مجلس الأمن يبدأ دراسة تشكيل قوات حفظ السلام في مالي والمغرب يجدد دعمه للجهود الفرنسية

وزير الخارجية الفرنسي: تحليل موريتانيا بشأن البلد الأفريقي متطابق مع باريس

TT

بدأ مجلس الأمن أمس، دراسة مشروع قرار للموافقة على تشكيل قوة لحفظ السلام تابعة للمنظمة الدولية تتألف من 12600 فرد، ستنشر في دولة مالي مطلع شهر يوليو (تموز) المقبل، وذلك ما أشار إليه وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي يزور موريتانيا، مؤكدا أن نواكشوط تنوي المشاركة في قوة حفظ السلام ودعمها.

وقال فابيوس، في تصريحات صحافية عقب لقاء جمعه أمس بالرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، إن «موريتانيا تتابع باهتمام كبير الوضع في مالي، ولدى فرنسا تحليل متطابق معها في هذا الشأن، حيث إن مالي بحاجة إلى الأمن مثلها في ذلك دول المنطقة برمتها»، قبل أن يضيف: «أصدقاؤنا في موريتانيا ينوون المشاركة في هذه العملية (حفظ السلام) ودعمها حسب الطريقة التي سيحددونها بأنفسهم».

وأكد فابيوس أن العملية العسكرية التي تخوضها بلاده في شمال مالي منذ أزيد من ثلاثة أشهر، «مكنت من استعادة الأمن» في الإقليم الذي كانت تسيطر عليه جماعات إسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة، مضيفا أن «الوضع ما يزال بحاجة إلى التدعيم، وفي الأيام المقبلة ستصادق الأمم المتحدة على ما يعرف بعملية لحفظ السلام من شأنها أن تمكن من صون الأمن في مالي، وستتولى الأمم المتحدة بمقتضى ذلك عمليات الأمن هناك».

يشار إلى أن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، التي يدرس مجلس الأمن مشروع نشرها في دولة مالي، سيكون بمقدورها أن تطلب من القوات الفرنسية المساندة عند الحاجة لمواجهة تهديدات المتطرفين الإسلاميين.

والتقى خبراء من الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، يوم أمس، من أجل مناقشة مشروع القرار الذي صاغته فرنسا، ويقضي بتفويض قوات حفظ السلام والقوات الفرنسية استخدام «كل الوسائل الضرورية» لحماية المدنيين وتحقيق استقرار المدن الرئيسية ولا سيما في شمال مالي.

ويأمل مجلس الأمن تبني مشروع القرار الذي قد يتم تعديله خلال المفاوضات بنهاية أبريل (نيسان) الحالي، وقال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، مفضلا حجب هويته، إن العملية ستكون رابع أكبر عملية لحفظ السلام تقوم بها الأمم المتحدة وستبلغ تكاليفها 800 مليون دولار سنويا.

من جهة أخرى، وصل 200 جندي من دولة بوركينا فاسو، إلى الأراضي المالية حيث استقروا في مدينة تمبكتو التاريخية، والتي شهدت الأسابيع الماضية مواجهات عنيفة بين الجيش المالي ومسلحين ينتمون لإحدى الجماعات الإسلامية المسلحة التي كانت تسيطر على المدينة.

ويعتبر الجنود البوركينيون هم أول فرقة عسكرية أفريقية تصل إلى تمبكتو منذ بداية العملية العسكرية الفرنسية والأفريقية في شمال مالي، حيث ظلت المدينة تحت سيطرة الجيش الفرنسي قبل أن يسلمها لوحدات من الجيش المالي.

وفي غضون ذلك، تستعد العاصمة المالية باماكو للشروع في العملية السياسية التي ستنهي المرحلة الانتقالية التي دخلت فيها البلاد منذ انقلاب 23 مارس (آذار) 2012، وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الفرنسي خلال حديثه للصحافة بنواكشوط، إنه «من الناحية السياسية يتعين على مالي الالتزام بالحوار والمصالحة»، مشددا على ضرورة الشروع في «حوار حقيقي بين الجنوب وسكان الشمال المالي، حتى يطمئن الجميع ويتم التغلب على مشكلات مستعصية حصلت في السابق»، وهو ما اعتبره التحليل الذي اتفق عليه مع الرئيس الموريتاني خلال مباحثاتهما بنواكشوط.

وأضاف في نفس السياق أن «هناك انتخابات مقررة في يوليو المقبل، وبالتالي فإن الأمر هناك يتلخص في الجانب الأمني والانتخابات والحوار، وكذا الجانب الاقتصادي حيث إن مالي شأنها في ذلك شأن جميع دول المنطقة، بحاجة إلى الدعم الاقتصادي وتجاوز الصعوبات المرتبطة بذلك»، على حد تعبيره.

بدوره، أكد يوسف العمراني، الوزير المغربي المنتدب في الشؤون الخارجية، دعم الرباط للجهود الفرنسية «الشجاعة والحاسمة» التي مكنت مالي اليوم من استعادة السيطرة على كامل ترابها وحماية خياراتها الوطنية المشروعة.

ودعا العمراني، في مداخلة أمس في نواكشوط، أمام الدورة العاشرة لاجتماع وزراء خارجية دول غرب المتوسط المعروفة بمجموعة حوار (5 زائد 5)، إلى تطوير رؤية مشتركة لجعل حوار 5 زائد 5 قاطرة حقيقية لاتخاذ إجراءات تعاون ملموسة ومثمرة وذات نفع لبلدان ضفتي المتوسط، مؤكدا انخراط المغرب التام في جميع الجهود الرامية إلى «ضمان انبثاق فضاء أورو متوسطي مستقر ومتضامن ومزدهر».

وجدد العمراني تمسك المغرب بالاندماج المغاربي مؤكدا الأهمية الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية للاتحاد المغاربي «كإطار ملائم للتعاون والتكامل والشراكة»، فضلا عن الدور الاستراتيجي الذي يمكن أن يلعبه في الفضاء الأورو - متوسطي. كما جدد دعم المغرب الكامل للحوار بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد المغاربي، معربا عن الأمل في أن تتواصل عملية التشاور التي بدأت في الرباط في يناير (كانون الثاني) 2008، حتى يكون مثمرا بشكل يسمح باستغلال المقدرات الجديدة للتكامل الإقليمي والتقارب بين الاتحادين.

وعبر العمراني عن قناعة المغرب بأن انبثاق نظام مغاربي جديد، سيسمح لدوله الخمس باستثمار جهود التكامل والتضامن والتكامل والاندماج بالمنطقة.