فنزويلا تستعد لطي صفحة ما بعد شافيز

مادورو وكابريلس ينهيان حملة خاطفة طغى عليها تبادل الاتهامات

إسعاف مناصرين أصابتهم حالات إغماء في آخر تجمع انتخابي لمادورو في كاراكاس مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

يستعد الفنزويليون لطي صفحة ما بعد هوغو شافيز خلال الانتخابات الرئاسية التي تجري غدا الأحد، والتي يعد فيها، نيكولاس مادورو، الأوفر حظا بالفوز بها أمام منافسه زعيم المعارضة هنريكي كابريلس. ولا تزال ذكرى الزعيم اليساري الذي توفي بسبب إصابته بالسرطان في 5 مارس (آذار) الماضي، تخيم على الحملة الانتخابية الخاطفة التي شهدت تبادلا لاتهامات في بلد منقسم جدا بعد 14 عاما من «الثورة الاشتراكية» والغارق في الأزمة.

وأنهى المرشحان الرئاسيان، الليلة قبل الماضية، حملتهما الخاطفة، وبالكاد تمكن مادورو من حبس دموعه أمام حشد من عشرات آلاف الأشخاص تجمعوا على أكبر جادة في العاصمة وحيث عرض تسجيل فيديو لشافيز. وهتف مادورو وقد التف بعلم بلاده: «سأكون بمثابة الأب والرئيس والرئيس بالنيابة عن الفقراء». وإلى جانبه وقف نجم كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا الصديق الشخصي للرئيس الراحل. وخصص مادورو، الذي أظهرت استطلاعات الرأي تقدمه بعشر نقاط في الانتخابات المقررة غدا الأحد، للإشادة بالرئيس الراحل. وقال بصوت متأثر: «أريد أن أكون عند حسن ظن القائد وأن أكون على قدر المسؤولية التي أوكلها إلي». وحث مادورو الذي يتولى حاليا الرئاسة بالوكالة بعد أن كان الذراع اليمنى للرئيس شافيز الذي اختاره خلفا له قبل وفاته، مناصريه على تحقيق آخر رغبات «القائد».

ومن جهتها، عقدت المعارضة آخر تجمع لها في باركويسيميتو (250 كلم شمال غربي كاراكاس) وفيه اختتم كابريلس الذي ارتدى قميصا بألوان العلم لقاءات انتخابية على مدى عشرة أيام حث فيها السكان على عدم تصديق «أكاذيب» منافسه.

ارتقى مادورو، 50 عاما، المقبل من الأوساط النقابية والذي كان سابقا سائق حافلة، بسرعة أعلى المراتب في النظام ليصبح وزيرا للخارجية اعتبارا من عام 2006 ثم نائبا للرئيس في 2012 قبل أن يتولى الرئاسة بالوكالة. ويعد هذا الرجل «باحترام وصية» مرشده في وجه «البرجوازيين» و«الفاشيين» وذلك في تجمعاته الانتخابية التي تغص بالحضور في سائر أرجاء البلاد تحت شعار «شافيز حي، والنضال مستمر» وسط التصفيق الحاد. وتقول زيومارا كاسترو الفنزويلية البالغة من العمر 59 عاما التي تسلمت مسكنا قدمته الحكومة «معه سنواصل الثورة من أجل الشعب. لا نريد العودة إلى اليمين، إنهم لا يهتمون أبدا بالأكثر تواضعا». وأوضح الخبير السياسي لويس فيسنتي ليون مدير معهد داتانانلايسيس «إن استراتيجية مادورو تقوم على تجسيد كل ما يرمز إليه شافيز وعلى تحقيق رغبته الأخيرة».

وفي شوارع كاراكاس ما زالت صور زعيم اليسار المتشدد في أميركا اللاتينية مهيمنة في كل مكان فيما يواصل التلفزيون العام إعادة بث خطبه بشكل منتظم. وبالقرب من أحد الأكشاك الحمراء الكثيرة التي تنشر الدعاية الرسمية في شوارع العاصمة، قال خوسيه كاريلو، 29 عاما، الذي يعمل في مجال الحديد: «الأحد سيكون تصويت لشافيز، تصويت لتخليد ذكرى، ودعم للثورة»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي إطار تقليد درج عليه شافيز اتهم مادورو أيضا المعارضة بتدبير مؤامرات مع الولايات المتحدة التي طرد اثنان من دبلوماسييها مؤخرا، وبالرغبة في إنهاء «المهمات البوليفارية» (البرامج الاجتماعية الممولة من الثروة النفطية) التي أخرجت ملايين الفنزويليين من دائرة الفقر.

وفي المقابل يقف كابريلس، 40 عاما، المحامي الشاب الأنيق الذي كان من أصغر النواب الفنزويليين سنا والمدعوم بخبرة سياسية قوية أثبتها بتوحيد المعارضة التي عرفت بانقساماتها فيما مضى. ومع حرصه على عدم خدش صورة الرجل القوي السابق في البلاد، يركز كابريلس هجماته على افتقار خصمه للكاريزما مكررا بانتظام أن «نيكولاس ليس شافيز» و«لا يختبئ وراء صورته». وينادي كابريلس أيضا بالاشتراكية الديمقراطية على النمط البرازيلي وباقتصاد السوق، ويعد بعدم إلغاء «المهمات البوليفارية»، لكنه يؤكد أنه سيقطع إمداد النفط عن كوبا، الحليف الدائم الذي يتلقى أكثر من مائة ألف برميل يوميا مقابل إرسال أطباء.

كما يؤكد أنه لا يمثل «المعارضة بل الحل» مشيرا إلى المشكلات التي يعيشها الفنزويليون يوميا مثل انعدام الأمن بمستوى قياسي في أميركا الجنوبية (16 ألف جريمة قتل لكل 29 مليون نسمة في 2012)، وتضخم بلغ أكبر معدل في المنطقة (20.1%) ونقص في المواد الغذائية وانقطاعات متكررة في التيار الكهربائي أو أيضا صعوبة الحصول على لعملات الصعبة بسبب الرقابة الصارمة على سوق الصرف منذ عشر سنوات.

وأمرت فنزويلا الثلاثاء بإغلاق حدودها وعززت تدابيرها الأمنية منددة بمؤامرة أميركية تستهدف اغتيال مادورو. ومن المقرر أن تنشر فنزويلا قوة خاصة من 125 ألف عنصر للسهر خصوصا على نحو 13600 مكتب اقتراع.