اللاجئون الماليون في موريتانيا يتظاهرون لرفض العودة والمشاركة في الانتخابات

أطر ومنتخبون من الطوارق يؤسسون في باماكو حركة جديدة موالية لحكومة مالي

TT

بينما تستعد الحكومة المالية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في يوليو (تموز) 2013، من خلال تشكيل لجنة للحوار والمصالحة بين مختلف الفرقاء السياسيين، خرجت مظاهرة في مخيم اللاجئين الماليين في الشرق الموريتاني، لرفض المشاركة في الانتخابات. وندد المشاركون أيضا بالحديث عن عودة اللاجئين قبل التوصل إلى اتفاق نهائي يضع حدا للأزمة الدائرة في إقليم أزواد.

وتمت المظاهرة الأولى من نوعها في مخيم اللاجئين الذي يضم أكثر من 75 ألف لاجئ مالي، بالتنسيق مع السلطات الموريتانية، حيث أكد منظمو المظاهرة في اتصال مع «الشرق الأوسط» أنهم تقدموا بطلب ترخيص لدى الدرك الموريتاني الذي وافق بعد أن تأكد من الطابع السلمي للمظاهرة.

وقال التاي أغ عبد الله، وهو لاجئ في مخيم «أمبره»، وأحد منظمي المظاهرة، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «اللاجئين تظاهروا للاعتراض على مبدأ عودتهم قبل تقديم ضمانات، والتوصل إلى اتفاق ينهي الأزمة هنالك»، قبل أن يضيف أن «المشاركين في المظاهرة متفقون على التمسك بالمطالب التي ترفعها الحركة الوطنية لتحرير أزواد، والمتمثلة في حق هذا الشعب في تقرير مصيره وإنشاء كيانه المستقل».

وعبر أغ عبد الله عن تنديد اللاجئين بـ«التكتم الإعلامي الذي تمارسه الحكومة المالية على الجرائم التي يرتكبها الجيش المالي في حق الأعراق التي تسكن إقليم أزواد، وذلك يشكل في حد ذاته عائقا أمام عودة اللاجئين».

ورفعت المظاهرة التي كان أغلب المشاركين فيها من النساء والأطفال، إضافة إلى مجموعات قليلة من الشباب، شعارات متنوعة اتفقت في أغلبها على رفض العودة والمشاركة في الانتخابات، كما أعلنت معارضتها لملتقى سينظم هذا الأسبوع في نواكشوط، يجتمع خلاله ممثلو التشكيلات الاجتماعية في دولة مالي، لبحث الحوار حول الانتخابات، وإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.

وقال أغ عبد الله لـ«الشرق الأوسط»، إن «هنالك عدة أشخاص ذهبوا من المخيم للمشاركة في الملتقى الذي سيعقد في نواكشوط هذا الأسبوع، ونحن لم ننتدبهم للحديث باسمنا، وبالتالي فهم أشخاص متواطئون مع الحكومة المالية ولا يمثلون سوى أنفسهم لأنهم يدعمون تنظيم الانتخابات في المخيم وهو ما نرفضه نحن».

يشار إلى أن هذا الملتقى سبق أن عقد في بوركينا فاسو وفي السنغال، قبل أن يأتي الدور على موريتانيا لاحتضان هذه النسخة منه، وذلك بمشاركة أربع عشرة شخصية من اللاجئين الماليين في موريتانيا، يمثلون مجموعات العرب والطوارق.

وقال أصاد، وهو ضابط سابق في الجيش المالي، وناشط في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «نحن هنا في مخيم أمبره خرجنا في هذه المسيرة لنوصل صوتنا للعالم والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، ونقول لهم إن هذا الوفد الذي غادر المخيم لا يمثلنا، ونؤكد للجميع أننا غير مستعدين للعودة إلى مالي أبدا».

وأضاف أصاد: أن «الحديث عن العودة يحتاج الكثير من الضمانات والالتزامات من جميع الأطراف، من الحكومة المالية وجيشها، ومن الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي أعلنت تشكيل حكومة محلية في كيدال بتنسيق مع الفرنسيين، والحركة العربية الأزوادية، التي استقرت غير بعيد من الحدود مع الجزائر، وتستعد لتشكيل جيشها الخاص».

