سلام يعكف على «التأليف».. وتوجه نحو حكومة حيادية من 24 وزيرا

حبيش: «المستقبل» لا يتدخل بعمل الرئيس المكلف.. وأستبعد الاتفاق بشأن قانون الانتخاب

TT

على الرغم من إعلان الرئيس المكلف تمام سلام «إطفاء المحركات لأن الوقت الآن هو للعمل بصمت»، فإن محركات التسريبات والتكهنات انطلقت على أكثر من اتجاه مستفيدة من الاختلاف في وجهات نظر الفرقاء حيال الحكومة العتيدة، ومن خلفها الانقسام الحاصل على صعيد «قانون الانتخاب» الذي بات في حكم المؤجل واقتناع الجميع بأن التوصل إلى توافق بشأنه بات شبه مستحيل خلال شهر واحد، وهي الفترة التي حددت بتعليق المهل الدستورية المرتبطة بما يعرف بـ«قانون الستين». وهذا ما يطرح علامات استفهام كثيرة حول مصير مسار تأليف الحكومة التي يفترض أن وظيفتها الأساسية هي إجراء الانتخابات النيابية، الأمر الذي عاد وأكد عليه رئيسها بالقول: «إذا تم التمديد للمجلس النيابي أو تعذر تأليف الحكومة فسأعتذر عن مهمتي»، كذلك تأكيد النائب وليد جنبلاط أنه لن يمنح الثقة إلا لحكومة «وحدة وطنية».

وفي حين أشار النائب هادي حبيش في كتلة «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الصيغة النهائية التي يتم العمل عليها والتي يفترض أن تظهر في الأيام القليلة المقبلة، هي لحكومة من 24 وزيرا، غير سياسية، وهناك مساع جدية للتوفيق بين مختلف الفرقاء والآراء التي تختلف بين من يطالب بأن تكون سياسية وآخر حيادية تكنوقراط أو إنقاذية، أكدت مصادر مقربة من الرئيس سلام أن شكل الحكومة النهائي لم يتبلور حتى الآن، نافية المعلومات التي أشارت إلى أن الأخير يستبعد من مشاوراته جهات لبنانية معينة، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الكلام لا يتلاءم مع ما أعلنه منذ اليوم الأول لتكليفه وهو يعكف على العمل بصمت مع الحرص على إبقاء خط التواصل مفتوحا مع كل الفرقاء، وبالتالي المحافظة على الجو الإيجابي الذي انعكس بتكليفه، والوصول إلى تأليف «حكومة مصلحة وطنية وفاقية». ونفى حبيش ما يحكى عن إدارة «المستقبل» لعملية التأليف، مؤكدا أن «(المستقبل) لا يتدخل بعمل الرئيس المكلف والتواصل بينه وبين التيار الذي يعتبر (عراب سلام) وأحد أعضاء كتلته النيابية، بشأن تأليف الحكومة لا يختلف عن أي فريق سياسي آخر».

من جهته، أشار النائب عن «الجماعة الإسلامية» عماد الحوت إلى أن «هناك بعض الهواجس عند بعض الفرقاء، لا سيما تلك المتعلقة بالبيان الوزاري والحصص الوزارية أو وزارات بعينها، في حين كان هناك توجه لدى الرئيس المكلف تمام سلام في تبادل الوزارات، وألا تكون أسيرة فريق معين». وأوضح أن «سلام سيبقى في حوار مع القوى السياسية حتى آخر لحظة، إلا أنه ليس بوارد الخضوع». ورأى الحوت أن «تشكيل الحكومة مؤشر على جدية الفرقاء لإجراء الانتخابات، وسلام أكد انه إذا لم تكن القوى السياسية جدية بإجراء الانتخابات فإنه سيعتذر».

وفي الإطار نفسه، كانت زيارة السفيرة الأميركية لدى لبنان مورا كونيللي للرئيس المكلف، معلنة أن «عملية تشكيل الحكومة، هي لبنانية بحتة، ويجب أن تكون كذلك».

وبحسب بيان صادر عن السفارة الأميركية فقد أعادت السفيرة الأميركية تأكيد موقف الولايات المتحدة أن الشعب اللبناني يستحق حكومة تعكس تطلعاته وتعمل على تعزيز استقرار لبنان وسيادته واستقلاله، بينما يقوم بالوفاء بالتزاماته الدولية. كما شجعت «العمل المتواصل لقادة لبنانيين يعملون بمسؤولية من أجل التمسك بالأطر القانونية والدستورية في لبنان لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، مجددة التزام الولايات المتحدة الأميركية بلبنان مستقر، سيد ومستقل.

