إيطاليا: «الناخبون الكبار» يختارون رئيسا للجمهورية على وقع أزمة الحكومة

ماريني المرشح التوافقي للحزبين الرئيسين في البلاد يتجه لخلافة نابوليتانو

TT

بدأ أعضاء البرلمان الإيطالي بغرفتيه وممثلو المناطق، أمس، إجراءات اختيار رئيس جديد للجمهورية، على وقع أزمة تشكيل الحكومة. ولم يتمكن النقابي السابق فرانكو ماريني، الذي اقترحه الحزبان الرئيسان في البلاد لمنصب رئيس الجمهورية، من الفوز في الجولة الأولى «للناخبين الكبار». وحصل ماريني على 521 صوتا، أي الأغلبية المطلقة، لكنه لم يحصل على أغلبية الثلثين المطلوبة (672 صوتا) في جولات التصويت الثلاث الأولى يوم أمس. لكن يمكن الاكتفاء بالأغلبية المطلقة اعتبارا من الجولة الرابعة المقررة اليوم الجمعة. وحاز منافسه الرئيس ستيفانو رودوتا، خبير القانون الدستوري الذي رشحته حركة «خمس نجوم» الاحتجاجية، نسبة جيدة مع 240 صوتا، وهو رقم يفوق بكثير عدد نواب حركة خمس نجوم في البرلمان. وتوزعت باقي البطاقات بين بيضاء وباطلة ومؤيدة لشخصيات أخرى مثل رومانو برودي أو إيما بونينو. واستقبل فشل ماريني بتصفيق حاد من المتظاهرين اليساريين الذين احتشدوا أمام البرلمان لدعم رودوتا.

وكان البرلمان بكامل أعضائه وممثلو المناطق، أي 1007 «ناخبين كبار»، بدأوا صباح أمس تصويتا حاسما لإخراج البلاد من المأزق السياسي الذي تتخبط فيه منذ شهرين. وبعد مشاورات مكثفة توصل الحزبان الرئيسان، الحزب الديمقراطي (يسار) وحزب شعب الحرية (يمين)، مساء الأربعاء إلى اتفاق حول اسم فرانكو ماريني (80 عاما)، الديمقراطي المسيحي اليساري. واعتبر بيير لويغي برساني، زعيم الحزب الديمقراطي، أن ماريني الذي كان رئيسا لمجلس الشيوخ بين 2006 و2008 «سيكون قادرا على ضمان توافق بين قوى وسط اليمين ووسط اليسار». ومن جانبه، قال سيلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء السابق، لأنصاره في حزب شعب الحرية «نرى أنه أفضل حل ممكن في الوقت الراهن. ماريني ليس من يمين الوسط لكنه أثبت دائما أنه فوق الأحزاب». وقد مارس معسكر برلسكوني ضغوطا شديدة على برساني كي يتوصلا معا إلى خيار توافقي ويتفاديا بذلك مرشحا قد يكون مناهضا له في حين أنه قادم على عدة محاكمات قضائية. إلا أن إعلان هذا المرشح التوافقي بين الحزب الديمقراطي وحزب شعب الحرية سرعان ما أثار احتجاجا في صفوف اليسار. وقال ماتيو رينزي، عمدة فلورنسا والنجم الصاعد في الحزب الديمقراطي «إنه مرشح من القرن الماضي، هذا الخيار إهانة للبلاد»، متوقعا أن «يرفض العديد من الأشخاص التصويت له».

من جانبه، أعلن حزب اليسار والبيئة والحرية الحليف الأساسي للحزب الديمقراطي اليساري في الانتخابات أنه سيصوت لستيفانو رودوتا. وفي المقابل، وافقت رابطة الشمال، حليفة برلسكوني ووسط اليمين في الحكومة السابقة لماريو مونتي، على اسم ماريني.

ولا يتمتع الرئيس، في هذه الجمهورية البرلمانية الإيطالية، سوى بصلاحيات محدودة، لكن الرهان هذه السنة كبير جدا بسبب الأزمة التي نشبت إثر الانتخابات التشريعية يومي 24 و25 فبراير (شباط) والتي فاز فيها يسار الوسط بالأغلبية في مجلس النواب وليس في مجلس الشيوخ المنقسم بين ثلاث كتل: يسار بزعامة بيير لويغي برساني، وحزب شعب الحرية لسيلفيو برلسكوني، وحركة خمس نجوم للنجم الكوميدي السابق بيبي غريلو. وبالتالي تحكم إيطاليا منذ أربعة أشهر حكومة المستقيل ماريو مونتي الذي يتولى تصريف الأعمال بينما يقتضي الركود الاقتصادي والأزمة الاجتماعية ردودا عاجلة. ولا يستطع الرئيس جورجيو نابوليتانو الذي تنتهي ولايته في 15 مايو (أيار) المقبل والذي رفض الترشح مجددا بسبب تقدمه في السن (87 سنة) حل البرلمان وتنظيم انتخابات جديدة خلال الأشهر الستة الأخيرة من ولايته. وبالتالي سيواجه خليفته مهمة صعبة. وعلى غرار سلفه يمكنه تكليف برساني بتشكيل الحكومة على أمل أن يتمكن في نهاية المطاف من الفوز بثقة مجلس الشيوخ بفضل تصويت نواب غيروا انتماءاتهم. كما يمكنه تكليف شخصية أخرى أو حل البرلمان والدعوة إلى تنظيم انتخابات جديدة.