وفي هذه الأثناء وزعت النسوة المنحدرات من مدينة تمبكتو، اللاتي شاركن في المظاهرة، بيانا طالبن فيه الحكومة الموريتانية والوكالات الأممية العاملة في المخيم بالتدخل لإنهاء «الصراعات السياسية التي تأزم الوضع الذي كنا نحن، النساء والأطفال، ضحيته الأولى».

واتهمت النسوة الحكومة المالية بخرق الاتفاق الذي أشرفت عليه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في وغادوغو نهاية العام الماضي، والذي ينص على ضرورة مواصلة الحوار بين الحكومة والمجموعات المسلحة في شمال البلاد، كما نددن بصمت الرأي العام الدولي إزاء التأخر في استئناف المفاوضات بين الحركة الوطنية لتحرير أزواد والسلطة المركزية في مالي.

وفي سياق متصل، أعلنت مجموعة من أطر ومنتخبي قبائل الطوارق بالشمال المالي، يوم أمس في باماكو، تأسيس حركة جديدة تتمسك بالدولة المالية، وترفض المشروع الانفصالي الذي تطرحه الحركة الوطنية لتحرير أزواد المتمركزة في مدينة كيدال، أقصى شمال شرقي مالي.

وتقدم الحركة الجديدة نفسها على أنها بديل للحركة الوطنية لتحرير أزواد، التي بدأت التمرد المسلح في يناير (كانون الثاني) 2012، عندما هاجمت مدينة مانيكا، أقصى شمال شرقي مالي، وهي المدينة التي يترأس أحد منتخبيها الحركة الجديدة، ويشكك في شرعية الحركة الوطنية لتحرير أزواد.

وتضم الحركة الجديدة عددا من الأطر والزعماء المنحدرين من بعض قبائل الطوارق، فيما يخلو مكتبها التأسيسي من قبيلة «إيفوغاس» ذات النفوذ الواسع في منطقة كيدال، وفي إقليم «أزواد» عموما، وهي القبيلة التي تزعم رجالها الحركة الوطنية لتحرير أزواد ذات الطابع العلماني، كما ينحدر منها إياد أغ غالي، أمير جماعة أنصار الدين، ذات الطابع السلفي الجهادي، والتي كانت تسعى إلى إقامة «إمارة إسلامية» في الإقليم.

وعلى الرغم من غياب الزعامات التقليدية المعروفة في الإقليم عن تشكيلة المكتب التأسيسي للحركة الوليدة، إلا أن مؤسسيها يصرون على أن حركتهم «تمثل أغلبية الطوارق، من الذين لم يحملوا السلاح في وجه الجيش المالي لأنهم يحسون بأنهم ماليون»، وفق تعبير رئيس الحركة بيجان أغ هاماتو، وهو نائب في البرلمان المالي عن منطقة مانيكا التي بدأ منها تمرد الطوارق العام الماضي.

وأضاف أغ هاماتو، خلال إعلان تأسيس الحركة في باماكو، أن «الأهداف الرئيسية للحركة تتمحور حول تمسك الطوارق بالجمهورية المالية وبالحكم العلماني، والقضاء على الجماعات المسلحة»؛ مؤكدا ابتعاد الحركة عن من وصفهم بـ«الانفصاليين في الحركة الوطنية لتحرير أزواد».

وتضم الحركة الجديدة في صفوفها وزير أول سابق في الحكومة المالية، وعددا من الوزراء السابقين ونائب حالي في البرلمان المالي، إضافة إلى عمدة ومستشار محلي وعدد من المنتخبين المحليين ينحدرون من مناطق الشمال الثلاثة (غاو، تمبكتو، كيدال).

يشار إلى أن بعض المراقبين يرى أن الحكومة المالية لعبت دورا خفيا في تأسيس الحركة الجديدة، خصوصا وأنها تحضر لتنظيم حوار وطني لا بد من مشاركة أهل الشمال فيه حتى يكون وطنيا، مما يحتم عليها ضرورة إقصاء الحركة الوطنية لتحرير أزواد بإيجاد بديل لها، فيما أعلنت الحركة الجديدة استعدادها للتعاون مع لجنة الحوار والمصالحة التي شكلتها الحكومة المالية.