انتخابات مجالس المحافظات اختبار لاستقرار أوضاع البلاد

لن تجري في الأنبار ونينوى ومحافظات إقليم كردستان

عراقيات يلوحن بالعلم العراقي خلال تجمع انتخابي لصالح المجلس الإسلامي الأعلى حضره ببغداد زعيم المجلس عمار الحكيم أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

يصوت العراقيون السبت لانتخاب أعضاء مجالس المحافظات، في أول انتخابات منذ رحيل القوات الأميركية عن البلاد نهاية عام 2011، تمثل اختبارا لاستقرار أوضاع البلاد السياسية والأمنية. والانتخابات الحالية، هي الأولى منذ الانتخابات البرلمانية التي أجريت مطلع عام 2010، وتشكل اختبارا لمستوى شعبية رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي يخوض تنافسا مع شركائه السياسيين في حكومته الذين يتهمونه بالتفرد بالسلطة والتراجع عن الاتفاقات. في غضون ذلك، تتواصل المظاهرات منذ أشهر في محافظات الأنبار ونينوى وصلاح الدين ذات الغالبية السنية احتجاجا على سياسة تقويض العرب السنة الذين يتهمون حكومة المالكي الشيعي، بممارستها. وما زاد في توتر أوضاع البلاد، تصاعد موجة العنف خلال الأيام الأخيرة في عموم البلاد التي شهدت مسلسل عنف بلغ ذروته خلال عامي 2006 و2008 خلف عشرات آلاف الضحايا، أغلبهم من المدنيين. ولن تجرى الانتخابات في نفس اليوم في محافظتي الأنبار ونينوى، من أصل 18 محافظة في عموم البلاد، بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية، حسب تقدير الجهات الحكومية. فقد قتل 14 مرشحا لهذه الانتخابات في عموم البلاد، أغلبهم من مرشحي «القائمة العراقية» التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، خلال الأيام الماضية.

ولن يشارك الناخبون في أربع محافظات؛ هي كركوك المتنازع عليها، ومحافظات أربيل والسليمانية ودهوك التي تمثل إقليم كردستان العراق الشمالي شبه المستقل للتصويت في نفس اليوم. ففي كركوك، ما زالت الانتخابات المحلية معلقة بسبب الخلافات السياسية بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان الذي يسعى لاعتبارها جزءا من الإقليم. كما لا تجرى الانتخابات المحلية في محافظات إقليم كردستان، في ذات الوقت مع المحافظات العراقية الباقية، وستجرى في وقت قريب في الثامن من سبتمبر (أيلول) المقبل.

ويرى كرسبيت هاوس، مدير مجموعة «أوراسيا» الاستشارية لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا التي تتخذ من لندن مقرا لها، أن هذه الانتخابات «تبلور الاستقطاب على أسس طائفية، وأكثر من الانتخابات الماضية بالتأكيد». وأضاف أن «ما يحدث يروي المشكلة الأساسية في العراق، وأنا ما زلت أنتظر شخصا ما يمكنه إجراء حوار سياسي.. الفوارق (بين الأحزاب السياسية) على الأغلب ليست سياسية».

ويبدو أن العملية السياسية، منذ إجراء الانتخابات البرلمانية الماضية التي خاض بعدها السياسيون مفاوضات طويلة حتى توصلوا إلى اختيار رئيس الوزراء، تسير في طريق معقد، ونادرا ما يتفق على تشريع أي من القوانين منذ ذلك الحين. وكمحصلة لذلك، غالبية الناخبين لا يثقون بتحسن الأوضاع، خصوصا في ما يتعلق بسوء الخدمات الأساسية وفي ظل شيوع الفساد وارتفاع معدلات البطالة. وتتبنى مجالس المحافظات (التي تنتخب) تسمية المحافظين الذين يتولون مسؤولية الأمور الإدارية والمالية ومشاريع إعادة الإعمار، ومتابعة سير الأمور المحلية. ونادرا ما تسير الحملات الانتخابية باتجاهات آيديولوجية أو تركز على العملية السياسية، رغم تبني مجالس المحافظات الكثير من القضايا الخلافية. لذلك، تحشد الأحزاب المتنافسة الناخبين استنادا إلى الهوية الطائفية والإثنية أو العشائرية. ويقدر عدد العراقيين الذين يحق لهم التصويت السبت بنحو 13 مليون ونصف المليون، في الانتخابات التي يتنافس فيها أكثر من ثمانية آلاف مرشح للفوز بـ378 مقعدا. ورغم تراجع معدلات العنف في العراق مقارنة بذروة الحرب الطائفية، ما زال البلد يواجه تحديات أمنية كبيرة، يقف وراء أغلبها مسلحون سنة يرتبطون بتنظيم القاعدة وينفذون هجمات في محاولة لتقويض الثقة بالحكومة التي تقودها غالبية شيعية. ويتوقع فتح صناديق الاقتراع في ظل تصاعد العنف، بعد أن أدت الهجمات التي وقعت في عموم العراق إلى مقتل أكثر من مائتي شخص في كل شهر من هذا العام، وهو أعلى من معدلات الضحايا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2012، وفقا لحصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية. وأدت أعمال العنف الاثنين الماضي، إلى مقتل نحو خمسين شخصا، في موجة هجمات حولته إلى الأكثر دموية خلال الأيام الماضية من الشهر الحالي.

وتتولى قوات الأمن العراقية للمرة الأولى مسؤولية تأمين سير الانتخابات دون دعم القوات الأميركية أو الدولية منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003. ورغم تولي قوات الشرطة مسؤولية الحماية للمحافظات، تبقى الحكومة الاتحادية المسؤول الرئيس عن الأوضاع الأمنية للبلاد.