في المقابل، أكد النائب السابق حسن يعقوب، بعد لقائه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، أن «حسن النيات لا يتناسب مع تصريحات بعض القوى السياسية التي بدأت استشارات تأليف الحكومة بوضع شروط وفيتويات على رئيس الحكومة المكلف تمام سلام تجاه مواصفات التوزير أو تجاه الاعتراض على تعليق المهل لقانون الستين الميت، لأن محاولات إعادة إحياء الستين تناقض منطق التهدئة السياسية والاستقرار، وعرقلة تأليف الحكومة أو التسرع السلبي يخدم التمديد لمرحلة التراخي الأمني وإحياء الأمن بالتراضي».

ولفت إلى أن «الإسراع في تشكيل الحكومة ضرورة للآفاق الإيجابية أم التسرع فإنه ينتج أزمة كبرى»، معتبرا أن «الأجواء الإيجابية التي يحتاج إليها الشعب اللبناني الشعور بها لا بد أن تترجم من خلال الانخراط الجدي في مفاوضات تفضي لإقرار قانون انتخابي متوازن يعكس حسن التمثيل يترافق مع الإسراع في تشكيل حكومة متوازنة تستطيع إدارة المرحلة الدقيقة التي يمر فيها لبنان».

بدوره، أكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب ياسين جابر، أن «إرادة الكتل النيابية هي تسهيل عمل الرئيس المكلف تشكيل حكومته الجديدة»، معتبرا أن المهم اليوم هو «التوصل إلى تشكيل حكومة تحوز ثقة جميع الكتل النيابية ليكون خروجها إلى العمل يحظى بشبه إجماع».

وعما إذا كانت كتلة «التنمية والتحرير» قد وصلت إلى مرحلة طرح الأسماء، قال جابر: «ما زلنا بعيدين عن هذه المرحلة والأولوية حاليا هي البحث في نوع الحكومة وحجمها ليصير بعد ذلك الحديث عن اختيار الأسماء التي تناسبها»، مستبعدا أن يبادر الرئيس سلام إلى «تزويد أحد بالأسماء أو وجود تشكيلة جاهزة لديه».

في المقابل، وعلى خط «قانون الانتخاب» وما يدور من مباحثات حوله في الكواليس السياسية، لفت حبيش لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العمل والمباحثات يرتكزان اليوم على القانون المختلط الذي يجمع بين «النسبي» و«الأكثري»، مستبعدا في الوقت عينه أن يتم التوصل إلى اتفاق حياله خلال 3 أسابيع، لا سيما أن توزيع النسب بين الطرحين، أي أن يكون 50 في المائة للنسبي و50 في المائة للأكثري، أو 40 في المائة مقابل 60 في المائة، من شأنه أن يقلب المعادلة السياسية في البلد.

بدوره، اعتبر عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت أن «التوصل إلى قانون جديد للانتخابات يرتبط بتوفر حسن النيات، وعندها نتمكن خلال يومين أو ثلاثة أن نتوصل إلى صيغة مشتركة»، مؤكدا أنه «إذا مر أسبوعان من دون التوصل إلى نتيجة فإننا لن نتوصل إليها أبدا».

وأكد فتفت لـ«وكالة أخبار اليوم» أن «الترشيحات التي تقدمت محفوظة وما زالت قائمة، وأمامنا 5 أيام للترشيح ستضاف بعد 19 مايو (أيار) المقبل، وبالتالي لم يسقط حق أي شخص، بل العكس، فما حصل بالنسبة إلى تمديد المهل دليل على أن قانون الستين قائم»، مضيفا: «كل من يدعي أن قانون الستين ميت ويجب دفنه تبين لهم العكس، إذ بهم مضطرون للاعتراف به وإدخال التعديلات عليه، وبالتالي التصويت الذي جرى الثلاثاء الماضي هو اعتراف بقانون الستين». ونفى «إمكانية وجود أي ثغرة قد يطل منها حزب الله و(التيار الوطني الحر) للقول إن ما جرى هو دليل على موت قانون الستين»، مشيرا إلى أن «كلام واضح أدلى به رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ووافق عليه رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال الجلسة، مفاده أن الستين قائم ولا يلغى إلا بقانون جديد».