توافق سياسي يؤجل البت بـ«خلو» منصب الرئيس العراقي

خبير قانوني: الحالة الراهنة مخالفة للدستور

TT

لم يتمكن أطباء الرئيس العراقي جلال طالباني ولا الدستور العراقي خلال الشهور الأربعة الماضية - وهي فترة مرض الرئيس طالباني بجلطة دماغية - من تقديم تفسير مقنع لا لجهة صحته وإمكانية عودته لمزاولة مهام عمله ولا لجهة آليات الاستبدال عند حالتي «الغياب» و«الخلو» استنادا إلى الدستور العراقي الدائم الذي تم تشريعه والتصويت عليه عام 2005.

طبيا لم تقدم حتى الآن اللجنة الطبية التي يشرف عليها طبيب طالباني الخاص محافظ كركوك نجم الدين عبد الكريم تقريرا نهائيا بشأن وضعه الصحي ما خلا تصريحات متباعدة لعبد الكريم فحواها أن الرئيس يستجيب للعلاج. لكن غياب طالباني البالغ من العمر 80 عاما جاء في وقت حرج من تاريخ العملية السياسية الحالية في العراق، حيث كان للرجل بصمته الواضحة عليها. مع ذلك فإن استمرار هذا الغياب كل هذه الفترة دون حسم حتى الآن له تفسيران في بغداد أحدهما سياسي والآخر قانوني.

بالنسبة للتفسير السياسي لهذا الغياب دون حسم فإنه طبقا لما يقول عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون عزة الشابندر في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» فإن «ما يجعلنا نصبر على عدم التفكير في استبدال الرئيس جلال طالباني حتى الآن فلأنه أولا لم يترك فراغا». ويستدرك الشابندر قائلا: «أقصد بالفراغ هنا الدستوري وليس الفراغ السياسي، حيث إن نائبه يحل محله». الشابندر يعزز فرضيته السياسية وليست القانونية بالقول إن «الطرف الكردي لم يستقر على مرشح بديل بسبب الخلافات داخل البيت الكردي وبالذات الاتحاد الوطني الكردستاني وإن كان مقتنعا مثلنا بأنه لم تعد هناك فرصة لعودة الرئيس إلى مكانه الفعلي ومزاولة عمله». ويضيف الشابندر أن «الأمر لا يبدو ملحا مع الإقرار بأن الرئيس طالباني له ثقله الاعتباري وإننا نتمنى عودته مكللا بالشفاء العاجل لأنه كان قد لعب دورا أبويا ووقف على مسافة واحدة من كل الأطراف»، معتبرا أن «وجود مشكلات أكبر من قضية استبدال رئيس الجمهورية لأي سبب تبدو عاملا أساسيا في عدم التفكير بذلك».

لكن للدستور رأيا آخر مختلفا تماما لما طرحه الشابندر من الناحية السياسية، إذ يرى الخبير القانوني إبراهيم الصميدعي في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أن «الدستور العراقي وفي أكثر من مادة من مواده وعلى كثرة ما في بعضها من تكرار وركاكة حدد كيفية استبدال رئيس الجمهورية بما في ذلك آلية إشغال المنصب من قبل نائبه».

وأضاف الصميدعي أن «الدستور العراقي وفي المادة 75 ج منه حدد كيفية إشغال المنصب من قبل النائب في حالتي الغياب والخلو»، موضحا أن «النائب يحل محل الرئيس في حال غيابه لأي سبب ولكن هذا مرتبط بفترة زمنية أمدها شهر يصبح المنصب بعدها في حالة خلو لا غياب وعندها ينتقل المنصب برمته إلى البرلمان لانتخاب رئيس جديد بعد مرور شهر، وبما أننا الآن في حالة خلو المنصب لا الغياب لأن المدة تخطت الأربعة أشهر فإنه لم يعد ممكنا طبقا للدستور العراقي أن يستمر المنصب بيد نائب الرئيس علما بأن كلا من منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء هما الآن بيد حزب واحد».

ويضيف الصميدعي أن «منصب رئيس الجمهورية في العراق أساسي وأنه موجود حتى قبل إقرار الدستور لأن الدستور العراقي بني بالأساس على قانون إدارة الدولة». ويرى الصميدعي أن «المادة 72 من الدستور العراقي تشير إلى انتخاب رئيس جمهورية لإكمال الولاية المتبقية لرئيس الجمهورية وبالتالي فإننا الآن في حالة مخالفة دستورية لأن رئيس الجمهورية لا ينطبق عليه الغياب، بل الخلو».