تسارع وتيرة الاغتيالات في العراق مع اقتراب الانتخابات المحلية

15 مرشحا قتلوا و6 نجوا وآخرون اختطفوا أو تلقوا تهديدات بالقتل

معزون في مجلس العزاء الذي أقيم للمرشح صلاح العبيدي الذي اغتيل مؤخرا في مكتبه ببغداد (نيويورك تايمز)
TT

في أول انتخابات عراقية منذ انسحاب القوات الأميركية، يتعرض المرشحون السنة لهجمات ويقتلون بأعداد تفوق هؤلاء الذين سقطوا في الحملات الأخيرة، على نحو يثير مخاوف في واشنطن إزاء الاستقرار السياسي للعراق وقابلية نظام ديمقراطي استثمرت فيه الولايات المتحدة بقوة على مر سنوات الحرب والمساعي الدبلوماسية للتطبيق.

واغتيل ما لا يقل عن 15 مرشحا، جميعهم من السنة - بعضهم على ما يبدو من قبل معارضين سياسيين، والبعض الآخر من قبل مسلحين متطرفين. وقد تعرض كثيرون آخرون لإصابات أو اختطفوا أو تلقوا رسائل نصية تهديدية أو اتصالات هاتفية تطالبهم بالانسحاب من السباق الانتخابي. وتعرضت مدرستان في الحلة كانتا تستخدمان كموقعي اقتراع لتفجيرات بقنابل محلية الصنع؛ ولم يقتل أحد، غير أن التفجيرات مؤشر على أن المتمردين ربما يعتزمون مهاجمة الناخبين أيضا لا المرشحين فقط. وسرعان ما أعلن مسؤولون أمنيون في الحلة حالة الطوارئ، وقالوا إنهم تتوفر لديهم معلومات تفيد بأن مسلحين يستعدون لاستهداف المزيد من مواقع الاقتراع في المنطقة.

ويقول حميد فاضل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، إن «قتل المرشحين يعني بث مشاعر الخوف. ولهذا، أعتقد أن هذا سوف يؤثر على مشاركة الناخبين، لأنني لا أظن أن الناس سوف يرغبون في المجازفة بحياتهم مجددا».

ولطالما تداخلت السياسة مع العنف في العراق، حيث دائما ما كان يعرقل وعد إرساء الديمقراطية النزاع الطائفي والقبلي والآيديولوجي. غير أن هذه الدورة الانتخابية تثبت كونها أكثر دموية من أي من المرتين السابقتين اللتين توجه فيهما العراقيون إلى صناديق الاقتراع، في عام 2010 للانتخابات البرلمانية وفي عام 2009، للانتخابات المحلية، بحسب غازي الزوبعي، وهو مسؤول في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تشرف على الانتخابات في العراق. وقبل أيام تجلت طقوس الحداد في مأدبة من الشاي الحلو وأكوام الأرز وفخذ الخروف في المنزل الكائن في بغداد الذي كان يقيم فيه صلاح العبيدي، وهو محام بارز لقي حتفه بطلق ناري في مكتبه. كان العبيدي، 48 عاما، مرشحا سنيا ومستشارا قانونيا لإياد علاوي، الشيعي العلماني الذي يرأس القائمة العراقية، الكتلة التي يعتبر السواد الأعظم من أعضائها من السنة والتي فازت بأغلبية المقاعد في الانتخابات البرلمانية لعام 2010. وقال حسام جاسم، أحد أصدقاء العبيدي: «نظرا لأنه سني، فلن يعبأ أحد». وقال إنه ربما لن يتم حل لغز جريمة القتل مطلقا، مضيفا أنه يعتقد أن المسلحين الذين نفذوا جريمة القتل موالون للحكومة التي يهيمن عليها الشيعة.

غالبا ما كان يحمل العبيدي مسدسا، ولكنه تركه في منزله في اليوم الذي قتل فيه. وقبل أيام كان قد تلقى رسالة نصية جاء فيها: «انسحب من الانتخابات وإلا قتلناك»، حسبما أشار ابنه، مضيفا إنه كان يأمل أن ينتبه والده للتحذير عندما حدثه قائلا «لا أعتقد أنك بحاجة للمشاركة في هذه الانتخابات. الأمر غاية في الخطورة».

ومع اقتراب الانتخابات، تتسارع وتيرة الهجمات على ما يبدو. فمساء السبت الماضي كان مرشح سني يقود سيارته شمال تكريت، حينما فتح مسلحون النيران باستخدام مسدسات مزودة بكواتم صوت، ليردوه قتيلا، بحسب مسؤولين. والأحد في بعقوبة، عاصمة محافظة ديالى، قتل نجم الحربي، عضو المجلس المحلي الذي كان يخوض سباق إعادة الانتخاب، في كمين ضم قنبلة على جانب الطريق ومسلحين مختبئين. وفي مدينة الموصل شمالي العراق، قتل ستة مرشحين، إما بطلق ناري أو بمتفجرات محلية الصنع، بينما نجا ستة آخرون من محاولات اغتيال.

ويقول رحيم الشمري، المتحدث باسم قائمة العراقية: «نلقي باللوم على قوات الأمن بسبب تقصيرها في حماية مرشحينا. فعلى الرغم من الاستهداف المتكرر، لم نشهد أي إجراءات وقائية تتخذ للحد من الهجمات». ويقول خبراء ومسؤولون عراقيون إنه إضافة للمنافسين السياسيين الذين يعتقد أنهم يقفون وراء بعض الاغتيالات، ثمة اعتقاد بأن تنظيم القاعدة مسؤول عن هجمات أخرى.

غير أن الحملات الانتخابية تمضي قدما بوسائل غير تقليدية تجسد السياسات العراقية. ففي الفلوجة، اتجه بعض المرشحين إلى عرافة، يقول سكان محليون إنها تمارس نوعا من السحر، لتحسين فرصهم في التمكن من خوض سباق الانتخابات. وقالت المرأة، التي ذكرت أن اسمها أم رزاق، إنها قد قدمت النصيحة للمرشحين الذين طلبوا منها تعويذة لمساعدتهم في الفوز. وتضيف «أخبرهم بأنهم سوف يفوزون، لكنهم بحاجة للعمل بجد. وهم يعدونني بأنهم إذا ما فازوا، فسوف يدفعون لي تكاليف السفر لأداء فريضة الحج أو سيشترون لي منزلا».

آخرون قرروا الابتعاد عن مضمار السياسة. فقد انسحب محمد حكمت، وهو أستاذ علوم سياسية من الأنبار، من قائمة المرشحين بعد تلقيه تهديدا. ويقول: «لا أرغب في أن أكون الضحية المقبلة».

* خدمة «نيويورك تايمز»