تأجيل الخلاف الانتخابي في لبنان إلى 19 مايو بانتظار التوافق على تأليف الحكومة

وزير البيئة: توجه لدى الرئيس سليمان للتوقيع عليه

الرئيس ميشال سليمان لدى لقائه وزير الداخلية مروان شربل أمس (تصوير دالاتي ونهرا)
TT

نجح مجلس النواب اللبناني في تأجيل الخلاف حول قانون الانتخاب بتعليق المهل الدستورية المرتبطة بما يعرف بـ«قانون الستين»، حتى 19 مايو (أيار) المقبل، أي قبل شهر واحد من موعد الانتخابات النيابية التي حددت في 16 يونيو (حزيران)، بانتظار موافقة رئيس الجمهورية، ليكونوا بالتالي أمام تحد أكبر وهو التوافق على قانون جديد. وتصبح بذلك هذه الفترة حاسمة على هذا الصعيد، وهي المهمة الأساسية التي يعمل الرئيس المكلف تمام سلام على تأليف حكومة «مصلحة وطنية» تحت إطارها، مع ما يرافقها أيضا من تباينات بين مطالب بوزارات حيادية وآخر يشدد على أن تكون سياسية في موازاة بدء الإعلان عن الشروط والشروط المضادة لتقاسم «جبنة الحقائب».

وقضى الاقتراح الذي صدق عليه في جلسة أمس التشريعية التي قاطتعها «جبهة النضال الوطني» برئاسة وليد جنبلاط، بتعليق المهل حتى 19 مايو، وإلغاء أحكام المادة 50 من هذا القانون المتعلقة بالفائزين بالتزكية، وإبقاء باب الترشيح مفتوحا لثلاثة أسابيع أخرى وتختصر المهل المنصوص عليها إلى أسبوعين. وقال رئيس المجلس نبيه بري خلال الجلسة: «هناك فرصة لمدة شهر لنتوافق على قانون انتخابي حتى لو كنا سننام في المجلس ليل نهار لنصدر قانونا».

وبينما من المنتظر أن يعلن رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان موقفه حيال هذا التعديل في الساعات القليلة المقبلة، لجهة التوقيع أو عدمه، أشار وزير البيئة ناظم الخوري، المحسوب على سليمان، لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الأخير لم يتخذ قراره النهائي، لافتا إلى أن التوجه إيجابي بهذا الشأن، لا سيما أن الرئيس، الذي يحترم قرارات المجلس النيابي، كان هدفه وبتأييده السابق لتمديد المهل، هو الضغط باتجاه إقرار قانون جديد.

وعما إذا كانت هناك صعوبة في إمكانية التوافق خلال فترة الشهر المحددة، قال الخوري: «هم ملزمون على التوافق، وإلا سنكون أمام أزمة وجريمة وطنية، لأن عدم الوصول إلى توافق يعني الدخول في الفراغ، وبالتالي: المجهول. لذا على الجميع تحمل مسؤولياته والقيام بواجباته».

وفي ما يتعلق بمهمة تأليف الحكومة، في ظل الانقسام حول شكلها وصيغتها بين الأفرقاء، رأى خوري أنه من المبكر الكلام على الصيغة الحكومية، لا سيما أن الاستشارات لا تزال مستمرة مع مختلف الأفرقاء، مشددا: «ما يهمنا هو أن تكمل القيادات السياسية التي سهلت التكليف المسيرة نفسها لجهة التأليف، ليتمكن الجميع من تحصين لبنان من الأخطار التي تواجهه». وفي حين اعتبر الخوري أن كل فريق يعمل على تحسين شروطه من خلال المزايدات الحكومية المتعلقة بالوزارات، رأى أنه ليس مسموحا باستعمال الحقائب لأهداف انتخابية، «لأن مهمة الحكومة العتيدة معروفة؛ وهي إجراء الانتخابات ونقل البلد إلى بر الأمان».

بدوره، أشار نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان إلى «أننا توصلنا إلى نوع من الاتفاق حول قانون الانتخاب، وهي صيغة يكون الجميع مرتاحا لها وتقضي بتعليق المهل»، مضيفا: «نحن أمام محاولة جدية لقانون جديد، وانطلاقا من هنا وجدنا هذه الصيغة»، لافتا إلى أنه سيتم تحديد جلسة لمناقشة قانون الانتخابات الجديد في 15 أبريل (نيسان) الحالي.

