إقبال ضعيف على مراكز الاقتراع في الانتخابات المحلية العراقية وسط استهداف بعضها

رغم دعوات مراجع الدين إلى إنقاذها وتراجع المالكي عن حظر التجوال بالسيارات

عنصر في قوة مكافحة الإرهاب العراقية يراقب بينما يتوجه ناخبون إلى مركز اقتراع في مدينة الصدر ببغداد للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية أمس (أ.ف.ب)
TT

على نحو غير مسبوق، وبعكس التجارب الانتخابية الـ3 التي مر بها العراق خلال أعوام 2005 و2009 و2010، شهدت الانتخابات المحلية التي جرت، أمس، إقبالا ضعيفا في كل المحافظات إلى 12 المشمولة بالانتخابات.

وبينما أدلى كبار المسؤولين - ومنهم رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ورئيس الوزراء الأسبق وزعيم القائمة العراقية إياد علاوي - بأصواتهم في وقت مبكر، فإن مراكز الاقتراع شهدت إقبالا ضعيفا في ساعات الذروة الصباحية.

وفي حين كان متوقعا أن يزداد الإقبال الناس على مراكز في ساعات ما بعد الظهيرة، إلا أن الحال بقي على ما هو عليه.

حظر التجوال المفروض على المركبات ساهم إلى حد كبير في ضعف الإقبال، الأمر الذي دفع رئيس الوزراء إلى الإيعاز برفع حظر التجوال في كثير من المحافظات الوسطى والجنوبية باستثناء العاصمة بغداد، التي فيها ربع سكان العراق. وفي وقت لاحق أمر المالكي برفع الحظر عن بغداد أيضا.

وبدت بغداد، صباح أمس، مدينة أشباح إذ أغلقت المحال التجارية والمؤسسات كافة، وخلت وشوارعها من الازدحام اليومي، حيث تجولها السيارات المرخصة فقط إلى جانب سيارات وآليات الشرطة والجيش، وخضع الناخبون للتفتيش مرتين قبل دخول مراكز الاقتراع. ومع انطلاق العملية الانتخابية صباحا، تعرضت 3 مراكز انتخابية في محافظتي بابل وصلاح الدين إلى هجمات متفرقة بقذائف الهاون، بينما استهدفت 3 مراكز متفرقة بالعبوات الصوتية، دون أن تؤدي هذه الهجمات إلى وقوع ضحايا.

وعلى الرغم من رفع الحظر عن سير المركبات في العاصمة، فإن القائمة العراقية، قالت إن «هناك مناطق كثيرة في بغداد ومحيطها، ولأسباب طائفية، تمت محاصرتها بإجراءات قسرية للحد من توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع».

وقال عضو البرلمان العراقي عن قائمة «متحدون» مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «كل مناطق الكرخ، وبدءا من منطقة التاجي حتى المحاويل شمال محافظة بابل، حصلت عليها ضغوط من قبل القوات العسكرية، أعاقت وصول الناخبين، وهو أمر في غاية الخطورة». وأضاف: «لقد ناشدنا القيادات الأمنية والعسكرية»، واعتبر الجنابي أن «عدم إقبال الناس على مراكز الاقتراع يعود بعضه إلى شعور الناس باللاجدوى من التجارب السابقة، وفي جانب آخر منه إلى محاصرة الحكومة لمناطق بكاملها».

بدورها، اعتبرت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن «العزوف الذي يعتبر سمة أساسية لهذه الانتخابات أمر متوقع، وسبق أن حذرنا منه».

وقال ضياء الأسدي الأمين العام لكتلة الأحرار الصدرية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن من بين أهم الأسباب وراء هذا العزوف هو «فشل التجارب السابقة، سواء على مستوى البرلمان أو المجالس المحلية، لذلك فإن المواطن أراد أن يعاقب السياسيين».

وفي محاولة منهم لإنقاذ هذه الانتخابات، فقد أصدر المراجع الشيعة الأربعة الكبار (علي السيستاني ومحمد سعيد الحكيم واسحق الفياض وبشير النجفي) دعوات لحث الناس على التوجه إلى صناديق الاقتراع، وهو ما فعله أيضا مفتي الديار العراقية رافع الرفاعي.

وقال رئيس الوزراء عقب الإدلاء بصوته في فندق الرشيد بالمنطقة الخضراء المحصنة في بغداد: «كل مواطن ومواطنة، رجل كبير أو صغير، شاب وشابة، يظهرون أمام الصندوق ويلونون أصابعهم، يقولون لأعداء العملية السياسية إننا لن نتراجع». وأضاف: «أقول لكل الخائفين من مستقبل العراق والخائفين من عودة العنف والديكتاتورية إننا سنحارب في صناديق الاقتراع»، موضحا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «هذه رسالة طمأنة للمواطن بأن العراق بخير ورسالة إلى أعداء العملية السياسية». وتابع المالكي: «هذه أول انتخابات منذ الانسحاب الأميركي، وهي دليل على قدرة وصلابة العملية السياسية، وقدرة الحكومة على أن تجري مثل هذه الانتخابات (...) لقد أصبحت لدينا خبرة في إجراء الانتخابات».

ودعا المالكي السياسيين العراقيين إلى إثبات «أنكم أهل لأن تقودوا بلدا كالعراق في هذه المنطقة المعقدة». وسبق أن أكد دبلوماسيون غربيون أن مصداقية هذه الانتخابات تتوقف على نسبة المشاركة فيها.

ويتنافس أكثر من 8100 مرشح ينتمون إلى أكثر من 260 كيانا سياسيا على أصوات 13 مليونا و800 ألف ناخب للفوز بـ378 مقعدا في مجالس 12 محافظة، بعدما قررت الحكومة تأجيل الانتخابات في الأنبار ونينوى لفترة لا تزيد على 6 أشهر بسبب الظروف الأمنية في هاتين المحافظتين.

وتستثنى من هذه الانتخابات محافظات إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي، أي أربيل والسليمانية ودهوك، وكذلك محافظة كركوك المتنازع عليها، علما بأن نحو 37 ألف ناخب مهجر من مناطق أخرى يقترعون في 30 مركزا في هذه المحافظات الـ4. ويشارك في الإشراف على هذه الانتخابات 245 مراقبا دوليا، ونحو 60 ألف مراقب محلي، وفقا لتلفزيون «العراقية» الحكومي.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت تعطيل الدوام الرسمي اليوم في المحافظات التي جرت فيها عملية الانتخابات، وذلك من أجل تسهيل عملية نقل الصناديق. وطبقا لما أعلنته مفوضية الانتخابات، فإن عمليات العد والفرز سوف تجري في العاصمة بغداد فور الانتهاء من عملية الانتخابات، دون أن تحدد موعدا لإعلان النتائج.

ويعتمد المرشحون على أحزابهم وطوائفهم للفوز بمقاعدهم، وهو أمر ينسحب على الناخبين أيضا الذين غالبا ما يختارون المرشحين استنادا إلى الأحزاب التي ينتمون إليها وإلى الطائفة أيضا. وفي وقت لم يعلن أي كيان سياسي عن موقفه الانتخابي، إلا أن الكتل الشيعية الـ3 الرئيسة؛ دولة القانون والتيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي أعلنت أنها ستحقق تقدما ساحقا في هذه الانتخابات، بعكس القوائم التابعة للقائمة العراقية التي لم يعلن أي منها أي توقعات لأسباب يعود بعضها إلى المظاهرات في المحافظات الغربية، فضلا عن تأجيل الانتخابات في محافظتي الأنبار ونينوى.