نائب رئيس البرلمان الأردني: ما زلنا غير مؤهلين للحكومات البرلمانية

قال لـ «الشرق الأوسط» إن تشكيلة الحكومة أثبتت أن مشاورات النسور ضحك على الذقون والحديث عن التعديل خداع

خليل عطية
TT

قال النائب الأول لرئيس مجلس النواب الأردني خليل عطية إن تشكيلة الحكومة الجديدة كشفت أن المشاورات التي أجراها رئيس الوزراء عبد الله النسور كانت عبثية وهراء وضحكا على الذقون وذرا للرماد في العيون وإن معظم الوزراء من الوجوه التي فاجأت النواب. وقال في مقابلة قصيرة أجرتها معه «الشرق الأوسط»: «إننا ما زلنا غير مؤهلين للحكومات البرلمانية لأنها تحتاج إلى أحزاب ذات برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وهذا غير متوفر في البرلمان والكتل النيابية هي سريعة الذوبان ولا تقوم على أسس مبدئية وبرامجية».

واعتبر عطية عرض الرئيس النسور تعديل الحكومة وإدخال نواب إلى الحكومة بعد ستة أشهر أنه «نوع من خداع النواب من أجل الحصول على الثقة المطلقة»، مؤكدا أن هذا العرض هو أكبر إهانة للمجلس وللنواب واستخفاف بهم.

وفي ما يلي نص المقابلة:

* كيف تقرأ تشكيلة الحكومة الجديدة بعد شهرين من المشاورات النيابية؟

- تبين أن هذه المشاورات كانت شكلية وعبثية وهراء وضحكا على الذقون وذرا للرماد في العيون ومن أجل أن تظهر أن حكومة النسور جاءت بترشيح من النواب ونتيجة لهذه المشاورات وأن هناك إصلاحا سياسيا من خلال سياسة جديدة في تشكيل الحكومات وهي إجراء المشاورات مع النواب، ولذلك فإن معظم الوزراء من الوجوه التي فاجأت النواب ولم يستبشروا بها، وكان واضحا من طريقة المشاورات أن النسور سيجدد له.

* هل الأردن مؤهل في الوقت الراهن للحكومات البرلمانية؟ وما هي العقبات التي تحول دون ذلك؟

- لا أعتقد أننا مؤهلون الآن للحكومات البرلمانية لأن (مثل هذه) الحكومات يحتاج إلى أحزاب ذات برامج سياسية واقتصادية واجتماعية وهذا غير متوفر في البرلمان.. والكتل النيابية (الموجودة فيه) هي سريعة الذوبان ولا تقوم على أسس مبدئية وبرامجية وإنما على تحالفات شخصية وعلاقات عامة بين الأعضاء ومصالح شخصية آنية.

* الرئيس النسور جاء بحكومة وصفت بـ«الرشيقة» ووعد بإدخال النواب في التعديل القادم، هل تعتقد أنه سيوفي بوعده أم أن ما قاله لا يخرج عن نطاق المناورة السياسية لكسب ثقة المجلس؟

- أعتقد أن تعديل الحكومة بعد ستة أشهر كما قال الرئيس هو نوع من خداع النواب من أجل الحصول على الثقة المطلقة منهم. لقد قال الملك إن هذه الحكومة ستستمر أربع سنوات وهي عمر المجلس الحالي وهو بذلك يضمن بقاءه في الحكومة طوال هذه المدة، وهذا الكلام هو استخفاف بعقول النواب واستهتار بالمجلس وهو نوع من رشوة النواب حتى يتسابقوا في دعم الحكومة وتأييدها.

* أحزاب المعارضة وجدت في ذلك، حسب قولها، إهانة للنواب، هل تعتقد أن النواب سيثأرون لكرامتهم؟

- نعم، أحزاب المعارضة محقة في ذلك، وحقا أن هذا الإعلان من رئيس الحكومة حول تعديل الحكومة وإدخال نواب فيها هو أكبر إهانة للمجلس وللنواب وهو استخفاف بهم كما قلت في الجواب السابق.

* بصفتكم نائبا لرئيس المجلس، ما هي أولويات عمل المجلس في المرحلة المقبلة؟

- (من) أولويات المجلس في المرحلة القادمة العمل على إصدار قانون انتخابي جديد يحقق التمثيل الحقيقي للشعب الأردني بكافة شرائحه وأصوله ومنابته ويمثل العامل الديموغرافي ببعده الحقيقي ومنع إصدار أي قوانين قد تزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين وخصوصا في ما يتعلق بزيادة الضرائب والرسوم ومنع زيادة الأسعار وخصوصا الوقود والكهرباء.

