أوباما يقترح ميزانية دفاع بـ526 مليار دولار.. وتوقع عرقلتها في الكونغرس

الخطة تتطلب إغلاق قواعد وخفض العمالة المدنية.. و«القوات الخاصة» تحظى بوضع استثنائي

وزير الدفاع هيغل أثناء حديثه للصحافيين في البنتاغون حول الميزانية أول من أمس (أ.ب)
TT

اقترحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ميزانية دفاع قيمتها 526.6 مليار دولار تستوجب إغلاق قواعد وخفض العمالة المدنية والتخلي عن برامج للأسلحة. وتتيح الميزانية المقترحة للسنة المالية 2014 لوزارة الدفاع الأميركية تطبيق تخفيضات جديدة في الإنفاق بقيمة 150 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة، بدلا من اضطرارها لتطبيق تخفيضات تلقائية في الإنفاق الإجمالي للحكومة بقيمة 500 مليار دولار بموجب آلية بدأت في الأول من مارس (آذار).

لكن محللين دفاعيين انتقدوا الخطة، وقال أحدهم إنها ستموت بمجرد وصولها إلى الكونغرس بسبب ما تتطلبه من خطوات صعبة سياسيا، وإنها قد تحدث تخفيضات جديدة في الميزانية تطيل أمد الشكوك المالية التي أربكت البنتاغون في الأشهر الأخيرة. وحيث إن الولايات المتحدة ما زالت منخرطة في حرب بأفغانستان وتجابه توترات في شبه الجزيرة الكورية، قال وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل إن خطة الميزانية الجديدة ستتيح لوزارة الدفاع وقتا تحتاجه، وسترجئ معظم الخفض المقرر بواقع 150 مليار دولار لما بعد عام 2018. وأضاف «في حين لا توجد أي وكالة ترحب بمزيد من التخفيضات في الميزانية فإن اقتراح خفض العجز الذي طلبه الرئيس في هذه الميزانية يتيح للوزارة وقتا».

وتطلب الميزانية المقترحة من الكونغرس اتخاذ سلسلة من الخطوات الصعبة سياسيا، ومنها بدء عملية إغلاق جديدة لقواعد أميركية، وزيادة رسوم الرعاية الصحية للعسكريين المتقاعدين، وإبطاء وتيرة الزيادات في رواتب العسكريين. وقال مسؤولو دفاع إن خطة الوزارة اشتملت أيضا على خفض قوتها العاملة من المدنيين بما بين 40 و50 ألفا على خمس سنوات، واتخاذ خطوات جديدة لخفض تكلفة الرعاية الصحية بما فيها إعادة هيكلة المنشآت العلاجية.

وتتضمن الميزانية 88.5 مليار دولار لحرب أفغانستان وعمليات أخرى في الخارج، وهو المبلغ نفسه الذي تم طلبه العام الماضي. وخطة الإنفاق جزء من الميزانية المقترحة التي أرسلها الرئيس باراك أوباما للكونغرس أول من أمس. وأمام الخطة فرصة ضئيلة لإقرارها، ومن المتوقع أن تكون أداة تفاوض مع الجمهوريين الذين صاغوا مقترحاتهم الخاصة بشأن الميزانية.

وبدا أن الميزانية المخصصة للقوات الخاصة حظيت بمعاملة استثنائية، في ظل التخفيضات. وأفادت تقارير إخبارية بأن الرئيس أوباما قدم إلى الكونغرس مسودة تعديلات تقوى «سوكوم» (قيادة القوات الخاصة) في تامبا بولاية فلوريدا. وتشمل المسودة رفع مستواها إلى مستوى قريب من الأسلحة الأخرى في القوات الأميركية المسلحة، مثل سلاح الجو، أو قوات المارينز. وقال الأدميرال ويليام ماكريفين، قائد القوات الخاصة، في جلسة استماع في الكونغرس يوم الأربعاء الماضي «في أي يوم من أيام السنة توجد قوات خاصة تعمل في ما بين سبعين وتسعين دولة حول العالم». وقال إن القوات الخاصة «تزيد دورها لتتعقب القاعدة والمنظمات الإرهابية التي تتعاون معها، أو تؤيدها، في أي مكان في العالم». وقال إن القوات الخاصة ستتشعب، وتقوي عمليات التجسس وجمع المعلومات عن الإرهابيين في كل مكان.

