معارضون يحذرون من تقسيم سوريا

طالبوا بجعل «تحرير حمص من أولويات الثورة»

TT

طالب العشرات من المثقفين السوريين من الشخصيات الوطنية، وبعضهم متحدر من الطائفة العلوية، اعتبار «تحرير حمص من أهم أولويات الثورة، نظرا لموقعها الذي يربط بين الساحل السوري و«حزب الله» اللبناني ويؤهلها لقطع الطريق على تشكيل دويلة «أسدية». ودعوا إلى «رفض التدخل الإيراني بقوة، وإدانة الصامتين عنه، سواء على المستوى الوطني أو العربي أو الدولي، وخصوصا الدول التي تهيمن على مجلس الأمن والأمم المتحدة».

وحمل المعارضون السوريون، في بيان صادر عنهم بعنوان: «دفاعا عن حمص وحماية لسوريا من التقسيم»، أنفسهم والسوريين «مسؤولية حماية البلاد وتجنيبها مخطط التقسيم»، مطالبين «الائتلاف الوطني» و«الجيش السوري الحر» ضمنا وأساسا، بتركيز الجهود على حماية حمص، وقد وضعَها قدرها في موقع الوصل بين إيران والبحر المتوسط.

وعرّف البيان الموقعين عليه بأنهم «من مكونات المجتمع السوري، مختلفون في الرؤى والآراء، لكن توحدنا هموم بلدنا وتملي علينا هذه اللحظة التي تهدد سوريا بالتقسيم أن نرفع صوتنا». ومن عداد الموقعين عليه رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الشيخ معاذ أحمد الخطيب، وسفير «الائتلاف» في فرنسا منذر ماخوس، والممثلة مي سكاف، وعضو المجلس الوطني لؤي صافي، والشاعر فرج بيرقدار وآخرون.

وانتقد المعارضون السوريون «كشف النظام الإيراني وأتباعه، في كل من العراق ولبنان، عن تطور يتمثل بالإعلان عن الوجود العسكري على الأرض السورية، تحت عنوان الدفاع عن العتبات المقدسة»، مشددين على أن «المقامات الشيعية في سوريا هي من نسيج التراث السوري وتحت حماية السوريين. كانت كذلك طوال تاريخ وجودها وقبل أن يجد فيها نظام طهران ورقة سياسية للاعتداء على السيادة الوطنية».

وقال الباحث اللبناني والخبير في العلاقات الدولية الدكتور سامي نادر لـ«الشرق الأوسط» إنه «من الواضح بروز عناصر عدة في الفترة الأخيرة تذهب باتجاه تعزيز فرضية مخطط التقسيم على الصعيد النظري»، موضحا في الوقت عينه أن «الكلام عن التقسيم شيء وإمكانية وجود كيانين سوريين شيء آخر».

وأضاف نادر أن من العناصر المؤشرة على التقسيم «انخراط المحور الإيراني لهذه الدرجة في المعارك داخل سوريا، سواء في معارك الشام أم في حمص، رغم إدراكه سلفا أنه لم يعد ممكنا استعادة سوريا بالكامل ولا بقاء النظام على ما كان عليه قبل بدء الأزمة». ويرى أن «المضي بدعم الأسد عسكريا يعني أن ثمة هدفا آخر، يتمثل بالخطة ويؤكدها الاستبسال في معركة حمص عسكريا، كون حمص البوابة للبقاع اللبناني، أي أنها تربط العمق الشيعي بالعمق العلوي».

ورأى الموقعون على البيان أن «التركيز على إسقاط حمص، قلب الثورة، يأتي ليفضح بجلاء حقيقة مخطط نظام ولاية الفقيه، عبر تمسكهم بمعبر على البحر المتوسط»، مذكرين بأن «إيران هي البادئ بالتدخل في شؤوننا، وتدير اليوم حرب الطاغية على شعبنا، وتدرب ميليشيات طائفية تحت عنوان قوات الدفاع الوطني، بقصد إشعال حرب أهلية بيننا. وإطلاق الصراع السني الشيعي من أراضينا، ليشمل لبنان والعراق وكل المنطقة». وحذروا من «صفقات سياسية» تحت عنوان «ضمان حقوق الأقليات كالعلويين والدروز والمسيحيين والأكراد» لتثبيت «وكيلهم» (الرئيس السوري) بشار الأسد.

ويبدي نادر تخوفه من «التضخيم الإعلامي» الحاصل حول ظاهرة «جبهة النصرة» في سوريا بما يعزز نظرية التقسيم، انطلاقا من محاولة تظهيرها على أنها تشكل عائقا أمام تسليح الثوار السوريين وحسم النتيجة سريعا. ويقول: «ما يتم تداوله اليوم يتمحور حول وجوب عدم تسليح الثوار السوريين، بحجة أن السلاح قد يصل إلى أيدي جبهة النصرة»، لافتا إلى أن «الأخيرة تعطي اليوم لونا مذهبيا فاقعا لسوريا ما بعد سقوط الأسد، والتضخيم الإعلامي يعزز هذا التوجه لدى الرأي العام، وربما يكون الهدف من ذلك التمهيد للقبول بسوريتين وهذا أمر مقلق جدا».

وكان المعارضون السوريون قد أشاروا في بيانهم إلى أن «جمهورا عريضا من الطائفة العلوية، يعارض قيام كانتون طائفي، يقسم البلاد، ويفتح لحروب تمتد قرونا»، مشددين على أن «ضمان حقوق كل السوريين لا يكون إلا بإسقاط نظام الأسد الديكتاتوري الفاشي القاتل وبناء نظام مدني ديمقراطي».

ويخلص نادر إلى التأكيد على أنه «بغض النظر عن نتيجة الصراع في سوريا، فإن شكل سوريا الجديد لن يكون كما كان سابقا».