حركة مجتمع السلم الجزائرية تنتقد تفرد السلطة «بصياغة دستور على المقاس»

إبعاد الأحزاب المشاركة في الاستشارة السياسية من «لجنة الخبراء» المكلفة صياغته

TT

انتقد أكبر حزب إسلامي بالجزائر «إصرار السلطة على التفرد بصياغة مشروع الدستور على مقاس جاهز، وذلك بفرض منهجية عمل خاطئة». وجاء الانتقاد في سياق غموض حول رغبة مفترضة لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الاستمرار في الحكم.

وقال أبو جرة سلطاني رئيس «حركة مجتمع السلم» أمس في بيان، إن «اللجنة» التي أعلنت عنها السلطات الاثنين الماضي لصياغة تعديلات دستورية هي «مجرد غطاء تقني لتمرير ما لم يتم بشأنه أي توافق»، في إشارة إلى استشارة أطلقها الرئيس بوتفليقة في مايو (أيار) 2011 شاركت فيها كل الأحزاب والشخصيات السياسية الفاعلة، وقدمت مقترحاتها بخصوص الإصلاحات وتعديل الدستور. وتزامنت الاستشارة مع محيط جغرافي عاصف، تميز بمطالبة التونسيين والليبيين بتغيير النظام.

وذكر سلطاني بخصوص هذه المشاورات، التي قادها رئيس «مجلس الأمة» (الغرفة البرلمانية الثانية) عبد القادر بن صالح، نيابة عن بوتفليقة: «لقد انبثقت عنها الوثيقة المسماة (وثيقة أولية)، وهي وثيقة لا قيمة لها ما لم يتم تمكين الأطراف التي دعيت للتشاور من خلاصاتها واطلاع الرأي العام على محتواها قبل وضعها بين يدي اللجنة التقنية، لتأخذ الأمور طابع الشفافية التي طالبت بتوفيرها جميع الأطراف المشاركة في الاستشارات التي أدارها رئيس مجلس الأمة ثم الوزير الأول».

يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة كلف «لجنة من الخبراء» تتكون من خمسة مختصين في القانون، لا ينتمون لأي جهة سياسية، ووضع بين أيديهم «وثيقة أولية»، بحسب تعبير الوزير الأول عبد المالك سلال، لاعتمادها خارطة طريق في صياغة التعديلات الدستورية. لكن لا أحد يعرف مضمون هذه الوثيقة التي يفترض أنها خلاصة المشاورات السياسية مع الأحزاب والشخصيات والنقابات. ولأن السلطات لم تكشف عن محتواها، فإن سلطاني يتهمها بـ«القفز فوق إرادة الأطراف المشاركة في الاستشارة».

وأضاف سلطاني أن حزبه، الذي انسحب عام 2011 من «التحالف الرئاسي» الداعم لسياسات بوتفليقة، مفضلا صفوف المعارضة، «يجدد تمسكه بالموقف من جوهر التعديل الدستوري، والمتمثل في الذهاب بشجاعة إلى نظام برلماني بعد مراجعة عميقة ونقاش واسع مع جميع القوى السياسية وفعاليات المجتمع المدني». في إشارة منه إلى الانتقال من نظام رئاسي بصلاحيات واسعة، كما هو الحال طيلة 14 سنة من حكم بوتفليقة، إلى نظام برلماني يتم فيه توسيع سلطات البرلمان، خاصة فيما تعلق بمراقبة عمل السلطة التنفيذية.

ويعتبر مصير بوتفليقة أهم لغز في الفترة التي تسبق التعديل الدستوري، وانتخابات الرئاسة المنتظرة ربيع العام المقبل، فالرئيس لم يفصح إن كان يرغب في ولاية رابعة، مع استمرار الإشاعات عن تدهور ظروفه الصحية.. ما قد يمنعه من تمديد حكمه. ولما شعرت أحزاب وأشخاص موالون له بأن الرئيس لم يحسم الأمر بعد، خرجت إلى الميدان في تجمعات ومؤتمرات صحافية تناشده الترشح من جديد. ويقود هذه المبادرة وزيرا الأشغال العمومية عمر غول، ووزير تهيئة العمران والبيئة عمارة بن يونس.

وتقول حركة مجتمع السلم في بيانها إن الدستور «شأن وطني مرتبط بالإرادة السياسية، وليس «وضعية تقنية» تخضع للخبراء الذين يفترض أن يكون عملهم تتويجا لمسار مشاورات واسعة وعميقة، تتجاوز حيز تشكيلة لجنة حكومية، لا نرى لها صبغة سياسية تدرك عمق ما يجري من تحولات في الواقع الوطني والإقليمي والدولي».

وتابع البيان: «إن توكيل وثيقة بحجم الدستور إلى تقدير لجنة تقنية، يدل على تغييب الإرادة الشعبية، ويوحي بالإصرار على فرض سياسة التفصيل على المقاس، مما يعمق مشاعر التهميش، ويوسع الهوة بين السلطة ومكونات المجتمع الجزائري إذا ظلت السلطة تفكر وحدها، ولا تقيم أي اعتبار لشركائها في هذا الوطن المتطلع إلى إصلاحات جادة وعميقة وشاملة».