المغرب يرفض اقتراحا أميركيا بتوسيع مهام «مينورسو» في الصحراء لمراقبة حقوق الإنسان

وفد مغربي رفيع المستوى يجري محادثات ذات صبغة عاجلة في الدول دائمة العضوية

TT

رفض المغرب أي اتجاه لتوسيع صلاحيات البعثة الأممية المكلفة بنزاع الصحراء (مينورسو) لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء ومخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف (جنوب غربي الجزائر). وقرر إجراء اتصالات فورية مع الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن من أجل هذا الغرض، وسيجري وفد رفيع المستوى محادثات ذات صبغة عاجلة في عواصم هذه الدول.

وقالت مصادر مغربية، إن واشنطن تقف خلف هذا الاقتراح، وهو ما أثار دهشة في الرباط، التي تعتبر أميركا حليفا استراتيجيا وأساسيا. وكانت الولايات المتحدة أيدت في وقت سابق اقتراح المغرب منح الصحراء حكما ذاتيا موسعا، وطرأ تغيير في الموقف الأميركي بعد تولى جون كيري وزارة الخارجية الأميركية، وبضغط من بعض قيادات الحزب الديمقراطي، ومن ذلك «مركز روبرت كيندي» الذي تشرف عليه كيري كيندي، وهي من الشخصيات الواسعة النفوذ داخل الحزب الديمقراطي. وقال بيان أصدره المركز على موقعه الرسمي، إنه يساند مشروع القرار الذي أعدته وزارة الخارجية الأميركية، مشيرا إلى أن «مجموعة أصدقاء الصحراء» تساند الاقتراح الأميركي.

ومن المفترض أن يناقش مجلس الأمن في 25 من الشهر الحالي اقتراح توسيع مهام «مينورسو»، وهو أمر ظلت تطالب به جبهة البوليساريو مدعومة من طرف الجزائر. ولم يتسن أمس (الثلاثاء) الحصول على تعليق من الخارجية الأميركية بشأن هذه التطورات، وطلب مصدر رسمي أسئلة مكتوبة للرد عليها.

وعقد أول من أمس في الرباط اجتماع ضم مستشاري العاهل المغربي الملك محمد السادس، وعبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة، من جهة، وقادة الأحزاب السياسية الممثلة داخل البرلمان من جهة أخرى. وقال بيان للديوان الملكي إن الاجتماع خصص لبحث آخر التطورات المتعلقة بمشكلة الصحراء في الأمم المتحدة وبصفة خاصة بعض المبادرات الرامية إلى تغيير طبيعة مهمة بعثة «مينورسو». وقال البيان إن الاجتماع أقر رفض المبادرة المطروحة على مجلس الأمن بشكل قاطع.

وأشار البيان إلى أن «انحياز مثل هذا النوع من المبادرات الأحادية والمتخذة دون تشاور مسبق سواء في ما يخص المضمون أو السياق أو الطريقة هو أمر غير مفهوم ولا يمكن إلا رفضه». وأعرب المشاركون في الاجتماع عن انشغالهم بخصوص انعكاسات الأمر على مسلسل المفاوضات الحالية. وأشار البيان إلى أن المبادرة «تقطع بشكل متعمد مع روح التوافق التي طبعت مسلسل البحث عن حل سياسي عادل ودائم ومقبول لهذا النزاع الإقليمي المفتعل على أساس الواقعية وروح التوافق التي يدعو إليها مجلس الأمن».

وأشار البيان إلى المبادرات التي اتخذها المغرب من أجل النهوض بحقوق الإنسان. وقال إن المغرب «على ثقة في حكمة أعضاء مجلس الأمن وقدرتهم على إيجاد الصيغ الملائمة لحماية المسلسل السياسي من أي انحرافات تكون لها انعكاسات وخيمة على استقرار المنطقة».

يشار إلى أن قادة الأحزاب التي شاركت في الاجتماع أعلنوا رفضهم اقتراح توسيع مهام «مينورسو». وفي هذا السياق، قال حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال إن المبادرة «مرفوضة وغير قابلة للنقاش»، مشيرا إلى أن لا أحد بإمكانه أن «يفرض على المغرب أي قرار كيفما كان نوعه». وقال إن المغرب سيتصدى لمحاولات توسيع مهمة بعثة «مينورسو»، والتي تقف وراءها لوبيات صغيرة معروفة بمعاداتها للمغرب، على حد قوله. وفي السياق نفسه، أعلن محمد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية رفض حزبه بكل قوة لأي تغيير في طبيعة مهمة بعثة «مينورسو»، وتوسيعها إلى مجال حقوق الإنسان.

وقال إن «المغرب لا يخشى أن يواجه أوضاع حقوق الإنسان في كل أنحاء البلاد لأن الجميع يعترف له بأنه أصبح بلدا ديمقراطيا يحترم حقوق الإنسان وينخرط في جميع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال في حين أن جبهة البوليساريو ليست جزءا من أي اتفاقية من هذه الاتفاقيات.

وأشار ابن عبد الله إلى أن من شأن تغيير طبيعة مهمة «مينورسو» أن يزج بقضية الصحراء في تطورات خطيرة.

وفي الاتجاه نفسه، قال إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إن المبادرة المتعلقة بتوسيع بعثة المينورسو تخالف ميثاق الأمم المتحدة وتتناقض مع السياقات التي عرفتها الحوارات بين المغرب والمنظمة الدولية في عدد من المحطات الأساسية.

ووصف لشكر المبادرة بأنها مؤامرة تهدف إلى وأد اتفاق 1991 المتعلق بمهام «مينورسو» من خلال منحها صلاحيات لم يتم الاتفاق عليها وقال إن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بعد اطلاعه على التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة «انتابه شعور بأن مؤامرة ما تحاك ضد المغرب».

يشار إلى أن الوفد المغربي الذي أوفد من طرف العاهل المغربي، بدأ جولته من لندن باللقاء مع ويليام هيغ وزير الخارجية البريطاني.

ويتكون الوفد المغربي من الطيب الفاسي الفهري، مستشار العاهل المغربي، وسعد الدين العثماني، وزير الخارجية ومحمد ياسين المنصوري، المدير العام للدراسات والمستندات (المخابرات الخارجية).