الماضي برعاية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، في تأكيد للعالم أجمع على حرص دولة الكويت على مساندة الشعب السوري في محنته ومعاناته».

وثمن الراشد الموقف الشجاع للمجموعة العربية في المؤتمر الدولي الأخير الذي عقد في جمهورية الإكوادور في دعم البند الإضافي الطارئ المقدم من البرلمان الأردني بشأن تقديم العون للنازحين السوريين.

وهنأ الراشد في ختام كلمته القيادة السعودية بخطوتها الرائدة من خلال تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي، «مما يعكس اهتمام القيادة في المملكة العربية السعودية بدور المرأة والعمل على تعزيز مكانتها».

ومن جهته، أكد رئيس الاتحاد البرلماني الدولي، عبد الواحد الراضي، العلاقة الجيدة التي تجمع الاتحاد الدولي والاتحاد البرلماني العربي منذ عقود، بما من شأنه تعزيز السلم والأمن الدوليين وترسيخ الديمقراطية حول العالم.

وبين الراضي أن «المجموعة العربية في الاتحاد الدولي تلعب دورا متميزا في تنسيق مواقف البرلمانات والمجالس العربية بما يخدم قضايا التعاون البناء، وأن ثمة تطورات إيجابية كبيرة شهدتها المسيرة البرلمانية العربية مؤخرا، يدل عليها انتظام الانتخابات البرلمانية، وتوجيه اهتمام أكبر لموضوع تمكين المرأة، وازدياد عدد النساء البرلمانيات لا سيما في الجزائر والمغرب والسودان والسعودية والأردن وغيرها، وكذلك ازدياد تمثيل المرأة في الوفود العربية إلى اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي».

واعتبر الراضي أن «ثورات الربيع العربي وما تواجهه المنطقة من مخاطر جدية تقف حائلا دون تحقيق الأهداف التي ثارت من أجلها الشعوب والناجمة عن عوامل موضوعية وأخرى ذاتية في واقع يطرح تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة أمام هذه الثورات، نأمل أن تنجح في مواجهتها على نحو إيجابي».

وأعرب عن عميق القلق لما يجري من أحداث دامية في سوريا أدت إلى وقوع عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين وتدمير المدن والقرى والبنى التحتية، التي اضطرت عدة ملايين إلى النزوح داخل البلاد أو الهجرة إلى دول الجوار.

وأسف الراضي لعدم توصل الجهود العربية والدولية إلى حل يضع حدا للمأساة التي يعيشها الشعب السوري «والذي تشير جميع المعطيات إلى أنه لا بد أن يكون سياسيا، يتم التوصل إليه عن طريق الحوار بين جميع أطراف النزاع»، كما أشاد بقرار الأمم المتحدة منح فلسطين صفة عضو مراقب بأكثرية 138 صوتا، مما يعتبر اعترافا دوليا صريحا بحقوق الشعب الفلسطيني.

ومن جانبه، أكد رئيس البرلمان العربي الانتقالي، أحمد الشامسي، حرص البرلمان العربي على مد جسور التعاون وتعزيز العلاقات بينه وبين الاتحاد البرلماني العربي والبرلمانات العربية الوطنية كافة لتحقيق تطلعات شعوبنا العربية.

وأشار الشامسي في كلمته خلال افتتاح أعمال المؤتمر إلى أن البرلمان العربي منذ نشأته عام 2005 أولى الكثير من الاهتمامات للمشكلات التي تعانيها أمتنا العربية، «وها هو اليوم يأخذ دوره بين المنظمات العالمية بعد أن تم إقرار نظامه الأساسي وانتقل من مرحلته الانتقالية إلى مرحلته الدائمة بقيامه كبرلمان يمثل الأمة العربية، عازما على تحقيق أهداف هذه الأمة العظيمة، وفي مقدمتها توسيع مشاركة الشعوب العربية في الحياة السياسية والتأكيد على احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير واحترام القانون، والعمل على توحيد التشريعات العربية في المجالات كافة».

ودعا إلى وقف أعمال العنف والقتل التي ترتكب كل يوم بحق الشعب السوري، مؤكدا دعم البرلمان العربي الانتقالي أي جهد عربي أو دولي يجنب الشعب السوري المزيد من إراقة الدماء، ويحقق آماله وتطلعاته، ويكفل الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال سوريا.

وبينما هنأ الشامسي فلسطين على منحها صفة الدولة المراقب في الأمم المتحدة بما يشكل خطوة مهمة في الطريق لتحقيق طموحات وآمال الشعب الفلسطيني بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، دعا مجلس الشورى الإيراني إلى حث قيادته على إنهاء احتلال إيران للجزر العربية التابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وإيجاد حل سلمي يقوم على المفاوضات الثنائية وفق جدول زمني محدد أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية والتزامها معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في المنطقة والتعاون التام مع وكالة الطاقة الذرية والجلوس إلى طاولة المفاوضات (خمسة + واحد) مع تأكيده حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

وثمن الشامسي قرار العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود بتعيين 30 امرأة في مجلس الشورى السعودي تأكيدا لدورها الوطني ومشاركتها السياسية، وحيا مبادرة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين بإطلاق الحوار الوطني الشامل لكل مكونات المجتمع البحريني.

كما أشاد الشامسي بقرار الرئيس السوداني عمر حسن البشير إطلاق سراح جميع السياسيين المعتقلين هناك، ودعوته جميع القوى السياسية في السودان لإجراء حوار وطني شامل وصولا إلى السودان الجديد ومعالجة القضايا كافة، وكذلك أشاد بإطلاق الحوار الوطني الشامل في اليمن الذي يهدف إلى تحقيق التوافق الوطني وبناء الدولة الديمقراطية المستقلة، وناشد الشعب الليبي ضبط النفس والتريث وإعطاء الفرصة للحكومة الليبية لأداء مهامها وبناء الوطن، كما دعا الدول المشاركة في المؤتمر إلى حث حكوماتها على تقديم الدعم المادي والمعنوي لمساندة الصومال وجزر القمر، ونوه إلى الانتخابات التشريعية التي جرت في جيبوتي مؤخرا.