مشادة بين ماكين وفورد في الكونغرس حول سوريا

السفير قال إنه اقتصادي فرد السيناتور: إذن لم تقم بعملك في سوريا

روبرت فورد و جيمس كلابر و جون ماكين
TT

شهدت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ مواجهة كلامية حادة بين السيناتور الجمهوري عن ولاية أريزونا جون ماكين، والسفير الأميركي لدى سوريا روبرت فورد، خلال جلسة استماع مساء أول من أمس؛ إذ طالب ماكين بضرورة التدخل عسكريا في سوريا، فيما تمسك فورد بضرورة إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.

وبدا السيناتور الجمهوري غاضبا وهو يطالب البيت الأبيض بفعل المزيد للإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد وإنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عامين، وقال: «ينبغي علينا أن نفعل شيئا لمنع هذه المذبحة الهائلة التي تجري هناك».

بدوره دافع السفير فورد عن سياسات واشنطن في عدم تسليح المعارضين، مشيرا إلى خسارة نظام الأسد كثيرا من المناطق لصالح الجيش السوري الحر، فما كان من ماكين إلا أن رد بعنف: «هذا صحيح، لكن إلى متى يستمر ذلك؟ كم من السوريين يجب أن يموت؟ كم منهم يجب أن يعذب؟».

وتوجه ماكين للسفير فورد بالقول إن «الأدميرال ستافريديس والأدميرال ماتيس يؤكدان أن لدينا القدرة على فرض حظر جوي على سوريا باستخدام صواريخ (باتريوت) وأسلحة هجومية»، متسائلا إن كان السفير الأميركي لدى سوريا يؤيد مثل هذا الحظر الجوي، فأجاب فورد: «أنا اقتصادي ولست محللا عسكريا». فاحتد السيناتور ماكين قائلا: «انتظر لحظة. من المفترض أنك تعرف الوضع على الأرض، فأنت كنت السفير لدى سوريا، وإذا كان هناك شخص من المفترض أن يكون على دراية بما يجري في سوريا فهذا الشخص هو أنت، وإجابتك أنك اقتصادي تشير إلى أنك لم تكن تقوم بعملك، وربما من الملائم لك أن تعمل اقتصاديا في وزارة الخارجية».

وانسحب السيناتور ماكين من الجلسة اعتراضا على تشديد فورد على ضرورة حل الأزمة السورية سياسيا وليس عسكريا، بينما كانت إليزابيث جونز مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى تجيب هي الأخرى على أسئلة وجهها لها السيناتور ماكين.

وكان فورد قد حذر في شهادته من زيادة حدة الصراع في سوريا، مفضلا البحث عن حلول سياسية، ومضيفا: «لا نريد أن يتم استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، ولا أن تقع في أيدي الجهات الإرهابية، كما أننا لا نريد أن تصبح سوريا قاعدة للعمليات الإرهابية وتصبح ملاذا للإرهابيين لشن هجمات ضد الولايات المتحدة». وأضاف: «يجب أن تكون سوريا مصدرا للاستقرار في المنطقة، لا نعتقد أنه يمكن تحقيق ذلك دون حلول سياسية تقوم على التفاوض».

وبينما يحتدم الصراع في السلطتين التشريعية والتنفيذية حول مسألة تسليح المعارضة، يعتقد مسؤولون أميركيون كبار أن سوريا قد تواجه صراعا دمويا طويلا حتى إذا نجح الثوار في إسقاط الأسد. وفي هذا الصدد نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر توقعه أن يستمر العنف الطائفي حتى بعد سقوط الأسد.

وأكد كلابر للجنة الاستخبارات في مجلس النواب أول من أمس أن الوضع السوري، على الأرجح، منقسم على أسس جغرافية وطائفية، في ظل وجود جماعات مسلحة ستستمر في القتال لمدة تتراوح بين عام و18 شهرا، بعد الإطاحة بالأسد، مضيفا: «يوجد مئات من تلك الجماعات المسلحة يقاتلون في شمال وشرق البلاد، ويتنامى نفوذهم في المنطقة».

ومع هذا، يؤكد كلابر أن وكالات الاستخبارات الأميركية لن تغامر بتقديم عدة تكهنات بشأن ميعاد الإطاحة بالأسد، أو الكيفية إلى قد يتم بها ذلك، في ظل الدعم المستمر من قبل روسيا وإيران لسوريا، فضلا عن اعتقاد الرئيس السوري نفسه أنه قادر على تجاوز الحرب الأهلية. وأردف كلابر قائلا: «تكمن وجهة نظر الأسد في أنه يسيطر على الوضع، وأنه سيفوز في النهاية، وقال إنه ولد في سوريا وسيموت بها».

