الحكام الإسلاميون بمصر قلقون من انخفاض شعبيتهم في الشارع

مسؤول في الرئاسة: مرسي يعتبر ضبط أسعار السلع من أكبر التحديات

TT

قالت مصادر في الرئاسة المصرية أمس إن الرئيس محمد مرسي يعتبر ارتفاع أسعار السلع والخدمات في البلاد من أكبر التحديات التي تواجهه في الوقت الراهن، في وقت أفاد فيه نواب من التيار الإسلامي ممن شكلوا الأغلبية في البرلمان ودعموا مرسي للفوز بالرئاسة الصيف الماضي، أن ارتفاع الأسعار يؤدي إلى تآكل شعبية التيار الذي تمثله أحزاب تابعة لجماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي.

ووفقا للمصادر نفسها، فقد أعطى الرئيس مرسي تعليمات للحكومة بوضع قضية الأسعار على رأس الأولويات. وعقدت الحكومة اجتماعين على الأقل خلال هذا الأسبوع لهذا الغرض. كما تطرق لقاء لقيادات مكتب إرشاد «الإخوان» للموضوع نفسه. وتتهم التيارات المدنية الإسلاميين بتقديم سلع تموينية بأسعار مخفضة لشراء ولاء الناخبين الفقراء.

وقال طارق الدسوقي، النائب عن حزب الحرية والعدالة التابع لـ«الإخوان» في البرلمان السابق إن انخفاض شعبية التيار الإسلامي «محدودة ومؤقتة»، و«الناس تتفهم سبب ارتفاع الأسعار»، مشيرا إلى أن حزبه يقيم أسواقا بأسعار مخفضة في عدة مناطق. لكن عاطف قنصوه، النائب عن حزب النور السلفي في البرلمان السابق، قال إن المواطنين كانوا يتوقعون من التيارات الإسلامية القضاء على الغلاء، وإن أسواق حزب «الإخوان» تخدم بعض المناطق الصغيرة، وإنه من المستحيل أن تقضي على ارتفاع الأسعار في بلد يزيد عدد سكانه على 85 مليون نسمة.

ومنذ تولي الرئيس مرسي الحكم، تحاول البلاد المتدهورة اقتصاديا الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، مما يمكن أن يؤهلها لتدفق المساعدات الدولية لاحقا. لكن مصادر الرئاسة أفادت ردا على أسئلة «الشرق الأوسط» أمس أن قرض صندوق النقد «قد يتأخر لأشهر، لأن شروطه يمكن أن تزيد الأعباء على المواطنين».

وتحاول الحكومة الحصول على مساعدات بمليارات الدولارات من دول صديقة مثل قطر وليبيا وتركيا.

وعلى عكس ما يدور في وسائل إعلام محلية من أن الإسلاميين مشغولون بالخلافات مع الجيش ومع المعارضة المدنية، تقول المصادر إن الرئاسة والحكومة وجماعة «الإخوان» وتيارات إسلامية أخرى ترى أن مسألة استمرار ارتفاع أسعار السلع، يمكن أن تمثل لها ضربة قاصمة في أوساط الناخبين قبل الانتخابات النيابية قبل نهاية هذا العام. وقال الدسوقي: «أمر طبيعي أن تقل شعبية أي حكومة أو حاكم مع ارتفاع الأسعار»، معربا عن اعتقاده بأن انخفاض شعبية التيار الإسلامي، بعد أكثر من عام على حصوله على الأغلبية في البرلمان وتوليه الرئاسة «محدود ومؤقت، لأنه مع الوقت سوف يتفهم الناس سبب ارتفاع الأسعار، التي لم ترتفع لدرجة مثيرة للقلق». وتطرق اجتماع لمكتب إرشاد «الإخوان» أمس إلى جهود الجماعة والحزب في تخفيف الأعباء عن المواطنين، بعد أيام من تهديد أصحاب مخابز بالإضراب احتجاجا على إجراءات لتقنين الدعم على الطاقة والطحين. وتعتمد ملايين الأسر المصرية على الخبز بصفته مكونا رئيسا في وجبات الطعام اليومية. وأدت زيادة طفيفة في أسعار الخبز إلى انتفاضة شعبية في عهد الرئيس المصري الراحل أنور السادات في سبعينات القرن الماضي.

