السلطات المصرية تأمر بإعادة مبارك للسجن وتحدد 11 مايو لإعادة محاكمته

المحامي فريد الديب لـ الشرق الأوسط: الرئيس السابق متمسك بمحاكمته في مصر

عناصر من حركة 6 ابريل واهالي ضحايا قتلوا خلال ثورة 25 يناير خلال وقفة احتجاجية أمام المحكمة العليا بالقاهرة امس (أ.ف.ب)
TT

أمرت السلطات المصرية أمس بإعادة الرئيس السابق حسني مبارك لسجن طرة في جنوب القاهرة بدلا من مقر احتجازه الحالي في مستشفى المعادي العسكري، دون تحديد موعد للتنفيذ، لكنها حددت يوم 11 مايو (أيار) المقبل لإعادة محاكمته في تهم تتصل بقتل المتظاهرين خلال الانتفاضة التي أطاحت به عام 2011، وبتهم تتصل باستغلال النفوذ.

وترددت أنباء في القاهرة عن أن مبارك قد يطلب نقله للمحاكمة في الخارج خشية تسييس قضيته أو الرغبة في الانتقام منه داخل البلاد، لكن فريد الديب محامي الرئيس السابق قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن مبارك متمسك بمحاكمته في مصر.

وفجرت إعادة محاكمة الرئيس السابق مفاجأة في أولى جلساتها يوم السبت الماضي حين تنحى القاضي مستشعرا الحرج. وظهر مبارك (84 عاما) خلال الجلسة بصحة جيدة وهو يلوح بيده مبتسما لمؤيديه من داخل قفص الاتهام. وأثار مشهد مبارك متفائلا داخل القفص الجدل حول تحسن حالته الصحية، ما دفع محامين لرفع دعاوى تطالب بإعادته لمحبسه في سجن طرة (جنوب القاهرة). واستنفد مبارك مدة حبسه على ذمة القضية، وصدر قرار من المحكمة بإخلاء سبيله، إلا أن السلطات قررت حبسه على ذمة قضايا أخرى.

يأتي ذلك في وقت يستعد فيه التيار الإسلامي، بما فيه جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، لتنظيم مظاهرات لما سموه تطهير البلاد من الفساد بإجراءات ثورية تصل إلى حد المطالبة بإنشاء محاكم ثورية ضد عناصر النظام السابق، بمن فيهم مبارك.

وقال محمود الحفناوي، المتحدث باسم النيابة المصرية، أمس، إن المستشار طلعت عبد الله، النائب العام، قرر نقل مبارك إلى مستشفى السجن بمزرعة طرة، بناء على تقارير صدرت عن لجنة الطب الشرعي التي فحصت حالته الصحية داخل مستشفى المعادي العسكري.

وأشارت مصادر في لجنة الطب الشرعي إلى أن حالة مبارك لا تستدعي وجوده في مستشفى المعادي العسكري، وأن مستشفى السجن مجهزة لاستقباله ورعايته طبيا طبقا لحالته الصحية. لكن مصادر أمنية قالت إنه لم يعرف بعد متى يمكن تنفيذ الأمر.

وتم الإعلان أمس عن تحديد الدائرة الثانية بمحكمة جنايات شمال القاهرة التي يرأسها المستشار محمود كامل الرشيدي، لإعادة محاكمة مبارك يوم 11 من الشهر المقبل. ويحاكم مع مبارك بالتهم التي تتصل بقتل المتظاهرين وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وستة من كبار مساعديه. ويحاكم معه بالتهم التي تتعلق باستغلال النفوذ ابناه علاء وجمال، ورجل الأعمال الهارب خارج البلاد حسين سالم.

وحكمت محكمة جنايات شمال القاهرة على مبارك والعادلي بالسجن المؤبد الصيف الماضي، بينما برأت ضباط الشرطة من التهم، كما أسقطت تهم استغلال النفوذ عن مبارك وابنيه وسالم بسبب تقادم الدعوى، إلا أن محكمة النقض ألغت الأحكام في يناير (كانون الثاني) وأمرت بإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى بعد أن طعن مبارك والعادلي على إدانتهما. وطعنت النيابة العامة على براءة ضباط الشرطة ومبارك وابنيه وسالم من تهم استغلال النفوذ.

وترددت أمس أنباء في العاصمة المصرية عن أن الرئيس السابق قد يطلب محاكمته أمام إحدى المحاكم الدولية خشية وقوعه ضحية لتصفية حسابات سياسية. لكن محاميه، فريد الديب، قال إن هذا غير صحيح، وأضاف: «هذا كلام فارغ، وأنا أنفيه»، مشددا على أنه يثق في القضاء المصري، وقال إن مبارك «متمسك باستمرار محاكمته في مصر، ويرى أن القضاء المصري أعظم قضاء».

وأوضح الديب أن الكثير من وسائل الإعلام لا تستطيع الوصول إليه بسبب انشغاله بالقضية، فتعتمد على مصادر تدعي أنها من المحامين عن مبارك، وهذا غير صحيح، وقال: «لا يدافع عن الرئيس (السابق) مبارك إلا فرد واحد، هو أنا، وليس هناك وكلاء آخرون عنه».

وكانت وسائل إعلام محلية نسبت لقضاة قولهم إن الهجوم على القضاء والتعليق على أحكامه قد يدفع مبارك للجوء للمنظمات الدولية للمطالبة بمحاكمة دولية قد تؤدي للتحقيق في جرائم القتل التي ارتكبت في عهد النظام الحالي، ويعطي مبررا للتدخل في الشؤون الداخلية لمصر.

إلى ذلك عقدت عدة أحزاب وائتلافات إسلامية أمس بمقر حزب الأصالة السلفي بالقاهرة لقاء مشتركا طالبت فيه الرئيس مرسي بتشكيل محكمة ثورية، ودعت لتنظيم مظاهرات يوم غد الجمعة لـ«تطهير القضاء»، في خطوة يقول المراقبون إنها تعكس قلق التيارات الإسلامية من تزايد شعبية مبارك في الفترة الأخيرة بسبب تدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية في ظل حكم الرئيس مرسي و«الإخوان».

وقال الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان، إن الجماعة قررت المشاركة في مظاهرات الجمعة المقرر أن تنطلق أمام دار القضاء العالي بالقاهرة وكافة ميادين مصر، لتحقيق مطالب الثورة المتمثلة في «مطالبة مجلس الشورى بإقرار قانون السلطة القضائية الذي يحقق استقلال السلطة القضائية، وتطهير كافة مؤسسات الدولة من الفاسدين، واتخاذ الإجراءات الثورية المناسبة لذلك، ومحاكمة ومحاسبة كل من تسبب في قتل الثوار، ورموز النظام السابق الذين أفسدوا الحياة السياسية، والعمل على استرداد الأموال المنهوبة».