سلام يواصل مشاوراته بعيدا عن الأضواء.. ويصف مهمته بتشكيل الحكومة بأنها «تحد وطني كبير»

مصادر في «14 آذار»: نخشى تحول «إطفاء المحركات» إلى «إطفاء التأليف»

TT

يواصل تمام سلام، الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، بعد إنهائه الاستشارات الرسمية مع الكتل النيابية، اتصالاته مع ممثلي القوى السياسية، بعيدا عن الأضواء ووسط تكتم شديد، وذلك انسجاما مع ما سبق أن أعلنه لناحية «إطفاء المحركات»، إفساحا في المجال أمام جولة هادئة لخلاصة المواقف والمطالب، من أجل التوصل إلى التوافق على تركيبة الحكومة المقبلة.

ورغم تكرار الرئيس المكلف أنه لن يألو جهدا من أجل التوصل إلى تشكيل حكومة «المصلحة الوطنية»، بعيدا عن أي مزايدات سياسية أو إعلامية، فإن مصادر سياسية في فريق «14 آذار» أبدت لـ«الشرق الأوسط» تخوفها من أن تؤدي مرحلة «إطفاء المحركات» إلى مرحلة «إطفاء التأليف»، على ضوء «خوض الفريق الآخر تفاصيل التأليف واشتراطه التمسك بحقائب من دون سواها، عدا عن إصرار بعض مكوناته على الربط بين تأليف الحكومة المقبلة والتوافق على قانون انتخاب». وأملت أن لا يؤدي هذا الربط إلى الدفع نحو تأخير تشكيل الحكومة الجديدة إلى ما بعد تصاعد الدخان الأبيض من المجلس النيابي إيذانا بإقرار قانون الانتخاب العتيد.

وفي موازاة سعي كل فريق سياسي إلى تحسين شروطه من خلال المزايدات الحكومية المتعلقة بتركيبة الحكومة وتوزيع الحقائب، شكر الرئيس المكلف، الذي التقى أول من أمس بعيدا عن الأضواء وفدا من قوى «8 آذار»، جميع اللبنانيين على «العاطفة النبيلة التي أحاطوه بها منذ اللحظة الأولى لتكليفه بتشكيل الحكومة اللبنانية».

وقال في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي أمس إن «هذا التعاطف الكريم الذي أعتز به وأفتخر، يشعرني بمزيد من المسؤولية في المهمة الملقاة على عاتقي ويشكل دافعا لي لمزيد من العمل لمواجهة التحدي الوطني الكبير الماثل أمامنا، وتشكيل حكومة المصلحة الوطنية». وأعرب عن تطلعه إلى «تعاون جميع المخلصين في لبنان لإيصال بلادنا بإذن الله إلى بر الأمان».

وعكست مواقف القوى السياسية الصادرة أمس توجها عاما لدعم جهد الرئيس المكلف في تشكيل حكومته، حيث أكد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، رئيس كتلة المستقبل النيابية، أن تيار المستقبل «سيساعد سلام في تشكيل حكومة تحيي الروح الحقيقية للبنان الرسالة في المنطقة والعالم». وقال: «سنجهد مع رئيس الوزراء المكلف لضمان إجراء الانتخابات البرلمانية في مواعيدها الدستورية»، مؤكدا أنه «لا يمكننا أن نقبل بوضع ديمقراطيتنا المولودة منذ عقود عدة في الانتظار، في الوقت الذي يخوض فيه العالم العربي معركة الديمقراطية باللحم والدم».

ويكرر حزب الله، الفريق الأبرز في قوى «8 آذار» موقفه لناحية إصراره على تشكيل حكومة سياسية، مخالفا بذلك توجهات «14 آذار» وتحديدا تيار المستقبل لناحية تشكيل حكومة حيادية أو تكنوقراط. وقال رئيس كتلة حزب الله النائب محمد رعد أمس إنه «وسط اهتزازات تجري في المنطقة، يحتاج هذا البلد، خصوصا في هذه المرحلة، إلى حكومة سياسية بامتياز، ولا يحتاج إلى حكومة تضم أشخاصا ربما يبعثون في النفس الاحترام ضمن مهنتهم أو ضمن حدود اختصاصهم»، مشددا على أن «التمثيل في أي حكومة في هذه المرحلة يجب أن يكون تمثيلا سياسيا يفضي إلى توازن يحقق استقرارا في البلد».

