مسؤول أميركي: «قاعدة اليمن» مصدر إلهام في تصنيع قنبلتي ماراثون بوسطن

العبوتان أعدتا بأجهزة بدائية مصنوعة من أواني ضغط مملوءة بمسامير ومسحوق أسود

TT

من المرجح أن تكون المتفجرات التي أودت بحياة 3 أفراد، وتسببت في إصابة أكثر من 170 شخصا، إبان ماراثون بوسطن يوم الاثنين، عبارة عن أجهزة بدائية مصنوعة من أواني الضغط العادية التي تستخدم في المطابخ، باستثناء أنها كانت مجهزة، بحيث تطلق شظايا معدنية حادة على أي أشخاص في نطاق الانفجار، وتلحق بهم تشوهات حادة، حسبما أشار إليه مسؤولو تطبيق القوانين يوم الثلاثاء.

تم ملء أواني ضغط بمسامير وعجل بلي ومسحوق أسود، وكانت القنابل موجهة من قبل نوع من أجهزة قياس وقت طهي البيض، حسبما أفاد به أحد المسؤولين.

بعثت التفجيرات الناتجة بشظايا معدنية تخترق الجلد والعضلات، لتدمر الأطراف السفلية لبعض الضحايا الذي لم يكن لديهم سوى بقايا ممزقة من الأنسجة تربط أجزاء سيقانهم، بعضها ببعض، حينما وصلوا إلى غرفة العناية المركزة بمستشفى ماساتشوسيتس العام، حسبما صرح به الأطباء العاملون هناك.

وأشار مسؤولو تطبيق القوانين إلى أنه من المحتمل أن يكون قد تم إخفاء المتفجرات داخل حقائب من نسيج الدفيل الصوفي الداكن، أو حقائب ظهر وتركها في الشارع أو على أرصفة المشاة بالقرب من خط النهاية.

وأشار خبراء الطب الشرعي إلى أن تصميم ومكونات الأجهزة منزلية الصنع كان عاديا، ولكن علامة «6L»، التي تشير إلى حاوية سعتها 6 لترات، يمكن أن تساعد في التعرف على اسم العلامة التجارية والشركة المصنعة، الأمر الذي قد يقود إلى الوصول لمعلومات عن المشتري.

وظهرت تفاصيل جديدة تتعلق بالمتفجرات، مع إعلان الرئيس أوباما أن مكتب التحقيقات الفيدرالي يجري تحقيقا في الهجوم باعتباره «عملا إرهابيا».

غير أن مسؤولين أشاروا إلى أنه ليس لديهم مشتبه بهم محتجزون، ولم يعطوا انطباعا بأنهم على وشك اعتقال مشتبه بهم، حيث أشاروا مرارا وتكرارا إلى أن التحقيق ما زال في مراحله الأولى.

وقال ريتشارد ديسلوريرز العميل الخاص المسؤول عن مكتب التحقيقات الفيدرالي في بوسطن، في تقرير تلفزيوني، ظهيرة الثلاثاء: «لم يبت بعد في المشتبه بهم ودوافعهم». وأضاف أنه لم يزعم أحد مسؤوليته عن الحادث.

وبالنظر إلى قوة التفجيرات، أشار أطباء بالمستشفيات في المنطقة إلى أن عدد الوفيات كان من الممكن أن يزيد بشكل كبير، ولكن فرق التنقيب قامت بمهمتها كما ينبغي في نقل الضحايا إلى المستشفيات القادرة على علاجهم, بحسب «نيويورك تايمز».

وتعتبر بوسطن مقرا لبعض أشهر المؤسسات الطبية في الدولة. وأشار الأطباء في مستشفى ماساتشوسيتس العام إلى أنه لم يكن أي من المستشفيات ممتلئا عن آخره، مما سمح بدخول الضحايا بشكل سريع وإنقاذ حياة الكثيرين.

يُذكر أن بعض الضحايا كانت إصابتهم بالغة، إلى حد أن تأجيل متابعة حالتهم، ولو لبعض دقائق، ربما يكون مميتا، بحسب أطباء.

لقد رأى الخبراء أن نطاق الهجوم والطبيعة البدائية للمتفجرات تشير إلى أن منفذ الهجوم قد يكون فردا أو مجموعة صغيرة، وليس منظمة إرهابية معروفة، إضافة إلى عدم وجود أي شخص يزعم أنه المجرم.

يقول بروس هوفمان المتخصص في دراسة الإرهاب بجامعة جورج تاون: «ربما يكون هذا عملا قام به شخص واحد. وهذا يزيد من صعوبة تعقبه. حينما نمسك بإرهابيين، عادة ما يكون ذلك بسبب كونهم جزءا من مؤامرة، وتواصلهم بعضهم مع بعض».

