عملية انتحارية في شمال مالي تودي بحياة 3 جنود تشاديين وتجرح 4

شاهد عيان لـ «الشرق الأوسط» : ملامح منفذ الهجوم وسواد بشرته يدلان على أنه من قبائل «الفلان»

TT

بينما أكد قادة عسكريون فرنسيون الأسبوع الماضي شروع بلادهم في سحب قواتها من مالي، شهدت مدينة كيدال في أقصى شمال شرقي مالي، صباح أمس عملية انتحارية استهدفت، مركبات عسكرية تشادية كانت تمر في السوق المحلية وسط المدينة.

الجماعات الإسلامية المسلحة وإن كانت لم تعلن حتى الآن مسؤوليتها عن العملية، إلا أن لمساتها تبقى واضحة عليها، حيث نفذ الهجوم شخص كان يرتدي حزاما ناسفا استطاع أن يقترب من المركبات وهي تدخل السوق، ليفجر نفسه مخلفا ثلاثة قتلى وأربعة جرحى في صفوف الجنود التشاديين.

ولم يتأخر الجيش التشادي في إصدار بيان حول الموضوع، إذ قال إن «مجموعة من عناصر الجيش التشادي زاروا اليوم (أمس الجمعة) سوق كيدال، من أجل التزود ببعض المؤن، وعند دخولها إلى السوق قام شخص يرتدي حزاما ناسفا بتفجير نفسه، مما تسبب في مقتل ثلاثة جنود وجرح أربعة آخرين».

وأضاف البيان الذي وزعته قيادة أركان الجيش التشادي زوال أمس في العاصمة نجامينا، أن «الإجراءات الكفيلة بنقل الجثامين إلى الوطن تم اتخاذها». يذكر أن الجيش التشادي تعرض لخسائر كبيرة في الحرب الدائرة في شمال مالي، حيث يقوم بعمليات على الخطوط الأمامية لمواجهة المقاتلين الإسلاميين المتحصنين في جبال إيفوغاس.

وحسب ما أكده شاهد عيان في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» فإن «الانتحاري اقترب من مركبات الجيش التشادي قبل أن يفجر حزامه الناسف وتتناثر أشلاؤه في الشارع الرئيسي الذي يمر وسط السوق»، وأضاف الشاهد أن «ملامح الانتحاري وسواد بشرته يدلان على أنه من قبائل الفلان»، وهي من المكونات العرقية لإقليم أزواد.

ووفق ما أكده أحد السكان المحليين فإن حالة من الهلع أصابت الجنود التشاديين الذين قاموا بإطلاق النار في جميع الاتجاهات، قبل أن يقوموا باعتقال بعض المشتبه في ارتباطهم بمنفذ العملية؛ فيما قام مقاتلون من الحركة الوطنية لتحرير أزواد بتطويق وسط المدينة وفرض إجراءات أمنية مشددة بحثا عن انتحاريين مفترضين.

وأكد مصدر محلي في اتصال مع «الشرق الأوسط»، أن «الهجوم من تنفيذ الجهاديين»، مشيرا إلى أن «هنالك ثلاثة قتلى، من بينهم منفذ العملية وجنديين تشاديين، وهي حتى الآن حصيلة مؤقتة»، وفق قوله.

يشار إلى أن مدينة كيدال، 1500 كيلومتر إلى الشمال الشرقي من العاصمة بماكو، توجد فيها قاعدة عسكرية للقوات الفرنسية والتشادية، تعتبر هي القاعدة الخلفية لعمليات مطاردة الجهاديين الذين يتحصنون في سلاسل جبال إيفوغاس الوعرة.

ويسيطر المتمردون الطوارق ممثلين في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، على كيدال، مؤكدين رفضهم دخول الجيش المالي إليها، وتتهمه بالضلوع في عمليات تصفية عرقية تستهدف العرب والطوارق وبعض الفلان القاطنين في شمال البلاد.

وسبق أن شهدت كندال انفجارين انتحاريين منذ بداية العملية العسكرية الفرنسية منتصف يناير (كانون الثاني) 2013؛ وذلك يومي 21 و26 فبراير (شباط) الماضي، حيث استهدف الهجوم الأول عسكريين فرنسيين وأسفر عن مقتل الانتحاري الذي كان يقود سيارة مفخخة، فيما استهدف الهجوم الثاني نقطة تفتيش تابعة للحركة الوطنية لتحرير أزواد مخلفا سبعة قتلى من عناصر الحركة.

ويعتبر هجوم أمس هو أول هجوم انتحاري يستهدف القوات التشادية في شمال مالي، والبالغ تعدادها 2000 جندي، وهي قوات تقوم منذ منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي بعمليات جريئة لملاحقة المقاتلين الإسلاميين الذين يتحركون بسرعة، فيما أشاد الفرنسيون بالجيش التشادي معتبرين أنه قادر على ملاحقة المقاتلين الإسلاميين لخبرته في مثل هذا النوع من الحروب، غير أنه دفع الثمن غاليا عندما خسر 26 من جنوده في اشتباك مع مقاتلين إسلاميين وسط جبال إيفوغاس نهاية فبراير (شباط) الماضي.

وسبق أن أعلن الجيش التشادي أنه تمكن من قتل اثنين من أكبر وأخطر زعماء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وهما عبد الحميد أبو زيد، أمير كتيبة طارق بن زياد والمشهور بتخصصه في اختطاف الرعايا الفرنسيين حيث يحتفظ حتى الآن بأربعة رهائن قتل أحدهم في الأسابيع الماضية؛ إضافة إلى خالد أبو العباس، أمير «كتيبة الملثمون»، ومؤسس «كتيبة الموقعون بالدماء»، التي نفذت عملية احتجاز الرهائن في مجمع عين أميناس الغازي في يناير الماضي.