وقال أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان: «علقنا كل المهل، وأمامنا شهر لنبحث في قانون الانتخاب»، مضيفا: «على اللبنانيين أن يعرفوا أن هناك من لا يريد تغيير (قانون الستين). هناك من يريد أن يفرض عليهم إرادة ليست إرادتهم، وأن هناك من يريد أن يكمل بقوانين غير ميثاقية وغير دستورية ويتخطى من أعلى المرجعيات».

ولفت كنعان إلى أن «هناك قانونا مجحفا وغير ميثاقي»، معتبرا أن «مقاطعة نواب (جبهة النضال) للجلسة اليوم تعني إصرارهم على (قانون الستين) ويريدون الترشح عليه ويرفضون إلغاء ترشيحاتهم على أساسه».

من جهته، قال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال النائب وائل أبو فاعور من «جبهة النضال الوطني»: «كان هناك اقتراح قانون لتعليق المهل، ثم قدم اقتراح آخر من كتلة المستقبل، وما نريد تأكيده هو أننا رفضنا أولا صيغة تعليق المهل وأيضا لم نوافق على نص التسوية الذي تم اقتراحه لأننا نخشى أن يكون في طيات هذا الأمر؛ دستوريا وقانونيا وسياسيا، رغبة خفية لإسقاط قانون الانتخابات المعمول به حاليا دون أن يكون هناك بديل، وبالتالي إدخال البلد في دوامة من الفراغ الدستوري أو إجبار الحياة السياسية اللبنانية على الخضوع لقوانين رفضناها ونجدد رفضنا لها؛ القانون المسمى (القانون الأرثوذكسي) أو غيره». وأضاف أبو فاعور: «أبلغنا رئيس المجلس، وهو تفهم هذا الأمر، بأننا (جبهة النضال الوطني) لن نحضر الجلسة العامة التي ستعقد اليوم، وبالتالي أيضا أبلغنا بري تحفظنا على ميثاقية الجلسة إذا ما عقدت في غياب مكون أساسي من مكونات الحياة الوطنية اللبنانية».

كذلك، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني أن «المواجهة التي يشهدها المجلس النيابي هي بين طرفين؛ طرف رأس الحربة فيه تيار المستقبل، حريص على إجراء الانتخابات، وعلى منع الوصول إلى الفراغ، وطرف آخر رأس الحربة فيه حزب الله، يسعى إلى الفراغ، وتاليا إلى منع حصول الانتخابات». وأضاف: «إننا نقف وراء رئيس الجمهورية ميشال سليمان في معركة صون الدستور والمحافظة عليه من خلال الحرص على الالتزام بالمواعيد الدستورية للانتخابات النيابية وتنفيذ القوانين المرعية رفضا للفراغ».

واعتبر مجدلاني أن البعض يحاول عن قصد تصوير ما يجري بأنه صراع بين من يريد «قانون الستين» ومن يرفضه.. «هذه المحاولات هدفها خبيث وهي لا تمت إلى الحقيقة بصلة، وحرص تيار المستقبل على ملاقاة الطرف الآخر، حرصا منه على الموعد الدستوري لإجراء الانتخابات، ولأننا نعرف أن التفاهم الوطني يتطلب دائما تنازلات مشتركة للتلاقي، فبالتالي، كنا ضد النسبية في ظل السلاح، لكننا وافقنا على دمج النسبية مع الأكثري في قانون مختلط، إيمانا منا بضرورة مراعاة طموحات وهواجس الجميع، لكننا نفاجأ اليوم بأن الطرف الآخر، لا يزال متمترسا في موقعه، لا يتقدم قيد أنملة باتجاه المساحة المشتركة للتلاقي، وقد أوضحنا أننا مع القانون المختلط، وقد قطعت المحادثات في هذا الشأن مرحلة مهمة، وموقفنا هذا أعلناه في أكثر من مناسبة، وآخرها من بكركي على لسان رئيس الكتلة دولة الرئيس فؤاد السنيورة».

