المعارضة السورية تنفي وجود تداعيات سلبية لتفجيرات بوسطن على ملف تسليحها

قيادي في «الحر» لـ «الشرق الأوسط»: لن نرتد على من يمد لنا يد العون

TT

أعلن الكرملين، أمس، أن الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي باراك أوباما اتفقا، في محادثة هاتفية، على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، عقب تفجيرات ماراثون بوسطن، الأسبوع الماضي. وذهب الكرملين أبعد من ذلك بالقول إن الزعيمين اتفقا على توثيق التعاون بينهما في هذا المجال، مضيفا أن «الجانبين أبرزا اهتمامها بتعميق التعاون الوثيق بين الأجهزة الخاصة في روسيا والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب الدولي».

ووفقا لمصادر مطلعة في واشنطن تحدثت معها «الشرق الأوسط».. «لا يرى بوتين فارقا بين تجربة نظام الأسد مع الإرهابيين وتجربة بلاده مع الإرهابيين في الشيشان». وتتوقع المصادر ذاتها أن مقارنة الأزمة السورية بالأزمة الشيشانية وما تخلفانه من آثار على الأمن والسلم العالميين ستشكل محور النقاش بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، اللذين سيلتقيان على هامش اجتماع مجلس «روسيا - الناتو» المقرر عقده في 23 أبريل (نيسان) الحالي.

وعلى الرغم من التباعد الزمني بين أحداث كلا البلدين، فإن تسلسل الأحداث في سوريا والشيشان متشابه إلى حد ما، وفقا لبعض المراقبين، فكلاهما اعتبر على مدى قرون طويلة معقلا للتيار الصوفي السني التقليدي الذي ينبذ العنف، ويسعى لأن يكون حركة اجتماعية أكثر منها سياسية، إلا أن تطور الأحداث إبان حرب الشيشان الأولى (1994 - 1996) والثورة السورية، التي انطلقت في مارس (آذار) 2011 أدت إلى ضمور هذا التيار مقابل «تضخم» دور التيار السلفي كحركة عسكرية تسعى لتغيير الأنظمة وتحقيق «دولة الإسلام» باستخدام العنف.

وينصب في هذا السياق إعلان إقامة «الإمبراطورية الإسلامية في شمال القوقاز، ومركزها الشيشان»، عام 1999 على يد «الجماعة الإسلامية في داغستان»، وإعلان دولة الإسلام في بلاد العراق والشام على يد أبي بكر الحسيني القرشي البغدادي، زعيم دولة العراق الإسلامية، في 10 أبريل الحالي. ونقطة الالتقاء الثانية هي إقرار الولايات المتحدة بأن بعض التشكيلات المقاتلة في كلا البلدين هي ذات طابع «أصولي» وتاليا ينبغي إدراجها ضمن لوائح المنظمات الإرهابية التي تصدرها وزارة الخارجية الأميركية، إذ تعتبر واشنطن، ومنذ عام 2002، جماعات «لواء المهمات الخاصة الإسلامية»، و«ألوية حفظ السلام الإسلامية الدولية»، و«كتيبة رياض الصالحين» منظمات إرهابية انضمت إليها «جبهة النصرة» السورية في مطلع عام 2012. ومقابل هذا الفريق، ينادي فريق آخر بضرورة «التمرد» و«الجهاد» لإقامة دولة إسلامية حسب أحكام الشريعة الإسلامية.

لكن الدكتور رضوان زيادة المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية بواشنطن، يقول إنه لا وجه مقارنة بين ما يحصل في سوريا وما حصل في الشيشان، مضيفا: «قد يحاول بوتين استغلال هذه الفرصة لتبرير موقفه إزاء الثورة السورية».

وقال زيادة في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» معه إن «التشابه الوحيد بين سوريا والشيشان هو انتهاكات حقوق الإنسان من قبل القوات الروسية في الحالة الثانية، وقوات الأسد في الحالة الأولى». ويتوافق رأي العقيد المنشق في «الجيش السوري الحر» عارف الحمود مع رؤية زيادة، إذ يرى في هذه المقارنة بين «الثورة السورية وما حصل بالشيشان أو أي مكان آخر هو بمثابة مقارنة ظالمة للشعب السوري، الذي قام بثورة سلمية هدفها التغيير السياسي».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «موقف المجتمع الدولي المتفرج طوال أشهر حتّم تغير مسار الثورة ولجوء السوريين إلى من يدافع عنهم، وهذا ما يفسر احتضان الشعب السوري للجهاديين السوريين اليوم». ويعترف الحمود بأن «الساحة السورية هي ساحة حرب مفتوحة، وتستقطب كثيرا من المجموعات الخارجية، ذات الفكر الجهادي أو الأجندات الخاصة بها». لكنه في الوقت ذاته يؤكد أن «الجيش الحر» لا يتبناها، و«هو يقاتل من أجل هدف واحد يتمثل في إسقاط النظام السوري القاتل».

وينفي الحمود بشدة إمكانية أن يرتد السوريون على كل من يمد لهم يد العون في مرحلة لاحقة، مشددا على أن «ذلك أمر مستبعد جدا». وقال: «صحيح أننا نخوض ثورتنا لوحدنا وصحيح أننا نراقب العالم، لكن لا يمكن للشعب السوري أن ينسى من سانده»، من دون أن يستبعد «انطلاق النظامين السوري والروسي وأجهزتهما الاستخباراتية، من وقوف شيشانيين خلف تفجيرات بوسطن، على الرغم من أن الولايات المتحدة سبق أن دعمت بلادهم، إلى الترويج بأن الدعم الخارجي، الأوروبي والأميركي، للثوار السوريين قد ينقلب عليهم في المستقبل».

وذكر أيضا أن النظام السوري مدعوما من روسيا كان أول من أطلق على ثوار سوريا تسمية «المسلحين» و«الجماعات الإرهابية»، علما بأنه لا يتوقف عن إطلاق عناصر ومجرمين من سجونه يشاركون في القتال داخل سوريا. وجدد الإشارة إلى أن «المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة في احتضان الساحة السورية لمجموعات مقاتلة من الجهاديين بسبب تخلفه عن دعم «الجيش الحر».

يشار إلى أن الاستراتيجية الروسية الصادرة في يونيو (حزيران) 2000 تؤكد أن روسيا تقوم بمسؤولية حفظ الأمن في العالم على المستوى الإقليمي والدولي، وتحذر من المزيد من الفوضى في المنطقة إن سيطر المتشددون الإسلاميون على الشيشان، وإذا حصلت الشيشان على استقلالها فإن نزعة التشدد الإسلامي قد تمتد خارج الشيشان، وهي الرواية ذاتها التي يقولها الأسد على المطالبين بإسقاط نظامه.