مرسي يواجه أزمات داخلية متفاقمة ويلوح بتغييرات في الوزراء والمحافظين

مسؤول حكومي: لا اتفاقات نهائية مع موسكو بشأن القروض المالية وإمدادات القمح

الرئيسان المصري محمد مرسي والروسي فلاديمير بوتين خلال مؤتمر صحافي في العاصمة موسكو أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

يواجه الرئيس المصري محمد مرسي أزمات داخلية متفاقمة على المستويين السياسي والاقتصادي، أضيف إليها معركة مع المؤسسة القضائية. ولوح الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، أمس بإجراء تغييرات في وزراء الحكومة التي يقودها الدكتور هشام قنديل، وفي محافظي المحافظات. وبعد يوم من عودته من زيارة مثيرة للجدل قام بها مرسي إلى روسيا، قال مسؤول حكومي لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنه «لم يتم التوقيع على اتفاقات نهائية مع موسكو بشأن قروض مالية وإمدادات القمح».

وقال المحلل السياسي، الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الأزمات التي تواجه مصر اليوم أصبحت «كبيرة وعميقة، ويبدو واضحا للكل أن مصر أكبر من قدرة جماعة الإخوان على إدارتها»، مشيرا إلى أن الجماعة لم تتمكن، منذ حصولها على الأغلبية في مجلس الشعب (المحلول) أو منذ وصول مرسي للرئاسة، من حل أي مشكلة «بل الوضع الآن أسوأ مما كان عليه في أي لحظة سابقة»، مشيرا إلى أن أي تعديل وزاري محدود لن يكون ذا جدوى، وقد يزيد من تدهور الأوضاع.

وبعد أشهر من العنف والاضطرابات، يبدو للمراقبين أنه لا توجد أرضية سياسية قوية في مصر يمكن أن تعيد التوازن بين مجموعة التيار الإسلامي الحاكمة والمعارضين المدنيين. وتواجه جبهة الإنقاذ المعارضة التي تتكون من 12 حزبا، ويقودها الدكتور محمد البرادعي، إخفاقات متتالية بسبب زيادة الهوة بينها وبين الشارع، إضافة إلى الخلافات الداخلية بين قادتها. كما توجد خلافات تتزايد يوما بعد يوم بين جماعة الإخوان التي ينتمي إليها الرئيس مرسي، والتيار السلفي الذي عضده في الفوز بانتخابات الرئاسة الصيف الماضي، بسبب محاولات تقارب مرسي مع إيران.

وبينما عاد الرئيس المصري من روسيا دون وعود تذكر لمساندة المرحلة الانتقالية المضطربة التي تمر بها بلاده، وقفت جماعة الإخوان وحيدة تقريبا في المظاهرات التي دعت إليها تحت عنوان «تطهير القضاء»، يوم أول من أمس (الجمعة)، وخاض أنصارها مواجهات دامية مع ناشطين لا سلطان عليهم من جبهة الإنقاذ المعارضة، في وقت يقترب فيه الرئيس السابق حسني مبارك من العودة على ما يبدو إلى منزله بعد عامين من الاحتجاز و10 أشهر من حكم مرسي.

وقال الرئيس مرسي في حسابه على «تويتر» أمس، إنه «سيجري تعديلا وزاريا ويستبدل محافظين بآخرين»، لكنه لم يحدد وقتا لذلك، وكتب: «تعديل وزاري وحركة محافظين.. الأكفأ هو من سيتولى المسؤولية من أجل تحقيق أهداف الثورة». وتدافع جماعة الإخوان بشكل عام عن تجربة الحكم التي تتولاها حاليا بالقول، إن «فلول النظام السابق ينظمون ضد مصر ثورة مضادة ويشوهون صورة الإخوان والرئيس الإسلامي».

وأسقطت ثورة 25 يناير حكم مبارك مطلع العام الماضي، وتم بعدها السماح بتشكيل أحزاب دينية كان من بينها حزب «الإخوان» وأحزاب سلفية أخرى. وتصاعدت حدة التجاذب بين الأحزاب المدنية (يسارية وليبرالية) والأحزاب والتيارات الدينية التي حارب بعض قادتها في أفغانستان والشيشان ضد الاتحاد السوفياتي وروسيا.

