بروكسل ترفع مستوى التعاون وتبادل المعلومات مع أنقرة للحد من تدفق البلجيكيين إلى سوريا

قاصر بلجيكي يترك مدرسته ويتجه إلى سوريا للقتال هناك

TT

لم يلجم إعلان الحكومة البلجيكية عن نيتها رفع مستوى التعاون وتبادل المعلومات مع نظيرتها التركية من تدفق المزيد من الشباب البلجيكي إلى سوريا عبر الحدود التركية للقتال هناك، إذ أعلنت إدارة مدرسة «أتينيوم الملكية» أن أحد طلابها، ويبلغ من العمر 15 عاما، تمكن من الهروب إلى سوريا بعد تجنيده من جانب منظمة ناشطة في هذا المجال. وقالت كارين هرمانس، مديرة المدرسة، أمس، في تصريحات للإذاعة البلجيكية «راديو 1»، إن اختفاء الطالب جرى تفسيره في بداية الأمر على أنه أمر غير مثير للقلق، ولكن الأمر تغير بعد أيام مع تلقيها تأكيدا رسميا أن اليافع جرى تجنيده من قبل تنظيم للمقاتلين في سوريا، طارحة السؤال الذي لم تستطع حتى الآن الإجابة عنه الدوائر الأمنية والسياسية والتعليمية في بلجيكا وهو: «كيف يمكن وقف عمليات غسيل المخ التي يتعرض لها هؤلاء الصغار؟» وتشتكي بلجيكا، التي يتجاوز عدد الجالية المسلمة فيها عتبة 500 ألف، من أن استمرار الأزمة في سوريا ستنعكس عليه سلبا في ظل تدفق الشباب البلجيكي المسلم إلى معركة إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. ويخشى صناع القرار في بروكسل أن تكون عمليات التجنيد تتم بشكل ممنهج عبر مؤسسات دينية في بلجيكا، لا سيما مناطقها الناطقة باللغة الهولندية، مما يعني دق نواقيس الخطر.

وسبق للشرطة البلجيكية أن داهمت 48 منزلا في أنحاء البلاد الأسبوع الماضي، واعتقلت 6 أشخاص بعد تحقيق استمر عاما بشأن جماعة إسلامية يشتبه في تجنيدها مقاتلين للصراع في سوريا. وقال الادعاء إن فؤاد بلقاسم، زعيم حركة الشريعة لبلجيكا، أحد الستة الذين اعتقلوا لكنه امتنع عن ذكر تفاصيل بشأن الآخرين مكتفيا بقوله إن شخصا عاد جريحا من سوريا.

وللتغلب على ظاهرة تدفق البلجيكيين إلى سوريا، عقد مجلس الوزراء البلجيكي المصغر أول من أمس اجتماعا عرضت فيه وزيرة الداخلية دويل ميلكيه بعض المقترحات للحد من هذه الظاهرة، لكن المتحدث باسم الحكومة قال في مؤتمر صحافي أعقب الاجتماع إن «حزمة القوانين والتشريعات المختصة بمحاربة الإرهاب والنافذة حاليا (كافية) لمواجهة التطرف العنيف وكذلك ظاهرة ذهاب الشباب البلجيكي للقتال في سوريا. وأشار إلى أن التركيز ينبغي أن ينصب على «التوعية ووقاية الشباب من خطر الوقوع في براثن شبكات متطرفة تسعى لتجنيدهم وإرسالهم للقتال» سواء في سوريا أو في مكان آخر. وأوضح بيان صدر عقب الاجتماع أن التشريعات النافذة في بلجيكا في مجال محاربة الإرهاب والتي تمت تقويتها، مؤخرا، تسمح باتخاذ إجراءات وتدابير «حازمة» لمحاربة كل أشكال التطرف ويتضمن المخطط 6 نقاط تتمحور حول العمل على مختلف المستويات المحلية والفيدرالية من أجل محاربة كل أشكال التطرف العنيف ومحاولات تجنيد الشباب لزجهم في صراعات خارجية.

وأجمع الوزراء المشاركون في الاجتماع على أهمية رفع مستوى التعاون وتبادل المعلومات مع تركيا بوصفها الدولة التي يتوجه لها الشباب قبل دخولهم الأراضي السورية، بالقول: «لا بد من تكثيف العمل مع تركيا بشكل أساسي وكذلك مع الدول المجاورة لتسهيل عملية تعقب هؤلاء»، كما رفض المجلس اقتراحا سابقا يقضي بسحب بطاقات هوية الشباب الذين «يشتبه بنيتهم التوجه إلى سوريا»، معتبرا أن في الأمر تقييدا للحرية الفردية.

وتنص التشريعات النافذة في البلاد على تجريم كل شخص ينشر أفكارا متطرفة أو يدعو لأعمال عنيفة أو يشارك في تجنيد أو تدريب آخرين للقيام بأعمال عنف داخل بلجيكا أو خارجها، وقد تصل العقوبات في بعض الأحيان إلى السجن 10 سنوات. وبحسب الإعلام المحلي، توجه تلميذان بلجيكيان إلى سوريا عن طريق تركيا في 4 أبريل (نيسان) خلال عطلة عيد الفصح، وأعلن ميشيل دو هيرد، مسؤول التعليم في إحدى بلديات العاصمة بروكسل، أن إدارة المدرسة وأسرتي التلميذين، البالغين من العمر 16 عاما، قد أكدوا له الأمر. واستند دو هيرد في كلامه على معلومات حصل عليها من أسرتي التلميذين وإدارة المدرسة، وقال: «نشعر جميعا بالدهشة، لأن التلميذين المذكورين لم يبديا في السابق أي اهتمام بالمسألة السورية، وكانا يتابعان دراستهما من دون مشكلات تذكر»، وأوضح هيرد أنه يمتلك معلومات تفيد أن شقيق أحدهما الأكبر كان ذهب في وقت سابق إلى سوريا، معربا عن اعتقاده أن الأمر شكل دافعا أساسيا لهما. وكانت قوات الشرطة البلجيكية قد نفذت حملة مداهمة واعتقالات واسعة قبل أيام في مسعى لتفكيك إحدى الشبكات الإسلامية المتطرفة التي يشك بضلوع أفرادها ومناصريها بعمليات تجنيد وإرسال شبان إلى سوريا. ويعتقد أن هناك نحو 200 شاب بلجيكي، بعضهم من القاصرين، يقاتلون إلى جانب مجموعات إسلامية «متطرفة» في سوريا، وهو ما يثير جدلا واسعا في أوساط المجتمع البلجيكي.