اليمن: مؤشرات سياسية نحو دولة لامركزية في إطار الوحدة الاندماجية

الحكومة تخصص 74% من تعهدات المانحين

TT

أعلنت مكونات سياسية بمؤتمر الحوار الوطني في اليمن موافقتها الأولية على أسس الدولة المستقبلية للبلاد، لإبعاد خطر التمزق والانفصال وتأسيس دولة لا مركزية، بينما أعلنت الحكومة تخصيص 74 في المائة من تعهدات المانحين في مؤتمرات الرياض ونيويورك.

ويواجه اليمن الذي خرج من أزمات اقتصادية خانقة وأحداث مدمرة شهدتها البلاد خلال العامين الماضيين، مخاطر الانفصال في الجنوب وسيطرة جماعة الحوثيين المتمردين على شمال الشمال في صعدة، بينما تشهد المناطق الغربية الساحلية حراكا تهاميا للمطالب برد المظالم والأراضي من نافذين، ويأمل اليمنيون، الذين يعيش ثلثهم على أقل من دولارين في اليوم، من خلال مؤتمر الحوار الوطني في التوصل إلى حل لمشكلاتهم المزمنة.

ويتفق ممثلون للمكونات السياسية في مؤتمر الحوار على أهمية المضي في تغيير شكل النظام، بما يحقق أهداف المرحلة التي تعيشها البلاد، ويبعد عنه المخاطر المحدقة به، وأبرزها الوضع الاقتصادي.

ويقول الناطق الرسمي لأحزاب التحالف الوطني التي تضم حزب الرئيس السابق المؤتمر الشعبي العام صلاح الصيادي: «لدينا رؤية خاصة بنا أعدها فريق أكاديمي خبير حول القضايا الـ9 الموجودة على طاولة مؤتمر الحوار الوطني»، وأضاف الصايدي لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أيضا رؤية مشتركة فيما بيننا وبين مختلف الأطراف السياسية الأخرى لوضع مستقبل البلاد، واختيار ما هو ممكن ويرضي جميع الأطراف»، موضحا: «نحن في أحزاب التحالف، لدينا 3 خيارات، هي الوحدة الاندماجية، عبر الحكم اللامركزي، لأن هناك من يرى أن ما تم في التسعينات هو وحدة ضم وإلحاق، لهذا فالوحدة الاندماجية لم تجرب بعد، الخيار الثاني هو الفيدرالية، والخيار الثالث مرتبط بالثاني، وهو الفيدرالية بشكل ضيق أو موسع»، مؤكدا أن على جميع الأطراف أن تعمل على «الشراكة بعيدة المدى خلال الفترة التي تسبق الانتخابات المقبلة في 2014، وهذه الشراكة السياسية هي أهم ضمانة لتنفيذ مخرجات الحوار حتى لا نكرر الغلط الذي حدث بعد الوحدة، عندما كانت الفترة الانتقالية قصيرة، واستحوذ طرف معين على الأوضاع وبدأ يعدل الدستور والقوانين لصالحه، ونحن لا نريد أن يتكرر ذلك، خاصة أن المرحلتين متشابهتان».

من جانبهم، يرى سلفيو اليمن أن شكل الدولة المقبلة يجب أن يكون وفق وحدة البلاد، وقال الدكتور محمد العامري رئيس حزب الرشاد: «نحن مع الحكم اللامركزي الذي يشترك فيه كل أبناء المحافظات في الحكم والثروة بصورة عادلة، مع الحفاظ على الوحدة اليمنية بأي حال».

ويضيف في تصريحه لـ«الشرق الأوسط»: «نريد أن نتخلص من إطار الدولة المركزية». وعن الفيدرالية والأقاليم المطروحة من أكثر من طرف، يوضح العامري: «في العالم هناك 26 شكلا للفيدرالية، بعضها يكرس المركزية، وبعضها يكرس اللامركزية، لهذا فإن الفيدرالية هي حل لمشكلات الدولة متعددة العرقيات، والأديان، ومتباعدة الأطراف، لذا فهي حل لمشكلة المتفرق، وليست حل مشكلة المتوحد».

ويتابع: «أما رؤيتنا في موضوع الأقاليم، فنحن مع نظام يراعي كل الأبعاد؛ البعد الجغرافي والاجتماعي والاقتصادي، فنحن ضد الأقاليم التي ستكون خطوة على طريق تمزيق البلاد، لكن إذا كانت الأقاليم من منظور إداري اقتصادي فيمكن مناقشة ذلك، لكن من منظور سياسي فنحن نرفضه بشكل كامل».

ويرى النائب البرلماني عضو مؤتمر الحوار علي عشال في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن معظم القوى السياسة لها أطروحات حول القضايا الـ9 التي حددها مؤتمر الحوار الوطني، لكنها تختلف وتشترك في عدد من تفاصيلها».

ويقول عشال وهو من حزب الإصلاح أكبر أحزاب تكتل المشترك الحاكم: «رؤيتنا حول شكل الدولة، محددة في 3 خيارات، هي: الحكم المحلي واسع الصلاحيات، والأقاليم، والفيدرالية، وسيتم طرحها على طاولة النقاش في فريق العمل الخاص بالقضية الجنوبية ولجنة شكل الدولة».

ويعتبر عشال، وهو برلماني ينتمي إلى محافظة أبين الجنوبية ومسقط رأس الرئيس عبد ربه منصور هادي أن الدولة بشكلها الحالي قد أثبتت فشلها، وأن المركز بهيمنته على الأقاليم والمحافظات فشل أيضا، لهذا ينبغي أن ننتقل إلى طور جديد مختلف من اللامركزية بمفهومها الفيدرالي، ولكن في إطار الحفاظ على اليمن الكبير الواحد، وتحفظ للناس حقهم في إدارة أنفسهم بأنفسهم».

في سياق آخر، أعلنت الحكومة اليمنية تخصيص 74 في المائة من تعهدات المانحين لليمن والمعلنة في الرياض ونيويورك في سبتمبر (أيلول) 2012م.

وناقش مجلس إدارة الجهاز التنفيذي، وهو جهاز يتبع الحكومة، ويرأسه محمد باسندوة، رئيس الحكومة، أمس، ما تم اتخاذه من إجراءات للاستفادة من تعهدات المانحين التي بلغت 8 مليارات و141 مليون دولار.

وبحسب وكالة الأنباء الحكومية، فإن اليمن ستقوم بمراجعة قائمة أولويات المشاريع في المدى العاجل والمتوسط وترتيبها وفقا لأولوياتها، إضافة إلى أعداد مقترح أولي لتخصيص تعهدات المانحين، ومخاطبتهم للموافقة على المقترح. وبحسب تقرير رسمي، فقد بلغ إجمالي التخصيصات التي تم الاتفاق عليها مع المانحين حتى أبريل (نيسان) الحالي، 6 مليارات و101 مليون دولار، بما نسبته 74 في المائة من إجمالي التعهدات. بينما بلغت اتفاقيات التمويل الموقع عليها بين الحكومة اليمنية والمانحين في الفترة نفسها مليارين و287 مليون دولار، وبما نسبته 28.09 في المائة.