وزراء فرنسا ورئيسهم الـ38 ينشرون تفاصيل ثرواتهم.. والمليونيرات ثمانية

هولاند يريد الشفافية التامة والخطوة التالية ستطال النواب

TT

ثمانية وزراء بمن فيهم رئيس الحكومة ووزير الخارجية ثرواتهم بالملايين، والمعدل العام لثروة الرئيس والوزراء الـ38 تقل عن مليون يورو، هذا ما تشير إليه بيانات الثروة التي نشرها الموقع الإلكتروني الخاص برئاسة الحكومة عصر الاثنين الماضي نحو الساعة السادسة نزولا على رغبة الريس فرنسوا هولاند الذي تزيد ثروته هو الآخر عن مليون يورو.

وكان كثير من الفرنسيين تسمروا بعد ظهر الاثنين الماضي أمام أجهزة الكومبيوتر للتعرف على ثروات وزرائهم وتفاصيل أوضاعهم المالية وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة في خطوة هي الأولى من نوعها التي تعرفها فرنسا. ووسط جدل حام بين المصفقين للعملية باعتبارها تجسيدا لمبدأ «الشفافية» الذي يدفع هولاند باتجاهه وبين المعارضين لها لكونها أقرب إلى «التلصص» منها إلى الشفافية، يتهيأ مجلس الوزراء للتقدم بمشروع قرار إلى الجمعية الوطنية في الأيام القليلة المقبلة لتعميم الإجراء على النواب والشيوخ وربما كبار المستشارين والموظفين في الدولة.

وأعلن وزير الخارجية لوران فابيوس أن ثروته الإجمالية تقدر بـ6.5 مليون يورو، تليه وزيرة المعمرين ميشيل دولوني. وحل في المرتبة الثالثة ميشال سابان، وزير الاقتصاد والمالية يتبعه رئيس الحكومة جان مارك أيرولت (1.5 مليون يورو)، فالوزير فيكتورين لوريل، وزير ما وراء البحار (1.4 مليون). أما وزير الصناعة أرنومونتبوغ فقد حل في المرتبة السادسة (1.3 مليون)، تتبعه الوزيرتان جورج بول لونجوفان، وزيرة التعليم (1.1 مليون) ماريسول توران، وزيرة الصحة (مليون واحد). وبالمقابل، فإن آخر الوزراء تزيد ثرواتهم قليلا على 100 ألف يورو.

وحفلت البيانات بأمور تثير السخرية أحيانا كوزيرة العدل كريستيان توبيرا التي أعلنت إلى جانب البيوت والعقارات التي تمتلكها أن لديها ثلاث دراجات هوائية، بينما آخرون بينوا أن لديهم حسابات جارية سلبية بعشرات اليوروهات لأي جانب لحسابات بالآلاف.

والأطرف في الملف أن الوزير الذي كان سببا في كل ذلك جيروم كاهوزاك غابت بياناته عن النشر وبقيت سرية لدى الهيئة التي تتسلم بيانات الثروة عند تعيين الوزراء.

وتأتي هذه التدابير التي تحظى، وفق استطلاع للرأي العام، بنسبة 66 في المائة من الفرنسيين، ردا على فضيحة وزير الموازنة السابق جيروم كاهوزاك الذي اعترف أمام قاضيي تحقيق بامتلاكه حسابا سريا في سويسرا (ثم في سنغافورة)، بينما كان هو المكلف بمحاربة التهرب الضريبي وتهريب الثروات إلى الخارج بفعل وظيفته الوزارية. ووسط هجوم عنيف لليمين الفرنسي ومطالبة باستقالة الحكومة، لم يجد هولاند مفرا من إطلاق مبادرة «الشفافية» سعيا منه أولا إلى إطفاء الحريق الذي أشعلته اعترافات كاهوزاك من جانب واستعادة المبادرة السياسية من جانب آخر بحشر اليمين وإظهاره بمظهر المعارض لتدبير «صحي» تعمل به الكثير من البلدان الديمقراطية المتقدمة في أوروبا وأميركا. وبعكس البلدان الأنكلوسكسونية، وخصوصا الولايات المتحدة الأميركية، حيث الحديث عن الثروة والإيرادات والاستثمارات أمر عادي جدي، فإن الفرنسيين يتحاشون الحديث علنا عن مرتباتهم وثرواتهم وممتلكاتهم عاملين بالمبدأ القائل: لنكن سعداء ولكن في الخفاء. ولذا، فإن الإرادة الرئيسة التي عبر عنها هولاند في خطاب تلفزيوني الأسبوع الماضي، استفزت بالدرجة الأولى نواب اليمين الفرنسي لكن أيضا بعض اليسار وأولهم كلود برتولون، رئيس الجمعية الوطنية الذي وصفها بالتدبير غير الملائم والذي ما كان ليمنع كاهوزاك من فتح حسابات سرية في الخارج. وقال برتولون: «الإفصاح، الرقابة، العقاب، هذه هي الشفافية، أما نشر حال الثروة فهذا تلصص». وفي حين أشار رئيس الحكومة جان مارك أيرولت إلى أن الإجراء الجديد «يثبت الشفافية»، اعتبرت الوزيرة نجاة فالو بلقاسم، الناطقة باسم الحكومة أنه «سيعيد الثقة» للفرنسيين بالطبقة السياسية، بينما رأى وزير الزراعة ستيفان لوفول أنه يظهر أن ليس للوزراء «ما يخفونه» عن أعين الرأي العام. ومن الأقسى في تهجه على الحكومة وتدبيرها الأخير جان فرنسوا كوبيه، رئيس حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية اليميني إذ قال: «مسكينة فرنسا. هي تعاني من انفلات العجز وتزايد البطالة وتظهر حاجتها لإجراء إصلاحات مهمة وعوض ذلك انظروا بما هي ملتهية».

وكان عشرة وزراء حاليين استبقوا الموعد الفصل، بل استبقوه بكشف دقيق، على حسابات «تويتر»، لممتلكاتهم من البيوت والشقق والحسابات المصرفية وجاراهم بذلك رئيسا وزراء سابقان من اليمين هما فرنسوا فيون والآن جوبيه ووزراء.. لكن الأمور وصلت أحيانا إلى حالة مضحكة بين من أعلن أنه يملك سيارة «رينو إل 4» لا تساوي اليوم شيئا وآخر يكشف عن أنه يملك لوحات تبلغ قيمتها 1400 يورو أو شقة باريسية لا تزيد مساحتها على 75 مترا مربعا.

وتتخوف أوساط حكومية من أن نشر حالة ثروات الوزراء وبينهم الكثير من الأثرياء قد يؤثر على قدرتهم في الحديث عن الحاجة إلى شد الأحزمة والتقشف وتبرير التدابير الحكومية الهادفة إلى التقليل من عجز الميزانية أن خفض المساعدات الاجتماعية التي كان يضمنها نظام الرعاية الاجتماعية وهو من بين الأسخى في فرنسا.