في المقابل، وعلى خط الاستشارات النيابية الجارية منذ يومين لتأليف حكومة، أكد الرئيس المكلف تمام سلام أن «الحكومة العتيدة لديها وظيفة مهمة وهي مواكبة الانتخابات»، مشددا على تمسكه بحكومة المصلحة الوطنية. وأشار بعد انتهاء الاستشارات النيابية في مجلس النواب، إلى أن «المهمة التي تواجهني مهمة جليلة ووطنية، بينما يتعلق دور كبير للحكومة المرتجاة على ما نحن مقبلون عليه من استحقاق دستوري ديمقراطي، ألا وهو الانتخابات العامة»، لافتا إلى أنه على الحكومة العتيدة مواجهة العديد من الأمور ومواكبتها والتصدي لها ومنها ما هو ملح وضاغط على المستوى المعيشي والأمني بما يريح الناس والبلد.

وأضاف أن «الإجماع الذي تجسد في التكليف لا بد أن أحرص من جهتي على المضي للمحافظة عليه في التأليف، ولكنني أقول إن الذين أجمعوا في التكليف عندهم مسؤولية كبيرة في الحفاظ على النتائج الإيجابية لهذا الإجماع، التي انعكست فورا في إطار ممارستنا الديمقراطية فرحا وسعادة وانشراحا عند كل الناس والبلد».

بدوره، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حفل وداعي في السراي الحكومي: «دخلت السراي قبل أقل من سنتين والحذر ينتابني خوفا من نقل الانقسامات إلى هذا الصرح. حصلت أحداث أمنية عديدة تعاملنا معها بحزم، وكنا ندرك الهول، ونعد العدة للأسوأ». وأضاف: «مع تسمية الرئيس المكلف وبدء الاستشارات، أشعر بالطمأنينة إلى مستقبل مجلس الوزراء لأن هذه المؤسسة في أياد أمينة»، مؤكدا أن «لبنان سيبقى وطنا يتم فيه تداول السلطة».

كما أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش «الاستعداد الكامل للتعاون، من أجل تشكيل حكومة جديدة، ضمن المبادئ التي ذكرناها»، متمنيا على الفريق السياسي الذي يعتبر أن رئيس الحكومة المكلف محسوب عليه، ألا «يضع أمامه شروطا وعقدا لإلزامه بها».

بدوره، شدد النائب مروان حمادة عقب لقائه سلام على أن يحظى رئيس الحكومة المكلف، بوجوب تأليف حكومة انتخابات تكنوقراط متجانسة ذات أفق سياسي، وأن تشكل هذه الحكومة من قبل أشخاص مرموقين في قطاعاتهم ومهنهم، وأن «يكون الرضا الأول على الحكومة هو رضا الشعب اللبناني».

من جهته، أكد عضو كتلة حزب البعث النائب عاصم قانصوه أن «جو الاستقرار الذي ساد كل الأراضي اللبنانية مفاده أن يكون هناك إجماع وطني كي تكون هناك حكومة سياسية موسعة لتساعد رئيس الحكومة المكلف في أداء مهمته»، مشيرا إلى أنه «إذا لم يحصل أي إجماع على أحد، فنحن مستعدون لمساعدته للوصول إلى الاستقرار ومساعدة الوضع الاقتصادي خصوصا من خلال المعابر مع سوريا».

كذلك، شدد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في تصريح له بعد لقائه سلام ضمن الاستشارات النيابية، على «ثوابت الوحدة الوطنية وتعزيز الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وثوابت وثيقة الوفاق الوطني، وكيفية التعامل مع الأرض المحتلة، والمقاومة، والثلاثي (الجيش والشعب والمقاومة)، وطبيعة علاقات لبنان مع البلدان، خاصة سوريا». واعتبر أن «هناك كثيرا من الأمور التي شابت العلاقات مع سوريا، وعلى الحكومة أن تعيد العلاقات بين البلدين»، مشيرا إلى أن «سلام يريد حكومة كل لبنان وكل اللبنانيين، وفي سلم أولوياته الاستحقاق الانتخابي الذي هو في أولويات اللبنانيين».