وعلى الرغم من ذلك، فإن أحد مسؤولي تطبيق القوانين أشار إلى أن السلطات عكفت أيضا على دراسة العلاقات بين أواني الضغط وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، فرع تنظيم القاعدة في اليمن، وذلك لأن تصميم المتفجرات وُصف في عدد نشر في عام 2010 من مجلة «إنسباير» الإنجليزية التي تنشر على شبكة الإنترنت، حيث جاء في المقال المنشور تحت عنوان «اصنع قنبلة في مطبخ أمك»: «إناء الضغط هو أكثر الوسائل فاعلية. قم بلصق الشظية داخل إناء الضغط».

يتم تصميم أواني الضغط بحيث تطهي الطعام بسرعة تحت ضغط عال. وتعمل القنابل المخبأة في أواني الضغط حينما يتم وضع مسحوق متفجر داخل الإناء ويتجمع الضغط الناتج حتى يتجاوز قدرة الإناء على احتوائه، مما يتسبب في وقوع انفجار بقوة هائلة. لقد استخدمت المتفجرات البدائية المصنوعة من أواني الضغط على نطاق واسع في هجمات وقعت في أفغانستان والهند ونيبال وباكستان، وهي دولة تنتشر فيها أواني الضغط، بحسب إشعار صادر عن وزارة الأمن الداخلي في عام 2010.

ولكنها قد ظهرت من حين لآخر في هجمات وقعت في الولايات المتحدة أيضا؛ كان لدى فيصل شاه زاد وهو مواطن أميركي قام بمحاولة لتفجير سيارة مفخخة في ميدان «تايمز» في مايو (أيار) 2010، إناء ضغط محمل بـ120 إصبعا متفجرا وسط المتفجرات المخبئة في سيارة رياضية متعددة الأغراض. انبعث من المتفجرات دخان، ولكنها لم تنفجر قط.

يمكن أن نجد التعليمات الخاصة بتجميع مثل تلك الأجهزة في عدة مواضع على شبكة الإنترنت، بما فيها «الكتب المتعلقة بفن المطبخ» المنتشرة بين المتطرفين المقيمين داخل البلاد، وأيضا مجلة تنظيم القاعدة، التي يمكن الوصول إليها بسهولة على شبكة الإنترنت. ومن ثم، فإن التصميم لا يشير بالضرورة إلى صلة بتنظيم إرهابي خارجي.

وأشار المسؤول الأميركي لتطبيق قوانين إلى أن إناء الضغط في بوسطن «قد تحطم تماما»، ولكن تبقى جزء كافٍ منه سليما على نحو يسمح بالتعرف على هوية الشركة المصنعة له.

ومن المعروف أنه يصنع نوع من أنواع أواني الضغط التي سعتها 6 لترات من قبل الشركة الإسبانية «فاغور»، التي (بحسب موقعها الإلكتروني) تعتبر خامس أكبر مصنع للأدوات المنزلية في أوروبا، ولها مصانع في 6 دولة، من بينها إسبانيا والصين والمغرب، وأفرع في عشرات الدول الأخرى.

وتبيع الشركة قرابة 50 ألف قدر سعته 6 لترات في الولايات المتحدة سنويا، بحسب سارا دي لا هيرا، نائب رئيس قسم المبيعات والتسويق بفرع شركة «فاغور» في الولايات المتحدة.

وأشارت دي لا هيرا إلى أنها ليست موقنة مما إذا كان المحققون قد أجروا اتصالات بالشركة. كما تعذر التحقق بشكل فوري مما إذا كان أي من الماركات التجارية الأخرى لأواني الضغط مطبوعا عليه «6L» بقعر الإناء.

وفي بوسطن، مع نهاية يوم الثلاثاء، قام كثير من العدائين، الذين يرتدون سترات باللونين الأزرق والذهبي بزيارات لقوة الشرطة التي تحاصر المكان في شارع بويلستون، ووقفوا لالتقاط صور بهواتفهم الجوالة. وجاء آخرون يرتدون سترات من ماراثونات سابقة، رمز إنجاز تحول في واشنطن إلى علامة على الترابط والاتحاد.

وقد أشعل مئات الأفراد، بينهم عدة عدائين، شمعة عشية الثلاثاء في منطقة حديقة بوسطن كومون. وقالت عالمة النفس سوزان سبرينغر: «كيف يصدق أحد أن هذا اليوم المثالي الذي يشهد احتفالا رائعا يمكن أن يتحول إلى دمار تام؟!». وقالت إنها ذهبت إلى هناك لأنها «أرادت إيجاد وسيلة يتحد فيها أفراد المجتمع معا».