* هل ترى أن الوضع الاقتصادي سيتحسن في السنوات المقبلة؟ وما قد تكون عليه مؤشرات هذا التحسن في ظل الظروف الصعبة؟

- تحسن الوضع الاقتصادي في الأردن يتوقف على مقدار الدعم الاقتصادي الذي من الممكن أن يقدم من الخارج وخصوصا من الدول الشقيقة في الخليج، (لا سيما) السعودية لأنهم أكثر الدول دعما للأردن.. فنحن نأمل في أن تزيد هذه المعونات وهذا الدعم ويتوقف على مقدار نجاح الحكومة بجلب الاستثمارات التي من الممكن أن تساهم في النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل ويرتبط هذا أيضا بالاستقرار السياسي في المنطقة، فالمنطقة تمر بمرحلة تاريخية مليئة بالمفاجآت.

* بعض أعضاء المجلس هاجم دولة قطر ودولا خليجية أخرى متهما هذه الدول بالوقوف وراء إشعال الأزمة السورية، ما ردكم على هؤلاء؟

- هذا الموقف لا يعمم على المجلس وليس هو موقف جميع أعضاء المجلس وإنما هو يمثل أعضاء معدودين ولا يشكلون ثقلا عدديا في المجلس وهم مسؤولون عن موقفهم وهناك كثير من أعضاء المجلس يخالفونهم الرأي في هذا، وهم النسبة العظمى في المجلس. وهذا الموقف في رأيي يزج الأردن في أزمة سياسية مع السعودية وقطر نحن بغنى عنها، فالسعودية وقطر من الدول الداعمة للأردن ولا ينكر ذلك إلا متحامل، وبهذه المناسبة أوجه التحية للحكومة السعودية ولخادم الحرمين على وقوفهم دائما إلى جانب الشعب الأردني ودعمهم المتواصل للأردن.

(وكان عطية قد جمع تواقيع 84 نائبا تطالب بإصدار بيان يشيد بدور الأشقاء في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي في دعم الأردن).

* ما هي أسباب انسحابك من كتلة «وطن» النيابية، علما أنك من مؤسسي الكتلة؟

- وجدت أنني عندما أكون مستقلا عن الكتل النيابية تكون حرية الحركة عندي أسهل ومواقفي أتحمل مسؤوليتها شخصيا، فقد يكون للكتلة مواقف لا أوافق عليها وتحسب علي وقد يكون لي مواقف لا ترضى عنها الكتلة فتحسب عليها مما يضعني في إحراج أو يضع الكتلة في إحراج.

* أنت نائب لخمس دورات انتخابية، ما سر حصولك على أعلى الأصوات على مستوى المملكة؟

- إنه صدقي مع قاعدتي الانتخابية والوفاء بالعهود والوعود والالتصاق بهموم الناس وعدم إغلاق أبوابي أمامهم والتعبير عن ضميرهم ووجدانهم بصدق وأمانة في ما يتعلق بالمواقف السياسية وهم قد جربوا صدقي معهم أكثر من مرة وخلال هذه الدورات الخمس مما جعلهم يثقون بي وبوعودي، وإن شاء الله سأبقى على العهد معهم ولن أخذلهم وسأبقى وفيا لهم.

* هل ترى أن المجلس النيابي الحالي يختلف عن المجالس السابقة؟ وهل هو في رأيك أداة طيعة بيد الحكومة؟

- ما زلنا في البداية والحكومة جديدة ولم يحصل إلى الآن اختبار حقيقي للمجلس. وهذا ما ستفصح عنه الأيام القادمة، فمن المبكر الآن بعد ثلاثة أشهر من عمر هذا المجلس الحكم عليه.

* ما هو الدور المنتظر من المجلس الحالي لتطوير العمل السياسي؟

- هذا المجلس سيكون علامة فارقة في تاريخ الحياة السياسية الأردنية، إما أن يثبت أنه على مستوى المسؤولية التاريخية المناطة به وهي الإصلاح السياسي مما يعزز ثقة الشعب به، وإما أن يفشل في ذلك مما يفقد الناس الأمل بأي إصلاح حقيقي. لذلك يجب أن يعمل هذا المجلس على وضع التشريعات والقوانين التي تدفع بالحياة السياسية نحو الأفضل ويجب أن يكون الأداء يرتقي إلى الطموح الذي ينتظره الشعب منه ونتمنى لهذا المجلس التوفيق والنجاح في مهمته.

(يذكر أن النائب عطية حصل على أعلى الأصوات في الدائرة الأولى للعاصمة عمان، حيث نال أكثر من 19 ألف صوت، وهو نائب منذ عام 1997 وفاز بخمس انتخابات نيابية وقبلها فاز بعضوية مجلس أمانة عمان. وفي الانتخابات الأخيرة اختار عطية شعارا مركزيا لحملته الانتخابية هو «لا بديل عن فلسطين إلا الجنة»).