تركيا تستضيف اليوم لقاء لـ«أصدقاء سوريا» والمعارضة لا تطالب إلا بالسلاح

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: الخطيب سيبقى في منصبه بشروط

TT

في قصر أثري قديم على ضفاف البوسفور كان لسلطانة من بنات السلطان عبد الحميد، تجتمع مساء اليوم مجموعة «أصدقاء سوريا»، في محاولة جديدة للخروج بسوريا من الأزمة التي تعصف بها منذ أكثر من سنتين، ومن دون أن تبرز أي معطيات عن «تحول جذري» في سلوك المجتمع الدولي حيال هذه الأزمة.

وتذهب المعارضة السورية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد، ممثلة بالائتلاف السوري لقوى المعارضة والثورة السورية، إلى الاجتماع حاملة مطلبا واحدا أساسيا، وهو التسليح. وفي هذا الصدد، قال عضو الائتلاف أحمد رمضان لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن هذا المطلب هو وحده القادر على تغيير المعادلة لصالح الشعب السوري وتقصير عمر الأزمة ومعاناته، مشيرا إلى أن المطلوب من المجتمع الدولي، عموما، وأصدقاء سوريا، خصوصا، أن يقوموا بمد المعارضة بالسلاح النوعي أو تسهيل وصوله إليها، وكل ما هو غير ذلك لا يفيد.

ويدعم مطلب المعارضة السورية دول عربية وتركيا التي جدد حكومتها مطلبها القديم بإنشاء ممرات آمنة لتوصيل المساعدة الإنسانية للمدنيين السوريين. ونقلت وسائل إعلام تركية، أمس، عن أوغلو القول إنه «يجب على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حاسم إزاء مساعدة السوريين الذين يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة، وسط الصراع العسكري في بلادهم».

ولم يستبعد مصدر تركي رفيع المستوى تحدثت معه «الشرق الأوسط» حصول «مفاجآت» على صعيد تسليح المعارضة السورية، مضيفا أن «هناك تحفظات ومخاوف لدى بعض الدول، لكن الاتصالات تقدمت كثيرا، وقد يحدث الكثير حتى موعد الاجتماع في السادسة من مساء الغد (اليوم)».

وأوضح المصدر أن بلاده ملتزمة بشكل قاطع بالوقوف إلى جانب تطلعات الشعب السوري، وعلى أصدقاء سوريا أن يثبتوا بالفعل، لا بالقول، أنهم أصدقاء فعليون، من خلال مساعدة الشعب السوري على رسم خارطة طريق تساعده للخلاص من أزمته.

وأشار المصدر إلى أن بلاده قدمت الكثير لدعم هذا الشعب، وهي مستعدة للمزيد، لكن على المجتمع الدولي أن يتحرك بفاعلية لوقف شلال الدماء في سوريا. وقال: «أولوياتنا هي وضع حد لإراقة الدماء، وتحسين الأوضاع الإنسانية، ويمهد الطريق لبدء عملية سلام في سوريا».

وكان أوغلو قد حذر، في مقابلة تلفزيونية، أول من أمس، من أن نظام الأسد يستغل فرصة غياب الرؤية الموحدة للمجتمع الدولي ليسحق المناهضين له، مشيرا إلى أن «الجيش السوري أطلق أكثر من 200 صاروخ (سكود) على حلب، خلال الفترة الماضية»، واصفا هذه الاعتداءات بأنها «جريمة حرب». كما انتقد أوغلو الحظر المفروض على المعارضة السورية، قائلا: «أدى حظر مماثل فرض على يوغوسلافيا السابقة خلال حرب البوسنة في الفترة ما بين 1992 و1995 في مذبحة لمسلمي البوسنة على أيدي الصرب المدججين بالسلاح. والآن، فإن المجتمع الدولي يغض الطرف عن قتل السوريين».

وتتلاقى أمنيات المعارضة والدعوة التركية مع مساعي دول عربية ترغب في إرسال الأسلحة والذخيرة بشكل رسمي للمعارضة السورية، وعدم اقتصار المشاركة الغربية على «مهام التدريب وتقديم المساعدات غير المميتة».