وردا على سؤال حول الموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة وحلفاؤها في حال استخدام بشار الأسلحة الكيميائية، وهو «الخط الأحمر» الذي أوضح أوباما أنه قد يؤدي إلى تدخل عسكري أميركي، قال كلابر إن قدرات الولايات المتحدة ودول أخرى في المنطقة «يمكن أن تستغل».

ويتوافق رأي كلابر مع رأي السفير الأميركي فورد الذي شدد، خلال جلسة المشادة مع ماكين، على ضرورة التمييز بين الفصائل المختلفة التي تقاتل ضد نظام الأسد في سوريا، ومساندة الفصائل الأكثر علمانية وديمقراطية، واصفا دور إيران داخل سوريا بأنه «خبيث»، مشيرا إلى أن إيران تساعد نظام الأسد في تكوين ميليشيات طائفية وتجذب حزب الله وميليشيات عراقية إلى سوريا.

ويرى عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي ضرورة تقديم المساعدات العسكرية للمعارضة السورية من منطلق أن تسليح المعارضة سيوقف نفوذ الميليشيات العسكرية للمتشددين الإسلاميين، والتأكد من حماية الأسلحة الكيماوية، وضمان عدم وقوعها في أيدي الإرهابيين، وفي الوقت نفسه تهدئة الغضب من تزايد أزمة اللاجئين في دول الجوار، وصمت الولايات المتحدة تجاه تلك الأزمة.

وقال السيناتور الديمقراطي روبرت منديز رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الشيوخ: «أعتقد أن الوقت قد حان للنظر بشكل أو بآخر في إمكانية تسليح المعارضة السورية». وأضاف: «لا بد من إعطائهم مساعدات عسكرية تشمل أسلحة، لكن ليس أسلحة يمكن استخدامها في تهديد المصالح الخاصة بنا إذا وقعت في الأيدي الخطأ، مثل الصواريخ المحمولة على الكتف».

وقد أكد الجنرال فيليب بريدلوف، الذي رشحه الرئيس باراك أوباما لتولي قيادة حلف شمال الأطلسي، في شهادته أمام اللجنة، مساندته لفكرة تسليح المعارضة السورية، وشدد على ضرورة التأكد من عدم وقوع تلك الأسلحة في الأيدي الخطأ.

وقال: «لو تمكنا من ضمان ذهاب تلك الأسلحة إلى الأشخاص المناسبين، وأننا لن نواجههم في المستقبل؛ فإنه من المفيد تسليحهم لإزالة هذا النظام».

وفي إجابته عن إمكانية إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا قال بريدلوف إن بطاريات صواريخ «باتريوت» التي نشرتها الولايات المتحدة في تركيا، يمكنها ضمان إقامة وفرض منطقة آمنة، لكنه أشار إلى سلسلة من المخاوف، قائلا إن مجال الصواريخ محدود، وإن تلك الصواريخ قادرة على وقف أي اعتداءات على المجال الجوي التركي إذا كان قادما من سوريا، وإن فرض منطقة حظر جوي يستدعي استخدام طائرات متقدمة لضرب منظومة الدفاع الجوي السوري.

ومن المتوقع أن يدلي كل من وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل، ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي، بشهادتهما أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأسبوع المقبل حول خيارات الولايات المتحدة في تعاملها مع الأزمة السورية.

فيما أشارت مصادر بالبيت الأبيض إلى أنه لا توجد أي مؤشرات إلى أن الإدارة الأميركية على استعداد لاتخاذ خطوات عسكرية في سوريا، مشيرة إلى استمرار الإدارة الأميركية في دعم المعارضة وتقديم المساعدات غير القتالية لهم، التي تشمل دروعا واقية، ونظارات للرؤية الليلية، ومعدات عسكرية دفاعية فقط.

يشار إلى أن مجموعة من الكتائب والألوية الإسلامية التابعة للجيش الحر أعلنت أمس في بيان لها عن رفضها لمبايعة «جبهة النصرة» لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، داعين إلى التوحد و«تغليب الوسطية والاعتدال». وقال البيان الموقع من «جبهة تحرير سوريا الإسلامية»: «نحن في سوريا عندما خرجنا وأعلنا جهادنا ضد النظام الطائفي خرجنا لإعلاء كلمة الله وليس لأن نبايع رجلا هنا أو رجلا هناك، ونفتئت على بقية إخواننا المجاهدين وشعبنا (...) أو أن نفرض عليهم شيئا فوق إرادتهم».

وتضم الجبهة نحو عشرين لواء وكتيبة ومجموعة إسلامية ممثلة في القيادة العسكرية العليا للجيش الحر، ومن أبرزها لواء التوحيد ولواء الإسلام وألوية صقور الشام وكتائب الفاروق التي تعتبر من أبرز المجموعات المقاتلة ضد النظام.