وأشار تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء إلى ارتفاع معدل التضخم في أسعار المستهلكين إلى 8.2 في المائة في فبراير (شباط) الماضي، في وقت قال فيه استطلاع آخر لآراء المواطنين إن نحو 90 في المائة يرون أن سبب زيادة الأسعار يرجع للوضع السياسي والاقتصادي المضطرب. وقال تامر النجار، رئيس شركة «تي إن إس» لشمال أفريقيا، التي أعدت الاستطلاع، إن فقدان الجنيه المصري أكثر من 10 في المائة من قيمته أسهم في ارتفاع أسعار السلع المستوردة وزيادة التضخم، مشيرا إلى أن 86 في المائة ممن تم استطلاع آرائهم يعتقدون أن زيادة الأسعار لن تتوقف وستتبعها موجة أخرى قريبا. وقالت مصادر الحكومة عقب اجتماع لها أمس إنها تولي قضية توفير السلع وضبط الأسعار أهمية قصوى بتوجيهات من الرئيس مرسي، مشيرة إلى أن الرصيد الحالي من القمح المحلي والمستورد بلغ 1.740 مليون طن ويكفى لمدة 71 يوما.

يأتي هذا بالتزامن مع مساع لزيادة رواتب موظفي الحكومة البالغ عددهم نحو 6 ملايين موظف بنسب تتراوح بين 20 و30 في المائة لمواجهة ارتفاع الأسعار. كما أنشأت الحكومة قبل أيام مجلسا لاحتواء التضخم وقياس الدخول وتوفير السلع.

وقال الدسوقي، الذي كان نائبا عن الدلتا الزراعية بشمال القاهرة: «نحن كحزب (الحرية والعدالة) نقوم بمجهود شعبي من خلال عمل أسواق بأسعار رخيصة لتوفير الاحتياجات اليومية للمواطنين»، مشيرا إلى وجود محاولات من البعض لشغل الحكام الإسلاميين بعيدا عن القضايا التي تهم الشعب، وعلى رأسها قضية الأسعار، وذلك بافتعال قصص عن خلافات مع الجيش ومع المعارضة. واستطرد الدسوقي قائلا: «نحن كحزب ليس لنا في الحكومة إلا 30 في المائة من الوزراء، والنسبة الأخرى تمثل كل أطياف الشعب رغم أنها ليست ممثلة للمعارضة»، وبالتالي: «لسنا مسؤولين وحدنا عن الوضع الراهن».

لكن عاطف قنصوه، الذي كان نائبا عن الدلتا أيضا، لا يرى في أسواق حزب «الإخوان» أثرا في تخفيف الشعور العام بارتفاع الأسعار، قائلا: «من الممكن أن يكون لهذه الأسواق أثر إيجابي في قرية أو منطقة، لكن غلاء الأسعار إذا كان شاملا وعاما، فإن مثل هذه الأسواق لن توفي بالغرض، لأن الدولة كبيرة، وهذا مستحيل»، مشيرا إلى وجود قلق لدى نواب التيار الإسلامي من انخفاض شعبيتهم، خاصة قبيل الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال قنصوه: «المواطنون كانوا يتوقعون بانتخابهم التيارات الإسلامية أن يتم القضاء على غلاء الأسعار، وأن يكون الوضع أفضل مما هو عليه الآن. وإذا استمر الغلاء أكثر من الحد المقبول، فلا شك أنه سيكون سببا من الأسباب التي تؤدي إلى فقد التيار الإسلامي بعضا من زخمه في الشارع المصري».