رؤساء حكومات لبنان يعلنون بطلان انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي

قرروا إبقاء اجتماعاتهم مفتوحة لصون الطائفة السنية

TT

رفع رؤساء الحكومات السابقون في لبنان، ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام، أمس، من لهجتهم اعتراضا على إجراء مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، معلنين أن «كل ما قد ينتج عن هذا الإجراء، المخالف للقانون، باطل بطلانا مطلقا».

ورغم مقاطعة معظم أفراد الهيئة الناخبة للانتخابات، والجدل الذي رافقها وصولا إلى إعلان بطلانها، فإن قباني أصدر بصفته مفتي الجمهورية ورئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، قرارا بالأمس يتضمن مصادقته على نتائج انتخابات المجلس.

وبالتزامن مع إصدار قرار المصادقة، اجتمع رؤساء الحكومة السابقون في السراي الحكومي بدعوة من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، حضره الرؤساء السابقون للحكومة: عمر كرامي وفؤاد السنيورة بصفته الشخصية وممثلا لسعد الحريري، ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام، بينما اعتذر عن الحضور سليم الحص لدواع صحية.

وأكد المجتمعون في بيان صدر عقب اللقاء موقفهم الثابت من أن «ما قام به سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، بإعلانه فوز أعضاء بالتزكية في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، إضافة إلى مخالفته للقرارات القضائية الصادرة عن مجلس شورى الدولة والقاضية بوقف تنفيذ الدعوة للانتخاب، أتى مخالفا للأصول والقواعد كافة، ولا سيما المتعلقة منها بالنصاب وكيفية إجراء الانتخاب، المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 18-55»، مشددين على أنه «سيبقى كل ما قد ينتج عن هذا الإجراء المخالف للقانون باطلا بطلانا مطلقا».

وعلم المجتمعون بأن «ميقاتي أعطى تعليماته بعدم نشر أي قرار في الجريدة الرسمية يشكل خروجا على منطق الدولة وسيادة القانون واحترام سلطة القضاء، وإبلاغ هذا الأمر إلى سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية».

وقرر رؤساء الوزراء الأربعة إبقاء اجتماعاتهم مفتوحة لمتابعة البحث في الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها للتصدي لهذه الممارسات، ولصون خط الطائفة الإسلامية السنية دائما، في سبيل أن يبقى مقام دار الإفتاء ومؤسساته منزها عن كل خلل أو خروج على الانتظام العام واحترام القانون والأحكام القضائية، ومساس بوحدة الطائفة ومصالحها العليا.

وأفاد ميقاتي بأنه سبق له أن أبلغ سماحة مفتي الجمهورية بأن «أي دعوة أو انتخاب لأعضاء في المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى تعتبر كأنها لم تكن، ولا تنتج أي مفاعيل من أي نوع كان، لأنها مخالفة للقرار القضائي الذي قضى بوقف تنفيذ انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، وكذلك للقرار القضائي الذي صدر، وبناء على طلب صاحب السماحة بالذات، وأكد فيه مجلس شورى الدولة على قرار وقف التنفيذ».

ويعد هذا البيان تطورا كبيرا من شأنه أن يضع حدا للأزمة المتواصلة بين مفتي الجمهورية وأعضاء المجلس الشرعي. ورأى عضو المجلس الشرعي المحامي محمد مراد أن ما صدر «يعبر عن حس عال بالمسؤولية بالتعاطي مع الأزمة التي يفتعلها سماحة مفتي الجمهورية، إذ أكد البيان بشكل واضح على تلك المخالفات التي يرتكبها المفتي، سواء على الصعيد القانوني أو حتى على مستوى مؤسسات دار الفتوى ووحدة المسلمين».

واعتبر أن النقطة الأهم في البيان، هي إعلانهم إبقاء اجتماعاتهم مفتوحة من أجل التدارس في الإجراءات والتدابير الواجب اتخاذها للحفاظ على مقام دار الفتوى والمؤسسات الدينية، وهو «رسالة واضحة للمفتي من أجل أن يعود عن خروجه على النظام العام والمس بوحدة الطائفة»، مشيرا إلى أن بيانهم «يؤسس لخطوات تدريجية تجاه هذه المسألة القائمة».

وعن هذه الخطوات، أشار مراد إلى أن بيان رؤساء الحكومات «تأسيس للبحث في خطوات قد تصل إلى إعفاء المفتي من منصبه، نسبة لأعمال خطيرة يحدثها بحق الطائفة والمؤسسات». ولفت إلى أن عزل المفتي أو إعفاءه من منصبه «يحتاج إلى آليات قانونية وإجراءات، وهذا ما سيكون مدار بحث وتواصل مع رؤساء الحكومات والمعنيين».

ويعود القرار في إعفائه إلى المجلس الانتخابي الذي يتشكل من رؤساء الحكومات، الوزراء والنواب الحاليين، وقضاة الشرع، المفتين وأعضاء المجلس الشرعي.

وبحسب القانون، يجب أن يتخذ قرار إعفاء المفتي 75 في المائة من أعضاء المجلس الانتخابي.

وأكد مراد أن هذا الواقع «فرضته تصرفات وأداء سماحة المفتي، والاستياء العام الذي انتاب أبناء الطائفة من خلال هذه السلوكيات التي تطال الجميع»، مشيرا إلى أن هناك رأيا عاما «تجسد في التصدي للمسار الذي يذهب فيه سماحة المفتي من خلال تلك المقاطعة الواسعة للهيئة الناخبة والرفض العارم لتصرفاته»، لافتا إلى أن ما ارتكبه مفتي الجمهورية اللبنانية يعتبر «جريمة قانونية تتخطى المخالفة»، وذلك «لمخالفته الأمر القضائي الصادر عن مجلس شورى الدولة، إضافة إلى ارتكابه مخالفة إعلان فوز الأعضاء بالتزكية، وهي ليست من صلاحياته».

يشار إلى أن مفتي الجمهورية في لبنان يتم انتخابه من قبل «المجلس الانتخابي»، ويبقى في منصبه حتى بلوغه سن الـ72 عاما. ووفقا لذلك تنتهي ولاية الشيخ قباني، الذي انتخب عام 1996، بتاريخ 14 سبتمبر (أيلول) عام 2014.