لكن الدول الغربية لا تبدي حماسة اتجاه هذا الموضوع، إذ أفادت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» بأن الاجتماع في إسطنبول سيقتصر على «استمرار دعم مجموعة أصدقاء الشعب السوري للمعارضة في سعيها لترتيب شؤونها (الداخلية) وتثبيت (حضورها)، مما يعني مناقشة الاستحقاقات المقبلة وتشكيل الحكومة الانتقالية العتيدة والتطورات الميدانية والاستماع لما تقوله قيادة الائتلاف المدنية ممثلة بأحمد معاذ الخطيب، والعسكرية ممثلة باللواء سليم إدريس».

غير أن مصادر فرنسية رسمية أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن المجتمعين سيطلبون من الائتلاف «تقديم تصور واضح» للهرمية والتراتبية التي سيعتمدها، وتبيان شكل العلاقة التي ستقوم بين الائتلاف والحكومة، والعلاقة مع الأجنحة العسكرية وصلاحيات كل طرف.

وقبل كل ذلك، يريد المؤتمرون من أحمد معاذ الخطيب أن يوضح ما يريد القيام به، وإن كان ينوي البقاء في موقعه أم لا.

وأفادت مصادر دبلوماسية بأن الخطيب أبلغ أوغلو بأنه «يقبل البقاء 6 أشهر إضافية» على رأس الائتلاف، غير أنه، مقابل ذلك، يطالب بتوسيعه وبانضمام أطراف أخرى إليه، ومنها هيئات ومستقلون، من أجل توسيع قاعدته وقدرته على تمثيل المعارضة السورية.

وقد نشأ هذا الأسبوع في باريس تجمع سياسي جديد أطلق على نفسه اسم «القطب الديمقراطي»، وغرضه أن يكون الوازن في مواجهة القطب الإسلامي في المعارضة، وهو يضم علمانيين ويساريين.

من جانبها، طالبت الحكومة الألمانية القوى المعتدلة في المعارضة السورية بالابتعاد بشكل واضح عن الإسلاميين المتشددين.

وقال أندرياس بيشكه المتحدث باسم الخارجية الألمانية، أمس، إنه يتعين على الائتلاف الوطني السوري أن ينأى بنفسه بوضوح عن قوى إسلامية متشددة داخل المعارضة. وتفيد معلومات مصادر دبلوماسية متقاطعة بأن هناك «تجاذبات» داخل الائتلاف «تغذيها التدخلات الخارجية والضغوط المتعارضة إقليميا ودوليا»، حول صلاحيات الحكومة.

وعلى هذا الصعيد، ثمة «مدرستان»؛ الأولى تطالب بصلاحيات موسعة للحكومة، بحيث يتحول الائتلاف إلى ما شبه «البرلمان»، بينما الثانية تريد حكومة بصلاحيات محدودة وتنفيذية، والقرار يبقى بيد الائتلاف وهيئته السياسية. ويميل الخطيب إلى الحل الثاني.

وفي باريس، قال سفير روسيا ألكسي أورلوف، في لقاء صحافي، إنه «يتعين العثور على قائد من داخل سوريا يتمكن من جمع المتقاتلين، وإطلاق المسار السياسي، وواجبنا مساعدته لوضع الجميع حول طاولة الحوار والتحادث، لأنه لا حلّ خارج هذا الحل».

كذلك دعا السفير الروسي إلى بروز شخصيات من داخل المعارضة السورية «تكون قادرة على لعب دور في سوريا الغد». لكنه أعرب عن أسفه لوجود «مرتزقة» داخلها، بينهم جماعة «القاعدة».

واللافت للنظر أن أورلوف أشار إلى أن الرئيس الأسد «ارتكب خطأ كبيرا عندما رد على الاحتجاجات عن طريق القوة»، في إشارة إلى بدايات الانتفاضة. وفي رأيه أن سوريا تحولت اليوم إلى «ساحة حرب بين السنة والشيعة»، كما أن رحيل الأسد «لن يعني نهاية الحرب».

ولذا، يرى السفير الروسي أنه لا خلاص خارج الحل السياسي الذي «سيحين موعده آجلا أم عاجلا، والأفضل أن يأتي في أقرب وقت».