وفي إجابة عن أسئلة، خلال الاستجواب، عن المنافسة مع العمليات العسكرية الأميركية الأخرى حول العالم، قال إنه يتلقى الأوامر من الرئيس باراك أوباما، ومن وزير الدفاع، وسينسق مع القوات الأميركية الأخرى، ومع السفارات الأميركية في البلد الذي تقوم فيه بعلميات ضد الإرهاب. وقال إن القوات الخاصة تريد توسيع «نشاطاتها غير العسكرية» في الدول الخارجية، وداخل الولايات المتحدة، منها التنسيق مع معاهد ومراكز متخصصة في محاربة الإرهاب في واشنطن، وفي مؤسسات وجامعات أخرى في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن القوات الخاصة تشترك مع حكومات لتدريب قواتها، ومساعدتها في محاربة الإرهاب. وأشار إلى تعاون مع حكومات ليبيا والجزائر ومالي ودول أخرى في المنطقة.

غير أن جلسة الكونغرس عن القوات الخاصة تحاشت وضع رقم لميزانيتها، وقال الأدميرال ماكريفين إنه لن يتحدث عن الأرقام في جلسة علنية، وطلب تحديد جلسة سرية لذلك. لكنه قال «نأمل الموافقة على الزيادات المقترحة لتوسيع عملياتنا حول العالم». وكانت القوات الخاصة بدأت قبل أكثر من أربعين سنة، خلال الحرب في فيتنام، وكجزء من الجيش، وكانت تسمى «غرين بيري» (القبعات الخضراء)، وعهد لها بتنفيذ خطة «الحرب غير التقليدية»، والتي شملت ولا تزال تشمل، حرب العصابات، ومواجهة حرب العصابات.

وتقل قيمة الميزانية المقترحة لعام 2014 عن تلك الخاصة بعام 2013، بأقل من واحد في المائة. وتؤجل خطة الميزانية المقترحة قرارات خاصة بخفض كبير لعدد القوات وخفض كبير لتمويل برامج الأسلحة، وهي خطوات من شأنها توفير مدخرات أكبر. وقال هاغل إن وزارة الدفاع تريد العمل مع مشرعين من أجل إدخال تغييرات مالية مهمة تمت عرقلتها في السابق، مشيرا إلى ضرورة أن تدفع أزمة الديون التي تمر بها البلاد القادة للتوصل إلى تسويات وحلول وسط صعبة. وصرح لصحافيين يوم الأربعاء «يتطلب منا الواقع المالي الحالي أن نتخذ قرارات صعبة تمت عرقلتها في الماضي. كلما تأخرنا في هذا ازداد الأمر صعوبة، خاصة بالنظر إلى حالة عدم اليقين التي لا تزال موجودة بشأن مستوى الإنفاق العسكري في المستقبل».

بدأ المنتقدون عملهم قبل ساعات من الإعلان رسميا عن الميزانية. وقال البعض إن مستوى الإنفاق المقترح لا يزال مرتفعا على نحو غير معقول، في حين رأى البعض الآخر أن بعض أوجه الخفض المحددة لم تكن حكيمة. وقال عضو الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية أوكلاهوما، جيمس إنهوف، وعضو لجنة القوات المسلحة، إن خطة الرئيس ستلبي طلبات المعارضة الصارمة في الكونغرس. وصرح في بيان «إن هذا المقترح يكمل تاريخه المؤسف في تحميل رجال ونساء الجيش خفضا غير منطقي وغير متكافئ في الميزانية يقوض بشكل كبير الاستعداد والإمكانيات التي يحتاجونها للعمل في عالم يتزايد الخطر به يوما تلو الآخر».

ومن المعتاد أن يثار الجدل بشأن ميزانية وزارة الدفاع كل عام، لكن على الأرجح سيكون الصراع على أموال العام المالي المقبل معقدا وممتدا على نحو استثنائي. وما يعقد الأمر هو سياسة خفض الدين التي تتسم بالتعقيد، التي أدت خلال الشهر الماضي إلى خفض تلقائي قدره 41 مليار دولار يجب أن يوزعه الجيش بشكل متساو بحلول الأول من أكتوبر (تشرين الأول). وإذا لم يستطع البيت الأبيض والكونغرس التوصل إلى حل وسط بشأن خفض الإنفاق الشامل خلال العام الحالي، فإنه يمكن أن تستمر العملية، التي تعرف باسم «المصادرة»، في التراجع بميزانية وزارة الدفاع تدريجيا بخفض نحو 500 مليار دولار خلال العقد المقبل.