ارتباك في مواقف المسؤولين المصريين تجاه السياحة الإيرانية

زعزوع: لم نصدر قرارا بوقفها.. وقنديل: أوقفناها لحين هدوء الأوضاع

تصريحات وزير السياحة المصرية على موقع وكالة أنباء «فارس» الإيرانية، باللغة العربية، ينفي فيها وقف السياحة من إيران لمصر
TT

سادت حالة من الارتباك في مواقف المسؤولين المصريين تجاه السياحة الإيرانية، في وقت تشهد فيه البلاد خلافات بشأن التقارب مع طهران، بين التيار السلفي والسلطات الحاكمة التي يقودها الرئيس محمد مرسي، القادم من جماعة الإخوان المسلمين.

وتعاني مصر من تدهور شديد في القطاع السياحي وتراجع الوضع الاقتصادي، وتقول الحكومة إن جلب سياح من إيران من شأنه أن يسهم في إنعاش الاقتصاد، بالتزامن مع حصولها على نحو خمسة مليارات دولار كودائع من قطر وليبيا. وظل القطاع السياحي المصري يعتمد بشكل أساسي على السياحة الغربية والعربية لعقود، لكنها تراجعت بقوة بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية. وتقول الحكومة إنها تسعى لاستعادة ما فقدته، لكنها في الوقت نفسه تحاول الاستفادة من السياح من دول أخرى من بينها إيران والهند وغيرهما.

وتواجه السياحة الإيرانية إلى مصر مشكلة، لأنها تأتي بعد 34 سنة من القطيعة بين البلدين، منذ ثورة الخميني عام 1979. وتنظر عدة مؤسسات وتيارات مصرية بالريبة لأي تقارب مع إيران، منها مؤسسة الأزهر والتيارات السلفية، بسبب ما يقولون إنه مساع إيرانية لنشر التشيع في المنطقة والتدخل في الشؤون العربية، وهو ما تنفيه إيران. وفي ما بدا أنه تراجع من وزير السياحة المصري، هشام زعزوع، عن تصريحاته (عبر بيان) التي قال فيها مطلع هذا الأسبوع إنه تقرر وقف السياحة مع إيران مؤقتا، نقلت عنه وكالة «فارس» الإيرانية أمس قوله «لم نصدر أي قرارات بوقف السياحة الإيرانية»، وذلك بعد يوم واحد من إعلان رئيس الوزراء المصري هشام قنديل عن وقف حكومته «السياحة الإيرانية لمصر لحين هدوء الأوضاع».

وقالت وكالة «فارس» إن زعزوع نفى في تصريحات لها ما نشر في بعض الصحف عن إصداره قرارا بوقف السياحة الإيرانية لمدة 45 يوما، مؤكدا على عدم إصدار أي قرارات بهذا الشأن، وأن الجانب المصري ملتزم بما تم الاتفاق عليه مع الجانب الإيراني، والتعاون ما زال مستمرا. كما نقلت عن الوزير أن «ما قيل في هذا الموضوع هو أن تلك الفترة هي ليست موسما سياحيا بالمرة، والسياحة الإيرانية مرتبطة بالمواسم السياحية، وهناك ترتيبات مع شركات السياحة لحين بدء موسم السياحة في شهر يونيو (حزيران) المقبل، ولكن لم تصدر قرارات سواء منا أو من الجانب الإيراني بوقف النشاط السياحي، ونحن ملتزمون بما اتفقنا عليه».

وكانت «الشرق الأوسط» انفردت يوم الاثنين الماضي بنشر قرار وزير السياحة المصري بشأن إرجاء رحلات السياحة الإيرانية. ويقول نص القرار الذي صدر مساء يوم السابع من الشهر الحالي «قرر وزير السياحة السيد هشام زعزوع وقف الرحلات السياحية الوافدة من إيران إلى مصر حتى النصف الثاني من يونيو المقبل، وذلك في أعقاب الرحلة الأولى التي قامت بها مجموعة من السائحين الإيرانيين إلى مصر خلال الشهر الحالي»، وأنه «سيتم انتهاز هذه الفترة لإعادة تقييم ومراجعة التجربة والبرامج السياحية مع الجانب الإيراني».

ومن جانبه، قال قنديل، وفقا لما بثته وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية الرسمية «أوقفنا مؤقتا السياحة الإيرانية إلى حين استقامة الأمور». وصرح قنديل بذلك خلال لقائه بالجالية المصرية في قطر يوم أول من أمس (الأربعاء)، معربا عن أسفه لوجود من يهاجم تلك السياحة بحجة أنها ستؤدي إلى نشر المذهب الشيعي، في إشارة إلى التيار السلفي في البلاد الرافض للتقارب بين طهران والقاهرة.

وقالت رشا العزايزي، المستشارة الإعلامية والمتحدثة الرسمية باسم وزارة السياحة، في ردها على أسئلة «الشرق الأوسط» بشأن تصريحات الوزير زعزوع الجديدة «نحن لم نلغ الرحلات السياحية مع إيران، ولكن تجري إعادة النظر في البرنامج السياحي مع القطاع الخاص، كما أن الوقت الحالي لا يعد موسما لخروج السياحة الإيرانية، لأن هذا موسم عيد النيروز لدى الإيرانيين الذي يحتفون به في بلادهم». وأضافت العزايزي قائلة إن «الرحلات ستعود مع النصف الثاني من شهر يونيو، والوزير (زعزوع) كان لديه اجتماع بالأمس بهذا الخصوص مع شركات السياحة المنظمة، والوزير أعلن أنه سيلتقي الجماعة السلفية والأحزاب التي لها صبغة سلفية لشرح الموضوع أكثر، والوزير يحب أن يتحاور ويتناقش»، في كل ما يمكن أن يخدم السياحة ويعيد الحياة للقطاع السياحي. وبعد نحو أسبوع من قيام عناصر منها بالهجوم على منزل مكتب رعاية المصالح الإيرانية في القاهرة احتجاجا على تقارب بلاده مع مصر، أعلنت 15 حركة وائتلافا إسلاميا، غالبيتها من التيار السلفي، تنظيم وقفة احتجاجية أمام المقر الرئيسي لجماعة الإخوان اليوم (الجمعة) للمطالبة بإلغاء اتفاقية السياحة بين مصر وإيران. ومن بين المشاركين في الوقفة الاحتجاجية «ائتلاف دفاع المسلمين عن الصحب والآل»، و«عائدون للشريعة» و«ثوار مسلمون»، و«طلاب الشريعة»، و«تيار الإصلاح». وفي إيران تجمع حشد من الطلاب والشباب الإيراني أمام مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران لتسليم مديره باقة ورد كتعبير عن موقفهم المؤيد للتقارب مع مصر. ورفع الطلاب الإيرانيون شعار «وردة بيدي وحب في قلبي»، قائلين إن من قاموا بمهاجمة منزل القائم بالأعمال الإيراني في القاهرة لا يمثلون إرادة الشعب المصري.

وعلى صعيد متصل، أعرب الوزير زعزوع أمس عن أسفه الشديد للأحداث التي وقعت في محيط الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وقال إن مثل هذه الأحداث «نار تحرق الجميع»، وإن أقصر الطرق لخراب وطن هي الفتنة الطائفية، مؤكدا على أن «الاستقرار» هو مفتاح تقدم مصر وخروجها من الأزمة الحالية، وأن «ما تمر به من أحداث يُدمي القلب ويدمر الاقتصاد».