استياء في قواعد «حزب الله» من مشاركته في القتال بسوريا

أحمد الحريري ينتقد «الانتقائية» في التعاطي مع «الاعتداءات»

TT

يزداد الجدل في الأوساط الشيعية المناصرة لحزب الله اللبناني حول جدوى قتاله إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد، في ظل كثرة الخسائر البشرية التي يمنى بها الحزب في دمشق وحمص، والتي كان آخرها محمد عبيد من قرية علي النهري في البقاع، شرق لبنان.

وبينما انقسم سكان الضاحية الجنوبية ببيروت، معقل الحزب ومربعه الأمني، بين مؤيد ومعارض للقتال في القصير بمحافظة حمص، وسط سوريا، اتفق الشيعة المناصرون للحزب على ضرورة القتال في منطقة السيدة زينب في ريف دمشق، وذلك دفاعا عن المقام.

وقالت مصادر مؤيدة للحزب في الضاحية الجنوبية لـ«الشرق الأوسط» إن جمهور حزب الله «انقسم بين مؤيد لإشراك عناصر من الحزب في القتال الدائر في القصير على قاعدة الأهداف الاستراتيجية للمقاومة، ومعارض يستند إلى أن المقاتلين لم ينخرطوا في المقاومة إلا لقتال إسرائيل».

وذكرت المصادر أن هذا التململ الشعبي من مشاركة الحزب الذي يستند إلى رفض من عائلات المقاتلين «بدأ يدخل إلى صفوف المقاتلين الذين يرفض بعضهم المشاركة في القتال بالقصير».

وأكدت المصادر أن عائلات المقاتلين غير المتحمسة لمشاركة أبنائها في معركة الحدود اللبنانية - السورية «لا تعارض قتال أفرادها في محور السيدة زينب، بغرض الدفاع عن المقام». وأوضحت أن تلك العائلات «تعتبر الدفاع عن السيدة زينب، ضرورة عقائدية، نظرا لأهميته بالنسبة للمسلمين الشيعة».

أما في القصير، فإن جمهور حزب الله يعتبر المعركة «معركة نظام الأسد، ومعركة اللبنانيين الذين يقيمون في تلك القرى الشيعية داخل سوريا، وليست معركة ابن الجنوب أو البقاع».

وتتواصل الأنباء عن تشييع حزب الله مقاتلين له سقطوا في سوريا. وتتنوع بين عناصر قضوا قرب مرقد السيدة زينب الأسبوع الماضي، وآخرين قضوا في منطقة القصير التي أعلن حزب الله أن مقاتلين لبنانيين شيعة مؤيدين له يقاتلون بغرض الدفاع عنها.

وذكر موقع «لبنان الآن»، أمس، أن حزب الله شيع في بلدة علي النهري أحد عناصره، ويدعى محمد عبيد، بعد أن قتل في المعارك التي تجري في الداخل السوري. وأشار الموقع إلى أن عبيد «من أصل سوري وأمه لبنانية من بلدة علي النهري». ونقل عن مصادر مطلعة أنه قُتل في المعارك الأخيرة التي تجري على الحدود المتاخمة لريف القصير.

وكان الحزب قد شيع، الأسبوع الماضي، عنصرا من مقاتليه يُدعى حمزة غملوش في مدافن روضة الشهيدين بضاحية بيروت الجنوبية، إلى جانب ضريح قائده الراحل عماد مغنية، من غير أن يحدد مكان مقتله. وذكر موقع «منتديات الجنوب» الإلكتروني، المعني بنشر أخبار جنوب لبنان، أن غملوش قضى «دفاعا عن مقام السيدة زينب» في ريف دمشق، ونشر صورتين له، إحداهما تظهره ببزة عسكرية، يقف أمام مرقد السيدة زينب في دمشق، وكُتب عليها «الشهيد المجاهد حمزة إبراهيم غملوش (جواد)». ونعاه الموقع بأبيات شعر، تؤكد أنه قتل في معركة السيدة زينب بريف دمشق.

وفي سياق متصل بالأعمال العسكرية في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا، أعلن وزير خارجية لبنان عدنان منصور، أمس، أن «دوائر الوزارة باشرت عملها من أجل تقديم مذكرة إلى جامعة الدول العربية تستند إلى الإحداثيات والوقائع على الأرض، المتعلقة بالخروق السورية للسيادة اللبنانية»، وقال: «ننتظر من قيادة الجيش تزويدنا بالأحداث التي حصلت خلال الأيام الماضية، وفي ضوء هذه التفاصيل نرسل المذكرة».

وتنوي السلطات اللبنانية تقديم مذكرة إلى جامعة الدول العربية، احتجاجا على الخروقات السورية المستمرة للسيادة اللبنانية. واتخذ القرار بعد سقوط قتيلين لبنانين و8 جرحى، جراء استهداف المعارضة السورية لقرية القصر في الهرمل، ذات الأغلبية الشيعية.

وأثار توجيه رسالة الاحتجاج إلى الجامعة العربية، بعد استهداف المعارضة السورية للأراضي اللبنانية، انتقاد الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري «الانتقائية الفاضحة» في تعاطي لبنان مع «الاعتداءات». وإذ أكد الحريري رفض وإدانة أي قصف تتعرض له المناطق اللبنانية على الحدود الشرقية والشمالية، من الجانب السوري، واستغرب «الانتقائية الفاضحة في تعاطي السلطة الرسمية والأمنية مع الاعتداءات الحاصلة، كما لو أن هناك كيلا بمكيالين، أو ثمة من يصر في هذه السلطة على تصنيف اللبنانيين، بين مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية»، موضحا أن «أي تحرك رسمي لم يُسجل، طوال الأشهر الماضية، لحماية المواطنين، ونشر الجيش على طول الحدود، بإزاء جملة الاعتداءات التي تصاعدت وتيرتها ضد عرسال وقرى عكار، في حين تمت المسارعة إلى عقد اجتماع أمني طارئ، بعدما تعرضت مناطق محددة لاعتداء، هو الأول من نوعه».

وحمل الحريري «حكومة تصريف الأعمال مسؤولية استمرار هذه الاعتداءات التي سمحت لنظام (الرئيس السوري) بشار الأسد بالتمادي في استباحة الأراضي اللبنانية». ورأى الحريري أن «المسؤولية الأكبر تقع على عاتق حزب الله، الذي لطالما حذرنا من خطورة انخراطه في القتال ضد الشعب السوري».