مصدر أردني لـ «الشرق الأوسط»: واشنطن ستنشر باتريوت على الحدود مع سوريا

الأسد يحذر الأردن من تداعيات سماحه لـ«إرهابيين» بالتسلل

بطارية صواريخ باتريوت المضادة للصواريخ، في جبل الكرمل شمال إسرائيل تعود إلى أكتوبر 2012 (أ.ب)
TT

في وقت حذر فيه الرئيس السوري بشار الأسد جارته الجنوبية، المملكة الأردنية، من تداعيات سماحها لـ«إرهابيين» بالتسلل إلى سوريا، متمنيا على الساسة الأردنيين أن «يكونوا أكثر وعيا لما يجري»، لأن «الحريق، (وفقا للأسد)، لن يقف عند حدود بلاده، بل سيشمل دول الجوار»، أقرت مصادر أردنية مطلعة بعمان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، بوجود قوة أميركية، قوامها 300 جندي، في الأردن تقوم منذ عدة أشهر بمساعدة نظيرتها الأردنية في التدريب على أجهزة اتصالات متطورة تكنولوجيا، ضمن المرحلة الثانية لمشروع مشترك أطلق عليه «مبادرة أمن الحدود المشتركة».

وأضافت المصادر أن «المبادرة» تشكل نقلة نوعية ومتقدمة في أمن الحدود وسلامتها، وأنها ستسهم بشكل فاعل في الحد من عمليات التسلل والتهريب، لا سيما أنها تشمل تركيب كاميرات إضافية وأجهزة رادار واستشعار أخرى لدعم وتعزيز قدرات نظام أمن الحدود، خصوصا على طول الحدود الأردنية - السورية.

وكان الأسد قد قال خلال مقابلة متلفزة مع إحدى القنوات الحكومية أول من أمس، إنه أرسل مبعوثا سياسيا إلى عمان، بشكل سري، قبل شهرين لاستيضاح الموقف هناك من الأعداد الكبيرة من المسلحين والسلاح التي تدخل سوريا عبر الحدود الأردنية. وأضاف أن مبعوثه «سمع كل ما من شأنه أن ينفي هذه المعطيات».

لكن الخسائر التي مني بها الجيش النظامي في درعا في الأسابيع القليلة الماضية استدعت إرسال مبعوث أمني، هذه المرة، إلى عمان للوقوف على أسباب تورط الأردن في كل ما يحصل، لكن المبعوث الأمني سمع من القادة الأردنيين ما سمعه سلفه السياسي، وهو أمر وصفه الأسد بـ«الكلام غير المقنع».

من جانبها، سارعت عمان، عقب اتهامات الأسد، إلى تأكيد موقفها الرافض لأي تدخل عسكري في سوريا، وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «موقف المملكة مما يجري في سوريا لم يتغير وهو ثابت ضد أي تدخل عسكري، ويدعو لحل سياسي شامل يوقف دوامة العنف والدم هناك». وامتنع المومني عن التعليق مباشرة على حديث الأسد، مشيرا إلى «تدارس الموقف، لأن لذلك تداعيات سياسية وأمنية» على المملكة التي تستضيف قرابة نصف مليون لاجئ سوري.

وتعليقا على تضارب المعلومات الصادرة من دمشق وعمان، قال اللواء الأردني المتقاعد مأمون أبو نوار إن «السياسة المعلنة ما زالت عدم التدخل في الشأن السوري، لكن السياسة الحقيقية باتت مختلفة، فالمملكة بدأت التجاوب مع الضغوط نتيجة لاعتبارات كثيرة».

وأضاف أن حشد القوات والإيحاء بالتحضير لعمل عسكري سيستفز نظام الأسد ويدفعه إلى «ضربات وقائية، ومن المحتمل بشكل كبير أن يستخدم أسلحة كيماوية».

وتؤكد المصادر المطلعة التي تحدثت مع «الشرق الأوسط» أن عدد القوة الأميركية سيرتفع خلال الأيام المقبلة إلى 500 جندي مع وصول قوة قوامها مائتي جندي ستنحصر مهامها في دراسة طبوغرافيا المنطقة والإشراف على الأجهزة الرادارية من أجل رصد حركة القوات الموالية للأسد والقوات المعارضة له، خصوصا «جبهة النصرة» التي أحرزت تقدما ملموسا في القرى المحاذية لهضبة الجولان المحتلة والمجاورة لمدينة درعا.

وتابعت المصادر قولها إن دراسة طبوغرافيا المنطقة تهدف إلى تحديد مواقع محتملة لنصب بطاريات صواريخ ستعترض الصواريخ الباليستية السورية في حال شن نظام الأسد هجوما على الأردن، إضافة إلى تدريب بعض الوحدات الأردنية على استخدام والتعامل مع الأسلحة الكيماوية وكذلك تأمين مواقع الأسلحة الكيماوية في حال سقوط نظام الأسد. وقالت المصادر إن الأردن طلب من واشنطن بطاريات الباتريوت خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الأردن، وقد وعدت الإدارة الأميركية بتأمين بطاريتين من قطر والكويت خلال الأسبوع المقبل. ومن المنتظر أن يصل وزير الدفاع الأميركي تشاك هاغل إلى عمان في الأيام المقبلة، في إطار جولة شرق أوسطية تشمل إلى جانب الأردن السعودية والإمارات ومصر وإسرائيل التي سيصلها في وقت متأخر من غد.

وكان هاغل قد استبق جولته بتصريحات اعتبرت أحدث مؤشر على أن الإدارة الأميركية لا تزال تخطط لمختلف الاحتمالات في سوريا، إذ قال خلال جلسة استماع أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ المخصصة لسوريا، إن احتمالات التدخل في سوريا لتأمين مخزون الأسلحة الكيماوية في هذا البلد تزداد يوما بعد يوم.

وأكد هاغل أن لدى وزارته «خططا جاهزة للرد على كل السيناريوهات الممكنة بشأن الأسلحة الكيميائية». وقال إن الأسد ومن يأتمرون بأمره سيكونون مسؤولين إذا لجأوا إلى الأسلحة الكيماوية أو أخلوا بواجبهم في تأمينها، لكنه تحفظ عن تحديد هذه «العواقب» أو الإشارة إلى المزاعم عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا.

على صعيد متصل، أكد مصدر مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أن التقارير الإعلامية والتصريحات التي أشارت إلى قيام الولايات المتحدة الأميركية بإرسال 200 عنصر من جنودها إلى الأردن - لا علاقة لها بالوضع القائم في سوريا. وأكدت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، في بيان صحافي أمس، أن هؤلاء الجنود هم المجموعة الأولى من مجموعات أخرى ستشارك في تمرين «الأسد المتأهب» الذي يقام بالأردن سنويا، وسيتم تنفيذه هذا العام في الأسابيع المقبلة، والذي تشارك فيه أكثر من 15 دولة عربية وأجنبية حتى الآن، وسيتم دعوة وسائل الإعلام لحضوره عند تنفيذه.