وفي زيارته لروسيا طلب الرئيس مرسي من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إمدادات أكبر من الحبوب وقروضا مالية لكن يبدو أنه لم يحصل على أي منهما، بعد أن رد مسؤولون روس بالقول إن موسكو ستدرس طلب القرض وأنها قد تزيد إمدادات الحبوب لمصر. وقال مسؤول حكومي مصري تعليقا على الوعود الروسية، إنه لا توجد أي اتفاقات نهائية بشأن القروض المالية أو إمدادات القمح.

ومنذ توليه منصبه قام الرئيس المصري بزيارات لافتة إلى كل من إيران والصين وباكستان وروسيا، في وقت زاره في القاهرة عدد من حلفاء مصر التقليديين في الغرب، وشددوا أكثر من مرة على ضرورة حل الوضع السياسي المحتقن وبسط الأمن واحترام حقوق الإنسان والحريات، كشروط لتقديم مساعدات لمصر، بما فيها التوقيع على القرض المتعثر المزمع الحصول عليه من صندوق النقد الدولي، وتبلغ قيمته 4.8 مليار دولار.

والتقى مسؤولون أوروبيون وأميركيون مع البرادعي وقيادات سياسية أخرى، حيث تشترط المعارضة، للقبول بالحوار مع الرئيس مرسي، أو المشاركة في الانتخابات المقبلة، إقالة حكومة قنديل، وإقالة النائب العام، ووضع ضمانات لما يسفر عنه أي حوار مع الرئاسة.

ويرى الدكتور نافعة أن الوضع في مصر أصبح أخطر من أي وقت مضى. وقال: «الاحتياطي النقدي يتآكل بسرعة، والمواطن البسيط يرى أن أحواله تتدهور والأسعار ترتفع، والأوضاع الأمنية تتدهور، وكذا الخدمات التعليمية والصحية، والأهم أن الحكومة الحالية لم تدرك بعد حجم وأبعاد هذه المشكلة وبالتالي لا تستطيع أن تقترح الحلول».

وقالت مصادر في جماعة الإخوان، إن التعديل الوزاري الذي يسعى إليه الرئيس مرسي قد يكون محدودا، في وقت خرجت فيه تسريبات تشير إلى احتمال تغيير وزير العدل، أحمد مكي، ووزير الإعلام، صلاح عبد المقصود. وأن تغييرات المحافظين ستشمل عددا من محافظات القناة ومحافظات حدودية. وتقول مصادر الجماعة التي عقد مكتب إرشادها اجتماعا طارئا أمس بسبب الأوضاع غير المستقرة في البلاد، إن مكي لم يتمكن من إبعاد قضاة معينين في عهد مبارك، عن العمل، وإن عبد المقصود فشل في مواجهة الحملة الإعلامية التي تديرها قنوات خاصة (محسوبة على النظام السابق) ضد «الإخوان».

ومن شروط المعارضة أن تتم إقالة قنديل لا أن يتم تعديل وزاري محدود. وشدد الدكتور حسن نافعة على أن التعديل الوزاري الذي يقصده الرئيس مرسي، إذا جاء محدودا «فلن يقدم ولن يؤخر، وقد يؤدي إلى مزيد من التدهور». وأضاف نافعة: «المطلوب تشكيل حكومة وحدة وطنية والتركيز على قضيتين هما قضية الاقتصاد والأمن، ومنح كل الفصائل السياسية ضمانات مؤكدة بأن الانتخابات النيابية القادمة ستجري بضمانات تحقق الشفافية والنزاهة». وتابع قائلا: «ليس مهما إجراء الانتخابات بقدر ما يهم السيطرة على الوضع الاقتصادي والأمني لأن البلاد توشك على الغرق».

وفي غضون ذلك، قرر القضاء المصري أمس إخلاء سبيل مبارك المحبوس في سجن طرة جنوب القاهرة، في ثاني قضية يجري التحقيق فيها معه، وذلك بعد قبول تظلمه ضد قرار حبسه في قضية «الكسب غير المشروع» لكن محاميه فريد الديب قال إن الرئيس السابق (85 عاما) سيظل حبيسا على ذمة قضايا أخرى. بينما قال يسرى عبد الرازق، المحامي المتطوع للدفاع عن مبارك، بأنه «بريء وسيخرج من السجن قريبا، لأن القضايا ملفقة وفيها نوع من الانتقام السياسي»، خصوصا «بعد تدهور أحوال البلاد تحت حكم جماعة الإخوان».