ودعا، في كلمة ألقاها في احتفال تأبيني جنوب لبنان، إلى أن «تتمثل في هذه الحكومة كل الأطراف بحسب أوزانها، وبحسب أحجامها السياسية، لأن التلطي وراء التكنوقراط والاستقلالية والحيادية هو تلط ليس في محله على الإطلاق». وقال: «إذا كان رئيس الحكومة سياسيا، فلا يحق لأحد أن يمنع عن الوزراء أن يكونوا سياسيين، لأن رئيس الحكومة لا يستطيع أن يفرض خياراته السياسية على الشعب اللبناني كله، وإنما يجب أن يكون في إدارته عاملا بالتوازن ومتصرفا بحكمة حتى يضع النقاط على الحروف فيما يحفظ استقرار البلد وهدوئه».

في موازاة ذلك، تعكس مواقف النائب وليد جنبلاط ونوابه مرونة في الموقف من تركيبة الحكومة مع إعطاء الأولوية للتوافق وتهدئة الساحة اللبنانية، إذ دعا وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال وائل أبو فاعور، في هذا السياق، «كل القوى السياسية إلى أن تتواضع في المطالب والحقائب والأوزان». وآمل أن «يكون تشكيل الحكومة الجديدة محطة للوفاق لا للانشقاق».

وقال أبو فاعور، خلال احتفال إنمائي في منطقة حاصبيا، جنوب لبنان: «أيا كان شكل هذه الحكومة: وحدة وطنية، مصلحة وطنية، تكنوقراط، حياديون، ربما نحصل عليهم من كوكب آخر، نحن مع حكومة تنشأ بوفاق وطني وتكون فرصة لوفاق وطني خارج أي انشقاق».

وشدد على ضرورة أن «تلم الحكومة الجديدة شمل الوطن وشتاته، لا أن تخلق شروخات جديدة في روحنا الوطنية»، مؤكدا «الوقوف إلى جانب الرئيس المكلف، على أن تكون الحكومة فرصة لتعزيز جو الوحدة والتفاهم الذي نشأ في الاستشارات والذي من الواجب أن نحافظ عليه اليوم جميعا».

في المقابل، اعتبر النائب في «تكتل التغيير والإصلاح» ألان عون أنه في 19 مايو (أيار) المقبل سيكون النواب أمام خيارين، إما التوافق على قانون جديد، وإما التصويت على مشروع قانون «اللقاء الأرثوذكسي»، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، في مواجهة قانون الستين الأكثري. وأعرب عن اعتقاده بأن «أي حل يساهم فيه تيار (المستقبل) لتصحيح تمثيل المسيحيين يشكل خطوة كبيرة لإعادة بناء أفضل العلاقات بينه وبين (التيار الوطني الحر)»، الذي يترأسه النائب ميشال عون.

وشدد النائب في كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، علي خريس، على أن مطلب فريقه في موضوع تشكيل الحكومة هو «التوافق»، مشيرا إلى أنه «من غير المقبول تشكيل حكومة عرجاء». واعتبر أن «الحديث عن حكومة تكنوقراط أو حيادية لا ينسجم مع الواقع؛ إذ لا يوجد في لبنان حياديون».

وأوضح خريس أن «تعليق المهل القانونية لقانون الانتخاب حتى التاسع عشر من مايو المقبل، ليس تأجيلا لموعد الانتخابات إنما هو إعطاء فرصة شهر للقوى السياسية وللنواب لإنتاج قانون انتخابي»، وكشف أن «الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد اجتماعات فرعية وغير فرعية للتوافق على قانون انتخابي يخرج لبنان من هذه الأزمة».