خبراء في الأمم المتحدة: أسلحة من ليبيا تتدفق لدول الجوار وتغذي صراعات بالمنطقة

الداخلية المصرية ضبطت مئات الصواريخ العابرة للمدن ومضادات الطائرات

TT

قال تقرير للأمم المتحدة، إن «الأسلحة تنتشر من ليبيا بمعدل مثير للانزعاج وتغذي الحرب في مالي وسوريا ودول أخرى، وتعزز ترسانات المتطرفين وعصابات الجريمة في المنطقة، مشيرة إلى انتشار التهريب على الحدود المصرية - الليبية أيضا، في وقت أعلن فيه مسؤول مصري في وزارة الداخلية أمس أن الوزارة تمكنت من ضبط مئات الصواريخ العابرة للمدن ومضادات الطائرات، التي يعتقد أنه تم تهريبها من ليبيا».

وما زالت قوات الأمن الحكومية الليبية ضعيفة في حين تملك ميليشيات تتألف من مقاتلين سابقين بالمعارضة النفوذ على الأرض. وقالت وكالة «رويترز»، إن «تقرير الأمم المتحدة أعده مجموعة من الخبراء في مجلس الأمن، التي تراقب حظرا على الأسلحة فرض على ليبيا في بداية الانتفاضة المسلحة ضد العقيد الليبي الراحل معمر القذافي في 2011». وقال التقرير، إن «ليبيا أصبحت مصدرا رئيسيا للأسلحة في المنطقة بينما تسعى حكومتها الوليدة جاهدة لبسط سلطتها».

وكتب الخبراء في التقرير: «هناك حالات، بعضها تأكد والبعض الآخر قيد التحقيق لشحنات غير مشروعة من ليبيا تخرق الحظر تصل إلى أكثر من 12 دولة وتتضمن أسلحة ثقيلة وخفيفة، بما في ذلك أنظمة للدفاع الجوي يحملها المقاتلون وأسلحة صغيرة والذخائر الخاصة بها ومتفجرات وألغام».

وجاء في التقرير الذي يقع في 94 صفحة ومؤرخ في 15 فبراير (شباط) لكنه نشر يوم أول من أمس (الثلاثاء) أن التدفقات غير المشروعة من البلد (ليبيا) تغذي صراعات قائمة في أفريقيا ودول في شرق البحر المتوسط، وتعزز ترسانات مجموعة كبيرة من العناصر غير الرسمية بما في ذلك جماعات إرهابية»، قائلا، إن «انتشار الأسلحة من ليبيا يستمر بمعدل مثير للانزعاج».

وقال الخبراء، إن «شحنات الأسلحة إلى سوريا يجري تنظيمها من مواقع متعددة في ليبيا بما في ذلك مصراتة وبنغازي وتنقل عبر تركيا أو شمال لبنان». ويضيف الخبراء: «الحجم الكبير لبعض الشحنات والإمدادات اللوجيستية المرتبطة بها يشيران إلى أن ممثلين للسلطات المحلية الليبية ربما أنهم، على الأقل، على دراية بتلك الشحنات إن لم يكونوا مشاركين فعلا في الإشراف عليها بشكل مباشر».

ووجد التقرير أيضا أنه على مدى العام المنصرم يبدو أن تدفقات الأسلحة من ليبيا إلى مصر زادت بشكل كبير. وكتب الخبراء في التقرير: «أن تهريب الأسلحة من ليبيا إلى مصر يمثل تحديا بشكل أساسي لقوات الأمن المصرية وخصوصا في ما يتعلق بجماعات مسلحة في سيناء. وأن بعض المعدات يبدو أنها عبرت مصر إلى جهات أبعد بما في ذلك قطاع غزة».

