إسرائيل تتأهب لمواجهة عدو جديد في الجولان

بعد عقود من اعتبارها الجبهة الأهدأ

TT

وسط الزهور البرية التي تكسو منحدرات هضبة الجولان في فصل الربيع ينتشر حطام دبابات وقد اعتلاه الصدأ ليعيد للأذهان تلك الحرب الشرسة التي دارت رحاها عام 1973 بين الجيشين السوري والإسرائيلي، والتي أعلن كلا الطرفين الانتصار فيها.

وعلى مدى عقود ظلت الجبهة السورية الإسرائيلية هادئة، رغم عدم تمكن السوريين من استعادة هضبة الجولان التي احتلتها إسرائيل في حرب 1967، ولكن صفة الهدوء تنتفي الآن عن الجبهة مع تقدم الجيش السوري الحرّ باتجاه خط هدنة 1974. فقد عادت مواقع المراقبة العسكرية الإسرائيلية الصغيرة، التي ظلت مهجورة عدة سنوات، للعمل وحل الجيش النظامي والقوات الخاصة محل جنود الاحتياط في الكثير من هذه النقاط.

وتشعر إسرائيل بالقلق من أن الجولان التي احتلت ثلثيها في عام 1967. حين كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع، ستصبح نقطة انطلاق لشن هجمات على إسرائيليين من جانب مقاتلين جهاديين يشاركون في الحرب ضد الرئيس السوري بشار الأسد. فخلال الشهور الأخيرة استعرت المعارك بين قوات الموالية للأسد ومقاتلي الجيش الحرّ في بعض القرى الواقعة عند سفوح التلال السورية للجولان، حيث تنطلق قذائف المورتر ونيران الأسلحة الآلية إلى الأراضي التي تحتلها إسرائيل.

وتعتقد إسرائيل التي ردت على إطلاق النار في بعض هذه الحوادث أن شخصا من بين كل 10 من مقاتلي المعارضة هو من المتطرفين السنة.

وتطل الهضبة الاستراتيجية، التي يعيش فيها نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي، على بلدات وقرى إسرائيلية بامتداد بحيرة طبرية.

وأثار جنرال إسرائيلي يتولى قيادة قواتها في الشمال في مقابلة صحافية الشهر الماضي احتمال إنشاء منطقة عازلة في سوريا بالتعاون مع قوى محلية تشعر بالقلق من مقاتلين جهاديين في حالة الإطاحة بالأسد، مضيفا أن «بعض صناع القرار الرئيسيين يعارضون، فرئيس الأركان بيني جانتز، على سبيل المثال، والذي كان القائد الإسرائيلي المنسحب من المنطقة الأمنية بجنوب لبنان عام 2000 لا يريد تكرار ما حدث هناك في الجولان».

وأقر الدبلوماسي السابق ألون ليل، الذي قاد محادثات السلام السرية مع دمشق في تسعينات القرن الماضي، أن إسرائيل لديها مساحة محدودة من المناورة بشأن سوريا، مضيفا أن بلاده قد تكون «أقوى عسكريا (من سوريا) لكن أي تدخل في بلد مجاور سيجلب اعتراضات هائلة من الجانبين في سوريا لأن إسرائيل ضعيفة للغاية دبلوماسيا في المنطقة».

ومن بين الذين يخوضون معارك ضد قوات الأسد، وتخشاهم إسرائيل، مقاتلو جبهة النصرة المرتبطة بـ«القاعدة» والتي أدرجتها الولايات المتحدة على قائمة «المنظمات الإرهابية» في ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي.

وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم قائد الجيش الإسرائيلي العميد جنرال يواف مردخاي لراديو الجيش الأسبوع الماضي أن الجماعات الجهادية العالمية تقاتل تحت قيادة المعارضين و«تستغل الفوضى» وأن بعضهم انتقل إلى مرتفعات الجولان. وأضاف: «في المستقبل سيتعين علينا التعامل مع الإرهاب من مرتفعات الجولان بعد 40 عاما من الهدوء الرائع والنموذجي».

وتبني إسرائيل سياجا جديدا بارتفاع خمسة أمتار على مرتفعات الجولان بجوار السور القديم الذي يمتد على الجبهة بطول 70 كيلومترا. ويراقب خط وقف إطلاق النار منذ عام 1974 قوة فض الاشتباك التابعة للأمم المتحدة التي يبلغ قوامها 1000 فرد. لكن هذه القوة تواجه مزيدا من المصاعب، خصوصا بعدما احتجز «الحر» 21 فلبينيا من مراقبي الأمم المتحدة لمدة ثلاثة أيام.

ووفقا لدبلوماسي غربي، بات الوضع في سوريا يحتل مكانا متقدما في قائمة المخاوف الأمنية الإسرائيلية التي يأتي على رأسها البرنامج النووي الإيراني.

ومن المخاوف الرئيسية لدى إسرائيل احتمال وصول أسلحة كيماوية سورية إلى حزب الله اللبناني الذي خاضت ضده حربا في عام 2006 أو وصولها إلى أيدي الجهاديين. وقد حذرت إسرائيل في السابق من أنها لن تسمح بحدوث ذلك، ووفقا لتقارير صحافية قامت إسرائيل بضرب قافلة أسلحة كانت متجهة من دمشق للحزب وذلك في مطلع هذا العام.

ويعتبر الجولان، بقممه التي تكسوها الجبال وسفحه الأخضر، أماكن جذب رئيسية للسياح الإسرائيليين، بالإضافة إلى أهميته الاستراتيجية نظرا لقربه من دمشق، 50 كيلومترا غرب العاصمة، ولذلك قرر الكنيست الإسرائيلي في 14 ديسمبر 1981 ضم الهضبة ضمن ما عرف بـ«قانون الجولان» لكن أهالي المنطقة الأصليين، ويبلغ عددهم 20 ألفا، يرفضون القرار ويؤكدون سوريتهم، ويطالبون بعودة الحدود لمخططات 1923. التي رسمت بموجبها الحدود بين سوريا ولبنان.