«التقارب مع طهران» يشعل الخلافات بين مشرعين ومسؤولين بالقاهرة

قيادي في «الشورى»: وعود إيران لمساعدة مصر مرفوضة

TT

تصاعدت الخلافات بين مشرعين ومسؤولين في القاهرة بسبب التقارب المصري - الإيراني. وقال القيادي في مجلس الشورى المصري، عماد المهدي، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن وعود إيران لمساعدة مصر «مرفوضة»، وهو اتجاه يتعارض مع مساعي السلطة التنفيذية التي تهيمن عليها جماعة الإخوان المسلمين. وأوضح النائب في البرلمان السابق عن «الإخوان»، ناصر الدين إبراهيم، أنه من السياسة الاستفادة من مثل هذه العلاقة شرط عدم التدخل في شؤون البلاد الداخلية. وقرر عدد من النواب بمصر طرح موضوعات للمناقشة موجهة للسلطة التنفيذية بشأن معلومات عن تقديم إيران طلبات للقاهرة لاستقبال 20000 طالب مصري للدراسة في طهران على نفقة النظام الإيراني. كما تتضمن موضوعات المناقشة المقترحة حقيقة طلب إيران من مصر السماح لها ببث عدد من القنوات الفضائية الإيرانية انطلاقا من القاهرة، وكذا العمل على تأهيل مصانع مصرية على نفقة طهران، وإقامة مصانع إيرانية أخرى بمصر.

وقالت مصادر مجلس الشورى المصري إن نوابا، غالبيتهم من التيار السلفي، تقدموا بطلبات مناقشة عن مسار التقارب المصري - الإيراني، لكنها لم تعرض بشكل رسمي في المجلس حتى الآن، بعد أن تلقوا معلومات عن أن مسؤولين إيرانيين عرضوا في لقاءت مع مسؤولين كبار بمصر تقديم مساعدات للقاهرة مقابل تطبيع العلاقات بين البلدين.

وقال عماد المهدي، الذي يشغل موقع «وكيل لجنة الثقافة والسياحة والإعلام» بمجلس الشورى المصري، إن بعض الوعود الإيرانية تم تقديمها أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني لمصر، علي أكبر صالحي، مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، خاصة موضوع إيفاد آلاف الطلاب المصريين للدراسة في طهران على نفقة الحكومة الإيرانية.

وأضاف المهدي، وهو ينتمي إلى التيار السلفي الذي يضم أكبر كتلة نيابية بعد كتلة «الإخوان» في المجلس التشريعي: «هذه معلومات نريد إجابات عنها.. نحن نرفض التقارب مع إيران ونرفض أي مساعدة منها، لأن هذا ليس في مصلحة الأمن القومي المصري».

وأوضحت مصادر نيابية أخرى أن الوعود الإيرانية المشار إليها تم التحدث بشأنها أيضا خلال زيارة الرئيس محمود أحمدي نجاد للقاهرة مطلع فبراير (شباط) هذا العام، ثم تم «فتح الموضوع» مع الجانب المصري مرة ثالثة خلال زيارة قام بها مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين عبد اللهيان، لمصر مطلع الشهر الحالي.

وبدا الارتباك واضحا على تصريحات المسؤولين المصريين والإيرانيين حول ما إذا كانت القاهرة، أم طهران، هي التي بادرت بوقف رحلات السياح الإيرانيين إلى مصر بعد نحو أسبوع من بدايتها مطلع هذا الشهر للمرة الأولى منذ قطع العلاقات بين البلدين عام 1979.

وأدلى وزير السياحة المصري، هشام زعزوع، بعدد من التصريحات لوسائل الإعلام الإيرانية، خلال الأيام الأخيرة، شدد فيها على رغبة مصر في عودة السياح الإيرانيين والتعاون مع طهران، إلا أنه عاد ونفى ما أوردته وكالة «فارس» الإيرانية على لسانه، بشأن إعادة النظر في إحياء مشروع مصري قديم عن «مسار آل البيت» والعتبات المقدسة بالقاهرة.

وقال الوزير الليلة قبل الماضية، إن هذا المشروع (إحياء «مسار آل البيت») ليس من أولويات وزارة السياحة في المرحلة الراهنة، وإنه «غير مدرج على خطة الوزارة، سواء القصيرة أو طويلة الأجل».

وبالتزامن مع تقديم نواب في مجلس الشورى المصري لطلبات مناقشة بشأن حقيقة علاقة بلادهم مع طهران والتحذير منها، يستعد الوزير زعزوع لإجراء لقاءات مع نواب سلفيين في المجلس لإقناعهم بجدوى السياحة الإيرانية وتقديم تطمينات لهم عن أن الزوار الإيرانيين لن ينشروا التشيع، لكن يبدو أن شروط النواب السلفيين أكبر من وعود الوزير، لأن الأمر، وفقا لوكيل لجنة السياحة والثقافة والإعلام، عماد المهدي، يتعلق بسياسات إيران تجاه المنطقة العربية.

وقال المهدي، وهو قيادي في حزب النور السلفي أيضا: «كلنا كتيار سلفي في مجلس الشورى نعارض السياحة الإيرانية.. التخوفات من إيران موجودة وكبيرة».

وأضاف أن إيران تمكنت بالفعل من افتتاح قناة تلفزيونية تبث من مصر، وأوضح: «حين طالبت بغلق هذه القناة التي يملكها إيراني يحمل جنسية دولة خليجية، ردت الحكومة المصرية بأنه لا يمكنها ذلك»، مشيرا إلى أن السلطة الحاكمة بمصر تلعب بورقة التقارب مع إيران ظنا منها أنها تضغط بذلك على دول الخليج وأميركا. وتتفهم جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي مخاوف السلفيين من إيران، لكن لها رأي مختلف. وقال ناصر الدين إبراهيم، النائب عن حزب الحرية والعدالة التابع لـ«الإخوان» في البرلمان السابق: «السلفيون عندهم حق، لكن السياسة تقول إن أمامي قوة إقليمية (إيران)، ومن المصلحة أن أتعامل مع من يجاورني في الإقليم، علميا واقتصاديا وسياحيا، بحيث يكون هناك نوع من أنواع التكافؤ بقدر يمنع التدخل في شؤوني الداخلية».

وبعد تصاعد غضب قطاع من المصريين من التقارب مع إيران، أعلنت طهران مطلع هذا الأسبوع أن استئناف العلاقات بين البلدين يحتاج إلى «الوقت والصبر». وقال القطب الشيعي المصري الدكتور أحمد راسم النفيس لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن إيران هي من بدأ بوقف الرحلات السياحية لمصر بسبب (التصرفات) التي قام بها السلفيون ضد التقارب مع إيران. وأضاف أنه لا يوافق على عودة العلاقات المصرية مع إيران، لأن «الوضع في مصر حاليا مضطرب ولا توجد استراتيجية ولا رؤية».