وتدهور الأمن في شبه جزيرة سيناء الصحراوية على الحدود مع إسرائيل، التي يوجد فيها عدد من مخابئ الإرهابيين منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية قبل أكثر من عامين. وقال التقرير، إن «مرور الأسلحة من ليبيا عبر مصر إلى قطاع غزة سمح لجماعات مسلحة هناك بشراء أسلحة جديدة بما في ذلك بنادق هجومية أكثر تطورا وأنظمة لأسلحة مضادة للدبابات».

ويجري أيضا إرسال الأسلحة من ليبيا عبر جنوب تونس وجنوب الجزائر وشمال النيجر إلى جهات مثل مالي لكن بعض تلك الأسلحة تبقى في دول العبور لتستخدمها جماعات محلية. وقال التقرير: «هذه المناطق تستخدم أيضا كقواعد ونقاط عبور لجماعات مسلحة غير رسمية بما في ذلك جماعات إرهابية وشبكات للجريمة وتهريب المخدرات لها روابط بمنطقة الساحل (في أفريقيا)».

وقال الخبراء، إنهم اكتشفوا أن قطر ودولة الإمارات العربية خرقتا حظر السلاح على ليبيا أثناء انتفاضة 2011 بتقديم أسلحة وذخيرة إلى مقاتلي المعارضة أثناء قتالهم قوات القذافي. وأضاف الخبراء: أن قطر نفت الاتهام في حين لم يصدر رد من دولة الإمارات. وقال التقرير: «بعد نحو 18 شهرا من نهاية الصراع فإن بعض هذه المعدات ما زالت تحت سيطرة عناصر غير رسمية داخل ليبيا وعثر عليها في مصادرات لعتاد عسكري أثناء تهريبه من ليبيا».

وأضاف قائلا: «مدنيون وكتائب (من مقاتلي المعارضة السابقين) ما زلوا يسيطرون على معظم الأسلحة في البلد في حين أن الافتقار إلى نظام أمني فعال يبقى إحدى العقبات الأساسية أمام تأمين المعدات العسكرية والرقابة على الحدود».

ومنح مجلس الأمن الشهر الماضي ليبيا تيسيرات في الحصول على معدات غير فتاكة - مثل السترات الواقية من الرصاص والمركبات المدرعة - لكنه عبر عن القلق من تدفق الأسلحة من البلاد إلى دول قريبة. وحث المجلس الحكومة الليبية على تحسين مراقبتها للأسلحة والعتاد المرتبط بها واللذين يجري تقديمهما أو بيعهما أو إرسالهما إلى الحكومة بموافقة من لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة التي تشرف على حظر السلاح.

وأبلغ رئيس الوزراء الليبي علي زيدان مجلس الأمن الشهر الماضي أن الحكومة تسيطر على حدودها مع الجزائر والنيجر وتشاد والسودان ومصر. وقال زيدان في فبراير (شباط) الماضي، إنه «يريد أن يرفع مجلس الأمن حظر السلاح عن ليبيا لكن أعضاء بالمجلس قالوا إنهم لم يتلقوا قط طلبا رسميا». ومن جانبه، أعلن اللواء طارق إسماعيل مساعد وزير الداخلية المصري أن الوزارة ضبطت خلال عام 2010 فقط 562 صاروخا مضادا للطائرات (أرض جو) وأخرى عابرة للمدن و264 رأس صواريخ مدمرة و4 مدافع مضادة للطائرات وهاون، بالإضافة إلى أسلحة أخرى متنوعة، مشيرا إلى أن الضباط تمكنوا من ضبط تلك الأسلحة الثقيلة خلال مأموريتهم للمناطق الجبلية لضبط المواد المخدرة.

وقال مصدر أمني مصري إن غالبية «الأسلحة الثقيلة» التي يتم ضبطها في مصر جلبها مهربون عبر الحدود مع ليبيا، لافتا إلى أن قوات الجيش المصري ضبطت خلال العامين الأخيرين الآلاف من الأسلحة المتنوعة التي تعود إلى الجيش الليبي، بعد تهريبها عبر الحدود الصحراوية إلى مصر.