المعارضة السورية تجتمع في إسطنبول لمناقشة «السلم الأهلي» بعد الأسد

بهدف منع حوادث الانتقام المتوقعة بين شرائح المجتمع السوري بعد سقوط النظام

TT

قبل أيام من اجتماع أصدقاء سوريا، بدأت المعارضة السورية في مدينة اسطنبول التركية اجتماعا لبحث «السلم الأهلي» في البلاد التي يمزقها العنف السياسي والطائفي بعد أكثر من سنتين من اندلاع انتفاضة تحولت إلى العسكرة، وسط مخاوف من أن تؤدي الصدامات بين الطوائف إلى تقسيم البلاد على أساس إثني وطائفي.

في غضون ذلك، كرر رئيس الائتلاف الوطني أحمد معاذ الخطيب طرح فكرة «الحوار» مع النظام من منطلق أن «هناك وطنا لنا سيتركوننا نتصارع فيه حتى ينهار»، كما كتب ليل أول من أمس على صفحته الشخصية على «فيس بوك».

وانطلقت فعاليات مؤتمر «السلم الأهلي» بحضور أكثر من 250 شخصية سورية، بينها الخطيب ورئيس وزراء الحكومة السورية المؤقتة غسان هيتو، إضافة إلى عدد من الشخصيات الدينية والوطنية والسياسية القادمة من داخل سوريا وخارجها. ويهدف المؤتمر بحسب المعارضة السورية إلى «تشكيل مجلس للسلم الأهلي يضم كل الفئات السياسية والمكونات والطوائف السورية العلوية، والدرزية، والسنية، والقومية الكردية، والمسيحية».

ويشير عبد الأحد اسطيفو، عضو الائتلاف المعارض والمجلس الوطني، لـ«الشرق الأوسط»، إلى وجود حوادث على خلفيات طائفية في محافظة السويداء ومدينة رأس العين الكردية ومنطقة صيدنايا في ريف دمشق، مؤكدا أن «انعقاد هذا المؤتمر سيخفف من الاحتقان الطائفي في سوريا ويكفل مرور المرحلة الانتقالية بأقل الخسائر».

وأوضح عبد الكريم بكار، عضو الائتلاف الوطني ومسؤول اللجنة التحضيرية للمؤتمر، لـ«الشرق الأوسط» أن «هدف المجتمعين ليس إعطاء غطاء فكري وثقافي للقتلة والمجرمين الذين استباحوا الدم السوري وقتلوا الأطفال والنساء والشيوخ»، مشيرا إلى أن «أحد أهم أغراض المؤتمر منع حوادث الانتقام التي من المحتمل أن تحصل بين شرائح المجتمع السوري بعد سقوط النظام». وأكد بكار أن «الآلية القانونية التي سيتم اعتمادها في مرحلة ما بعد الأسد ستحمي الأبرياء من جميع الطوائف والإثنيات والقوميات، وفي الوقت نفسه ستحاكم كل من تلطخت أيديهم بدماء السوريين لأي طائفة انتموا». ولفت بكار إلى أن «جميع السوريين ممثلون في هذا الاجتماع، إذ جرت دعوة ممثلين عن 14 محافظة سورية يمثلون كل المكونات الطائفية والإثنية والعرقية في البلاد»، مشيرا إلى «عقد 4 ورش عمل تتحدث عن استراتيجية السلم الأهلي ووسائل ترسيخ الشعور الوطني وآليات منع الثأر والانتقام، إضافة إلى ورشة عن دور الإعلام في ترسيخ السلم الأهلي والأمن المجتمعي».

وأوضح اسطيفو أن «الآلية المتبعة لإرسال دعوات الحضور حاولت مراعاة التوازنات المناطقية والمجتمعية من ناحية الإثنيات والطوائف والمذاهب والأعراق»، مشير إلى أن «وجود ممثلين عن الجماعات والشرائح لا يعني امتلاكهم تمثيلا مطلقا داخل طوائفهم أو مناطقهم، فالمؤتمر هو محاولة تمهيدية للوصول إلى خطوط عامة حول موضوع السلم الأهلي». وعن إمكانية مناقشة مسألة الأقليات خلال جلسات المؤتمر قال «أكدنا كمعارضة بمختلف مكوناتنا على وجوب اعتماد دستور يعترف بالأقليات دستوريا وقانونيا، ويكفل حقوقها القومية والسياسية وفقا لمبدأ المواطنة والمساواة».

ويعتبر هذا المؤتمر هو الأول من نوعه الذي ينظمه الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية حول موضوع السلم الأهلي منذ اندلاع الثورة في البلاد، بهدف «دراسة المرحلة المستقبلية والعمل على السيطرة على مرحلة ما بعد سقوط النظام لتفادي وقوع نزاعات أهلية وطائفية»، ويستمر حتى مساء اليوم لاستكمال إجراء انتخابات داخل صفوف الممثلين عن المحافظات السورية لتكوين «المجلس السوري للسلم الأهلي» المكون من 16 عضوا، بحسب منظمي المؤتمر.

وكان الخطيب قد قال إن ما يحدث في سوريا «أكبر من الثورة وأكبر من النظام»، متهما أطرافا، من دون أن يسميها، بأنها ستترك السوريين «يتصارعون حتى تنهار» البلاد. وكتب متوجها للسوريين، أن «هناك من يحاول خنقنا جميعا.. لا تخافوا منهم إذا بقيتم يدا واحدة.. لا تثقوا في الدول واعتمدوا على أنفسكم.. لا أدري إن كنت سأبقى قادرا على الكلام أم ، الأمر أكبر من الثورة وأكبر من النظام». وأضاف أن «هناك وطنا لنا سيتركوننا نتصارع فيه حتى ينهار.. انفضوا عن تجار الحروب الأنذال، ومن عمل لهم إلا إشعال النار.. الثوار المخلصون كثيرون، منهم جائعون يأكلون بقول الأرض.. من يقول اهجموا وتقاتلوا أكبر مجرم بحق بلده، وهناك جهات ما تسعى لتدمير أي مرجعية للناس فلا تستجيبوا لها.. ابقوا يدا واحدة.. وسنكبر ببلدنا ويكبر بنا».

وكان الخطيب قد شكا في وقت سابق، عبر صفحته الشخصية، من وجود قرار من «أكثر من فضائية معروفة» بالتعتيم على أي كلمة يلقيها، وقال إن هناك من أصدر قرارا مكتوبا بمنع ظهور حتى صورة له منفردا.. متسائلا «هل هذا دليل على السير بشكل سليم أم ماذا؟!».