العراقيون يتندرون على صور وشعارات المرشحين للانتخابات المحلية

البعض يحن لسنوات صدام حسين

TT

«كيف ستتخلص بغداد من كل هذه (الهوسة)؟» يتساءل سائق سيارة الأجرة (التاكسي) بينما نحن عالقون في زحمة الساعة الثانية بعد الظهر بساحة التحرير وسط بغداد، وهو يشير إلى المئات من اللافتات الدعائية لمرشحي مجالس المحافظات الذين سيجري انتخابهم غدا في جميع أنحاء العراق باستثناء محافظتي الأنبار ونينوى وإقليم كردستان. يستطرد علوان محمد، 53 عاما، وهو يقود سيارته ببطء منتظرين المرور عبر عنق الزجاجة الضيق في نقطة تفتيش تقع عند مدخل جسر الجمهورية من جهة الرصافة، قائلا: «لي الفخر بأني لم أشارك في أي انتخابات حصلت في العراق، وبالتالي فإني لم ولن أساهم في وصول اللصوص والمخربين إلى مراكز السلطة»، ويقول: «انظر وبعد كل هذه السنوات من مشاركتي في الحرب العراقية - الإيرانية وحرب الكويت ومشاهدتي لفصل الاحتلال الأميركي لبلدي، والنتيجة أنا لا أملك دارا لعائلتي وأقود سيارة (سايبا) الإيرانية التي لا تصلح للسير في الشوارع، ثم يأتي هؤلاء بوعودهم الكاذبة كي يسرقوني ويسرقون لقمة أطفالي، وإذا اعترضت قالوا عني بعثي وصدامي»، ثم يسحب دخان سيجارته بعمق ويقول بما يشبه الهمس: «يا ليتنا بقينا على أيام صدام».

البغداديون يتندرون كثيرا على وعود المرشحين.. أحدهم كتب تحت صورته وهو يبتسم: «من أجل أن تكون بغداد مدينة عالمية»، الآخر قال: «(أتعهد) بتوزيع راتبي على الفقراء»، وهناك بعض الظرفاء مسحوا حرف الألف من دعاية انتخابية تقول: «محافظتي أولا» وحولوها بواسطة الـ«فوتوشوب» إلى «محفظتي أولا». ومن بين الآلاف من صور المرشحين وضع البعض صور زوجاتهم المرشحات وكتبوا: «انتخبوا زوجتي أم..»، أو عضوة برلمان تصدرت صورتها دعاية انتخابية وإلى جانبها صورة لزوجها أصغر حجما من صورتها وكتبت: «انتخبوا زوجي أبو..».

ويعلق الشاب عدي، 26 عاما، الذي التقيناه في حي الكرادة داخل، قائلا: «هذه الدعايات وما كتب بها إهانة واضحة للشعب العراقي، إنها تستغبي العراقيين المعروف عنهم ذكاؤهم وفطنتهم.. اقرأ الوعود وستعرف أنها كاذبة ومهينة بحقنا، بل شاهد الصور التي تستفز من ينظر إليها.. كيف سأنتخب مرشحة رفضت أن تظهر صورتها ووضعت بدلا عنها صورة زوجها أبو فلان»، مضيفا: «كنا في السابق نرى في شوارعنا صورة واحدة لصدام حسين، وهو وسيم ويستحق أن توضع صورته في الشوارع، واليوم نرى صورا لا يليق وضعها في شوارعنا وشعارات تهيننا». أساله إن كان من أنصار الرئيس العراقي الراحل، فيجيب بصراحة: «نعم، أنا لست بعثيا، فعمري لم يتح لي الالتحاق بحزب البعث، لكن والدي بعثي ومؤمن بأفكار حزب البعث وبصدام، لهذا سماني (عدي) تيمنا باسم نجل الرئيس صدام حسين». ومع أن هذا الشاب لم يلتق بصدام، بل إن عمره لم يتح له معرفته بصورة جيدة، إلا أنه يعتبر أن تمسكه وتشبث غيره بصدام ربما هي ردود فعل لما يجري في العراق منذ 10 سنوات، وعدي، مثله مثل كثيرين من أبناء جيله، أنهى الجامعة ولم يجد فرصة عمل، ويعتبر الطبقة الحاكمة سرقت فرصتهم بالتقدم. ويرى عدي أن «الإقبال على صناديق الاقتراع سيكون محدودا».

لكن رأي وسام، 43 عاما، وهو مدرس لغة عربية، يعارض رأي من سبقه، فهو يعتقد بأن «إقبالا جيدا سيكون على صناديق الاقتراع»، مشيرا إلى أن «هناك البعض من يتمنى عودة الزمن إلى ما قبل 2003، وهذا لن يحدث على الإطلاق»، ويقول: «الصورة باتت واضحة، الشيعة سينتخبون الشيعة، والسنة سينتخبون السنة، والأكراد ينتخبون الأكراد، ولا أعتقد أن تطورا دراماتيكيا سيحدث بحيث لا يفكر الناخب في أن هذا المرشح شيعي أو سني أو كردي وينتخبه لأنه مؤمن ببرنامجه الانتخابي، وأصارحك القول: أنا شيعي سأنتخب (الكتلة) والمرشح الشيعي، فهذه الانتخابات والتي ستليها لن تغير من واقع الحال الذي تكرس في الحياة السياسية».

جنان حسين، 48 عاما، موظفة في أحد المصارف، قالت: «أنا بالتأكيد سأنتخب امرأة، وأنا أبحث عن امرأة تمثلني بأفكارها المنفتحة وبآرائها في تطوير مدينتي بغداد»، مشيرة إلى صورة مرشحة حسناء لا تضع حجابا على رأسها ومبتسمة، وتقول: «بالتأكيد سأنتخب هذه المرشحة وهي عضو مجلس محافظة بغداد وسيرتها تؤكد أنها لن تتورط في سرقة أو تصرف طائفي».